حين يردّنا الله ردًا جميلًا، كأنما القلبُ كانَ ضالاً في غابةٍ من التيه، يجرُّ خُطاه بين أوجاعِ الندم وظلالِ الرجاء، حتى تنزّلت رحمةٌ من السماء تهمس في وجدانه: "يا عبدي، آن أوان الرجوع".
يا لجمال الردّ حين يكون من الله. فلا يكون قسرًا ولا عتابًا يؤلم، هو لطفٌ يسري في الشرايين، يغسل القلب من شوائب الغفلة، يزرع فيه يقينًا لا يتزحزح بأن الله لا يُضيّع عبدًا ناداه بشوق وألم الغياب.
الردّ الجميل أن تستيقظ فجأةً من سُباتك الروحي لتجد نفسك تصلي وقد اغرورقت عيناك بفيضان دموعك، ورغم أنك لم تبلغ الكمال، لكنك أيقنت أن النقص لا يمنعك من الحب، ولا يحجبك عن اللطيف. هو أن تتلو القرآن، وكأن كل آية كُتبت من أجلك، فعندما تردد -"إياك نعبد وإياك نستعين"- كأنك تقولها لأول مرة بنقاء طفل، بحاجة عاشق، برجاء مهاجرٍ إلى الرحمة.
الرد الجميل، ليس في عودتك فقط… إنما في الطريقة التي يُعيدك بها الله، دون خزي وإذلال، برفقٍ يُعانق روحك، كعناق أم لوليدها بعد طول غياب.
اللهم ردّنا إليك ردًا جميلًا… يعيد ترتيب أرواحنا، ويملؤها بالسكينة، يغسل عنها غبار الأيام، فلا يبقى فيها إلا نورك، وحبك، وشوق لقربك..