إن الإنسان عندما يعانى من أزمة نفسية سواء أكانت اجتماعية أو عاطفية أو اقتصادية أو غير ذلك -فالأزمات متعددة- نجده كيانا ضعيفا هشا من داخله، يتمزق قلبه، يشعر بثقل يقع على كاهله كأنه يمتطى ظهره، وإذا سيطر هذا الألم عليه يجعله تائها يشعر بالغربة والوحدة كمن يجوب بلادا لا يعرف فيها أحدا، وتصبح الممارسات اليومية مرهقة له، والدقائق تمر بالنسبة له ببطء عجيب كما أن الكلمة تؤثر فيه سلبا أو إيجابا بكل سهولة، وعادة ما يجهش بالبكاء إذا سأله أحدهم ماذا بك؟ فهو ليست لديه القدرة على إخفاء ما بداخله، وما يعانيه ظاهر وواضح للجميع لما يبدو على وجهه من علامات الحزن الدفين، كما أنه يبحث عمن يمد يد العون له، ليساعده على تجاوز محنته، ومن السهل أن يطلب الجميع منه أن يكون قويا ويتحمل ويصمد أمام ألمه ويواجهه، ولكن كيف وهو ضعيف؟ فإذا حاول ذلك فسوف يسقط بكل تأكيد، فلا أحد يشعر بمدى الألم الذى بداخله ومدى معاناته، ولنعرف أنه لن يستطيع أى إنسان قريب أو بعيد أن يخرجه مما هو فيه إلا هو نفسه، فعليه الابتعاد قليلا ليخلو بنفسه لإعادة ترتيب أفكاره من جديد ليجد مخرجا من أزمته، ويحاول استشعار القوة ورفع الروح المعنوية والإيجابية داخله حتى يستطيع الوقوف على أرض صلبة والخروج لمواجهة الحياة بكل ما فيها.
وعليه أن يخرج المارد الذى بداخله ويحارب الاستسلام والضعف ليستعيد نفسه ويقبل على الحياة مرة أخرى بشخصية جديدة. فالحياة نعمة من الله علينا التمتع بها.
ولكل إنسان طريقة مختلفة عن الآخر فى مواجهة مشكلته التى يمر بها، وكذلك قدرة تحمل مختلفة فهناك من يتجاوز أزمته بكل سهولة، وهناك من يعبرها بعد مروره بمراحل من الآلام، وهناك من لا يستطيع الخروج منها ويقف عاجزا أمامها إلى أن تنقذه عناية الله سبحانه وتعالى.