ينتابني هذه الأيام قلق عارم،
ليس لحدثٍ بعينه، بل لفظاعة المشهد، وتفاقم السقوط في هذا العالم الأزرق،
كأننا في مضمار جنون، يتسابق فيه الشباب: أيهم يبلغ قاع الضياع أولًا !
كنا نخشى الجرف الهار إلى نار جهنم،
فإذا بنا نرى أنفسنا نحدّق فيه كل يوم، وكأننا ألفناه!
تاهت البوصلة...
وانهارت القيم...
واشتد البلاء، حتى غدا الباطل زينة، والمعصية شطارة، والسقوط تحضّرًا!
تكالب الشيطان على الإنسان، فما عاد يحتاج إلى وسوسة،
بل جلس إبليس على دكة الاحتياط، تاركًا البيادق البشرية تنتشر سافرةً تقتلع بقايا الحياء والعقل.
أين القدوة؟ أين الأب؟ أين الأم؟
انهار السور، وتمزقت الحصون، وغرق النشء في طوفان التيه.
لم أعد أستطيع مجاراة هذا الجيل الناشئ...
غوغاء عارمة، ضلّ سعي من رعى أمرهم، وأفسدهم بيديه ثم تركهم لمصيرهم.
كنا نقول: هذا حلال، وهذا حرام...
ثم تراجعنا: هذا عيب، وهذا متاح...
ثم انحدرنا: هذا عادي...
حتى صرنا نقول عن السفه: طبيعي!
إننا نحتاج إلى وقفة صارمة،
نحتاج إلى تربية أنفسنا قبل تربية فلذات أكبادنا،
إلى أن نعود إلى كتاب الله، إلى تقواه، إلى رجفة الخوف من مقامه.
خارت قوى الرجال تحت أثقال لقمة العيش،
وزاحمتهم النساء في مضمار الرزق،
وتركنا أجيالًا تعيد بناء أخلاقها عبر منصات لا تعرف من القيم إلا أسماءها!
منصات تخلع عنهم لباس التقوى، وتكسوهم رداء الفجور والضياع.
أظن هذا العالم قد شارف على الانتهاء...
كقوم الحنّ والمنّ، لما ملأوا الأرض فسادًا، وسفكوا الدماء،
فأنزل الله عليهم ملائكته بالعذاب، واستبدلهم بخليفته الإنسان.
فلماذا لا نتعظ؟
لماذا ندع السفينة تُثقب ونحن على ظهرها؟
أم انتُزعت الرحمة من قلوبنا، وصارت أرواحنا خاوية إلا من بقايا تنازل؟
اللهم أصلح حالنا،
وارحم الأرض ومن عليها،
وانزل علينا بركاتك،
فقد صرنا أضل من الأنعام، وأبعد عن الفطرة، وأقرب إلى السقوط!