مصابةٌ أنا بالفراق
كل شيء أحبه لا يُكتب له البقاء في الجوار
كأن الفراق ابتلائي في طريقٍ مظلمٍ عاري الأشجار
كأني غروبٌ ضائعٌ، فلا يلحقني ليلٌ، ولا يضيئني نهار
كم صمد ذاك القلب البريء، وكم توالت الهزائم بإصرار!
أخبروني معنى أن يظل أحبابكم بجواركم بلا إبحار
البقاء، يا لروعة الكلمة! ألا يغادرون، ماكثون بلا أسفار
إني أناديكم بحنين الفؤاد، ووجع الروح وكلِّي انكسار
رحلة العمر قد حان غروبها، فلتُرفع الحُجب والأستار
أعترف أني كنت الباقية دائمًا.. ألوِّن بالحنين الانتظار
أخبِّئ في دموعي، أُواري سوءة فراقكم، وأدفن الأسرار
وهل للراحلين قلوب مثلنا كي يتركوا الأحباب بلا أعذار؟!
غارقين في وحدة لا تنتهي، نهارهم جليد، وليلهم بلا أقمار
ربما مثلكم سأرحل في يوم بلا قلبٍ وأُولِّي الأدبار
ربما سأرحل يومًا مُغادرة رصيف الشوق في ذاك القطار
ربما على أقدامي هاربة بلا قيدٍ ولا ندمٍ قويةٍ كالأحرار
ربما طائرة بجناحين، يحملاني لعالمٍ يُنبت حياةً مع الأمطار
فما فائدة البقاء والأماكن خاوية، والقلوب قاسية، وخلتِ الديار؟
فلتذهب الرياح بما تحمل من عطورهم، هكذا كُتبت الأقدار
ننتهي مفارقين من نبتغي قربهم، ليردوا بعناقهم لنا الأبصار
فما عدنا كيعقوب، ولا هم كانوا قميص يوسف، فلينتهِ المشوار
فيا خيبة السنين لوعشنا الباقي من العمر ننتظرهم ونقتفي الآثار!