وسط هدير المطر الذي يعزف لحنًا حزينًا على زجاج النافذة، جلست بجوار المدفأة على كرسي منجد تحتضن إحدى وسائده الوثيرة التي تبعث الدفء، تضع شالها على كتفيها، تتناول مشروبها الساخن، بجانب قدمها يرقد قطها اللطيف، تتأمل وهج النار المشتعلة، شاردة الذهن.
لم تنتبه عند دخوله إلى الغرفة؛ لكنها شعرت بأنفاسه الحارة خلفها، اضطربت دقات قلبها.
اقترب منها ببطء، وقف دون أن يتكلم. وضعت كوبها جانبا، قامت من سكونها واستدارت، تلاقت عيناهما بعد فراق طويل، ساد صمت مطبق حاملا معه كل الكلمات التي عجزا عن قولها.
همست بصوت منخفض يكاد يخفت مع نبضات قلبها:
-ظننتك لن تعود.
ابتسم ابتسامة هادئة أظهرت وسامته، وقال:
-كنت أبحث عن طريق لا ينتهي إليك. وفشلت... فكل الطرق وجدتها مؤدية إلى قلبك.
مدّ يده إليها، وضعت يدها الصغيرة المرتجفة فوق يده بخفة، نظرات عينيهما تتحدثان بكل كلمات الحب.
فتحت عيناها، فإذا بها نائمة على الكرسي، تلفتت حولها باحثة عنه، نهضت إلى النافذة، لا أثر له، المطر توقف، نار المدفأة انطفأ، أدركت أنها كانت في حلم لا تريد اليقظة منه.





































