كلما وقفت أمام المرآة ونظرتُ إليها وتمعنت في صورتي، تتسلل من عينيّ كلماتٌ لا يسمعها أحد.
تدور الأحاديث داخلي بصوتٍ خافت، أدون ملاحظاتي على زجاجها بحبر صامت.
أنا لست مجنونة، لكنني أتأمل في زوايا لا تراها العيون، أبحث عني بين انعكاساتٍ لا تُشبهني تمامًا.
وجهٌ أعرفه جيدًا، لكنني لا أراه كما يراه الناس، فأنا أعلم مكنون قسماته، حين يبتسم خجلا، أو يتكسر من وجعٍ لا يروى.
أراه حين يُخفي دمعةً خلف سخريةٍ لاذعة، أو حين يتقمص القوة ليهرب من هشاشته.
أنا لا أُحادث نفسي عبثًا، إنما أبث سري لمرآتي التي أثق بها فتحفظه، هي لا تُقاطعني، لا تُدينني، تُنصت بشغفٍ لبوحي في صمت، تعكس ملامح وجهي وتُظهر الحقيقة التي أهرب منها حين أختلط بالضجيج.
هكذا، كلما وقفت أمامها أبدأ طقوس البوح:
أُعاتبني، أُربّت على قلبي، أُقنعني بأنني مازلت قوية، أستغرق معها بعض الوقت ثم أُغادر تاركة إياها تبتسم لي بطيفٍ من النور الخفيف.