الكلمة مجموعة من الحروف، لكل حرف تأثيره وموسيقاه الخاصة به، فالكلمة ألحان يشدو بها قائلها، كما أن لها قوتها وسحرها وجاذبيتها، فهى تزلزل القلوب، "فالحياة" بكل ما فيها عبارة عن كلمة، و"الإنسان " بكل ما يحتويه من مشاعر كلمة، "الحب" كلمة و"الكراهية" كلمة، فالكلمة هى التعبير المادي عما يجول فى خواطرنا وما نشعر به فى دواخلنا، الكلمة شرف وميثاق وعهد، من يخن كلمته لا يخون الآخرين فقط بل نفسه أيضا، ومن تجرد من كلمته كأنه تجرد من إنسانيته، فلماذا لا نعتني بها ونصونها ولا نضعها إلا فى موضعها؟.
الكلمة لها مدلولها على شخصية الإنسان ونشأته كما تعبر عن مبادئه وأخلاقه وثقافته. ونجد تأثيرها عجيبا عندما تخرج إلى النور. فمن يراعي كلمته عند خروجها إنسان راق حساس يهتم بمشاعر الآخرين، فكلمة واحدة تحيي وتبعث الأمل والتفاؤل، وأخرى تحطم وتميت ومن الممكن أن تودي بحياة إنسان.
هناك من يدعون المثالية وأنهم لا ينطقون إلا حقا وأن الصواب حليفهم دائما وكأنهم ليسوا بشرا مثلنا يصيبون ويخطئون؛ وكلماتهم عبارة عن رصاص يخترق الأجساد ويمزقها ولا يتركها إلا وأشلاؤها تتناثر فى كل مكان، فعلى كل إنسان أن يكون على قدر ما ينطق من كلمات، فالإنسان يرحل و يبقى أثر ما تفوه به.
نحن جميعا نميل للكلمة الطيبة الرقيقة الصادقة العذبة التى لها تأثيرها فى الروح، والتى تهدأ من قلق وتوتر الإنسان وتؤسر النفوس وتملكها، وتجلب البهجة وتشفى الصدور وتضمد الجراح.
إنها الكلمة التى لها تأثير السحر تنير الطريق بوميضها وتهدي الحائرين. الكلمة لها حق علينا فيجب أن نختارها بعناية فائقة. ونتذوقها قبل أن تتحرك الشفاه لخروجها. فالكلمة الطيبة تظل أزهارها نضرة لا تذبل أبدا، ويتطاير شذاها ليفوح ويعطر كل مكان.