حين قرر أبي عودتنا لمصر والاستقرار بها بعد سفر دام لسنوات فقد ولدت وأخي في الغربة وهذه أول مرة لنا في مصر، لا أعرف هل سنعتاد على الوضع الجديد أم سيكون صعباً علينا بعد أن اعتدنا على العيش في بلد آخر ، اشترى أبي بيتا لنا ولكن البيت كان يحتاج لبعض التعديلات، فقرر أبي أن نمكث بعض الوقت في بيت جدتي لحين الانتهاء من تجهيز بيتنا الجديد.
بيت جدتي مكون من طابقين والطايق العلوي منه مكون من غرف نوم بينهما ردهة طويلة في نهايتها غرفة مغلقة، كنتكلما حاولت فتح باب هذه الغرفة لم استطع فتحها فذهبت إلى أبي اسأله لماذا هذه الغرفة مغلقة ولماذا لا يوجد لها مفتاح معه، أجابني أبي بأن جدتي قد ورثت هذا البيت عن أبيها وأنه كان بيت العائلة من الجد للجد وأنه منذ شبّ ابي وقد منعته جدتي عن دخول هذه الغرفة أو السؤال عنها.
اخترت أنا الغرفةالمجاورة لتلك الغرفة المغلقة وفي أول ليلة لنا في بيت جدتي وبعد ارهاق لنا جميعا في مساعدة أمي في تنظيف البيت، ذهب كل منا لغرفته لنستريح.
أما عني فكنت اشعر بقلق شديد في هذا البيت وبداخلي شعور بأن شيء ما يوجد خلف باب تلك الغرفة المغلقة.
بعد ساعات ومع قرب الفجر سمعت صوتا يصدر من خلف الباب، صوت طفلة صغيرة تبكي وتهمهم بصوت منخفض وكأنها تستنجد بأحد، أسرعت إلى غرفة أبي لاخبره عما حدث ولكن أبي فسر هذا بأنني قد تهيأ لي هذا من الإرهاق والتعب.
اوهمت نفسي بتصديق أبي وعدت إلى غرفتي إلا أن الصوت ظل مستمر إلى أن طلع النهار.
وتكرر هذا الوضع لليال متتالية، حتى قررت أن اكتشف سر هذه الغرفة المغلقة، انتظرت حتى نام الجميع، وتسللت إلى تلك الغرفة وحاولت مراراً وتكرارا أن افتح الباب، إلى أن نجحت اخيرا في فتحه وكانت الصدمة، فقد وجدت فتاة صغيرة تبدو وكأنها في الرابعة او الخامسة من عمرها مقيدة في عمرود سرير حديدي في منتصف الغرفة، وحين رأتني ظلت تردد اسم شريفة شريفة، فزعت كثيرا من ملامح تلك البنت لما يبدو عليها من خوف وتعذيب، أسرعت بالخروج واغلقت الباب من خلفي، مرت أيام وكل ليلة يتكرر الشيء نفسه وأنا في تردد من أن اخبر ابي بما يحدث، فغالبا لم يصدقني ابي.
ولكني اخيرا استجمعت شجاعتي واخبرت ابي بما حدث.
ظل أبي صامتا لفترة وبعدها قال شريفة، شريفة ده كان اسم أم جدي الكبير وهي تقريبا اللي بنت البيت ده.
انا طيب يا بابا ومين ممكن يكون يعرف حاجة عن حادثة مثلا حصلت في البيت ده زمان
بابا معرفش بس كان فيه حارس للبيت زمان واحنا صغيرين ومعرفش ممكن يكون موجود ولا يكون مات ولو موجود هيكون عارف حاجة تكون حصلت هنا زمان ولا لا
أنا طيب ممكن نسأل اهل البلد عن الحارس ده وممكن كمان يكون عايش ونقدر نوصل لسر اللي بيحصل ده.
بابا خلاص لما انزل بكرة لصلاة الجمعة أنا هسأل شيخ الجامع.
وفعلا تاني يوم نزل بابا وبعد الصلاة سأل شيخ الجامع عن الحارس واللي كان اسمه عم ابراهيم
شيخ الجامع.ياااه ي بشمهندس بس عم ابراهيم ده مات من كام سنة
بابا .. طيب متعرفش حد من أهله كان موجود معاه لما كان بيشتغل حارس لبيتنا زمان
شيخ الجامع.. ايوة الحاجة روحية مرات عم ابراهيم عايشة في بيت ضواحي البلد
بابا.. معلش يا شيخ ممكن تدلني على البيت ده
راح بابا ومعاه شيخ الجامع لبيت عم ابراهيم وكانت عايشة فيه الحاجة روحية لوحدها لأنهم مكنش عندهم اولاد ودار بين بابا والحاجة روحية هذا الحوار
بابا ازيك يا حاجة روحية مش فاكراني
- لا والله يابني العتب على النظر بقى معلش
بابا انا حسن ابن الجماعة اللي كنت بتشتغلي عندهم انت وعم ابراهيم
- ايوة ايوة افتكرتك ازيك يا حسن يابني يااااه ده العمر عدا بينا يابني وعمك ابراهيم مات من زمن
بابا ربنا يرحمه وبعد ما قعد بابا يفكرها بأيام زمان وسألها عن جدته الكبيرة شريفة كانت المفاجأة
- زمان أيام جدك الكبير اكتشفت جدتك شريفة إن جدك كان متجوز واحدة تانية وخلف منها بنت جدتك شريفة مسكتتش ومشت الست دي وخدت منها بنتها، وحبستها في اوضة في البيت من غير اكل ولا مياه وكانت دايما البنت بتقعد تعيط وبعد فترة غاب صوتها ومحدش عرف عنها حاجة بس جدتك وقتها قالت انها ودتها ملجأ.
رجع بابا واستنينا يجي الليل ودخلت أنا وهو الاوضة اللي فيها البنت وقربنا منها وبابا فك الحبل اللي كانت متقيدة به في السرير وأول ما قامت لقيناها نازلة تحت السرير عشان نكتشف انها كانت هربانة وماتت تحت السرير من غير ما حد يحس بها، وكان موجود تحت السرير ما تبقى من عظام ورماد جثة الطفلة، بابا جمع البقايا دي ودفنها في جنينة البيت علشان بعدها ينقطع صوت عياط البنت الصغيرة بعد ما ارتاحت روحها بدفنها، وده كان سر الغرفة المغلقة في بيت جدتي، ومن اليوم ده سيبنا البيت ومحدش رجعه تاني لحد النهاردة.