جَائعة أنا...
لكن لا لدفء العابرين،
ولا لصدى لمسةٍ تأسر الجسد وتُطفئ عندها شمعة الحنين.
أنا أرتجف شوقًا إلى مرفأٍ
يُبحر بي على أشرعة الحكمة،
ويُظلّني برزانة عقل،
كجبلٍ حين تَميد الأرض بأهلها؛
يثبت، لا يذيقهم جَذَعًا، ولا يُميتهم أهوالًا.
أتسلّل إلى منافذ الأمان،
لا من عيونٍ تتّسع دهشة،
بل من عينٍ تُغمض على صدقي وتُصلي بإيمان.
كلما جررتُ خيبة القلب بعيدًا عن مَنالٍ لا يليق بعفّتي،
أهشّ على أطرافي
لأغنامٍ تربّت على رحابة الظن،
لم تخن، ولم تفرّ،
وسبحان من أوجد لها مرعى،
حتى أثارت عيون الأحباب.
وحين دبّ في نفوسهم الإعجاب،
شقّ عليهم المنام.
كيف لي أن أنام على وسادةٍ من ثقة،
أتلمّسها كطفلٍ في حضن أمه؟
ثم فجأة... تنهار الأذرع،
ويُنفى الحنان إلى اللامكان.
نَهِيقُ أكلِ الحقوق
هزّ في النفس شيئًا،
فَرَطَ عقد الأمان،
وأبكى أنثى لم تُخلق لتُساوم على سلامها،
بل تُحب المزيد، وأهلَ الإحسان.
أريد غيمةً لا تُمطر حبًّا، بل يقينًا.
أريد قطراتِ ندى
تُشيع قلبي مكتسباتٍ
نكهتها شَعبُ مرجان،
رغم قساوة منبته،
آخّاذٌ في كل حال.
أنا لا أُغني لجمال العيون،
بل أتغنّى بحارسٍ،
إذا مَسّ أحدٌ ذويه بسوء،
تصدّى له بقلبٍ لا يلين،
وسيفٍ لا يُشهر إلّا لحقّ،
والعفو من خِصال الإيمان.
أتغنّى بغيمات الشوق
التي لا تُبلّل جسدًا،
بل تروِي روحًا
عطشى للصدق في زمن الرخص،
هِرْجٌ ومَرْجٌ بكل مكان.
أريد أن تَمتلئ الأرض بخصال الخير،
أن يُحلَّ الرغدُ مكان الخصام،
ويَسكن السلامُ جداول القلب.
أريد....
روح مريم،
طمأنينة الكهف،
وسكينة السماء.
لا أدري أين أضع كلماتي،
أتخبط... أتهجّى الحروف،
أطرق أبوابًا من غيم،
أرجو نفحةً،
سكينةً تهبط على صدري،
وتهمس لي:
"سلامٌ عليكِ...،
لستِ وحدكِ، إنّ الله معنا."
لا تخافي ولا تحزني،
فهل نضيع وربنا الرحمن!؟.