تحركت قدماها متثاقلة تجر خلفها حملا من الأحزان ذاهبة نحو الشاطئ لتبث شكواها لصديقها، رست على شاطئه، والقمر يلقي بنظراته عليها، وعندما همت بالحديث إليه، وجدته هائجا مضطربا، فانتظرت حتى يهدأ عنفوانه؛ وينصت إليها، بدأت تحكي ألمها، وقلبها يئن ويزأر من النيران المتوهجة داخله، نيران أتون مشتعل، ألقت بهمومها بين أمواجه المتلاطمة، انسابت دموعها بغزارة، فبكى صديقها من أجلها، واقترب منها رويدا رويدا، حتى ربت على كتفها وعانقها محاولا احتواءها، احتضنها بقوة، جذبها ناحيته، أمطرها بدموعه حزنا عليها. حاولت كثيرا أن تتملص من بين أحضانه؛ لكن قواها قد خارت، فاستسلمت له في النهاية، وذهبت معه، فأخذها إلى الأعماق، رقدت مستقرة في القاع هادئة مطمئنة، وقد لفظت نفسها الأخير، مبتعدة عن كل شيء في الحياة إلا صديقها الذي سيظل معها ولن يفارقها إلى الأبد.