ولأول مرة في عمري
أعانق وحدتي بسلامٍ دفين
وأخطو داخلها
بلا جدال مع العالم
وبلا صوتٍ لعين
أيقنت أني وحدي
مهما قاومت ذاك العمر الحزين
إني ها هنا وحدي
إني ها هنا حرٌ سجين
تعلمت كيف تستكين القلوب
إلى الصمت وتستسلم لليقين
قاومت.. قاومت حتى ذُبحت
من الوتين إلى الوتين
عانيت.. عانيت، فلا معاناتي
لها صوت، ولا قلوبهم تلين
كُتبت عليّ خطىً سأمشيها
فعُلم الصراخ وما من منصتين
أغلِقوا الأفواه وكمِّموا الجراح
وكونوا صامدين
واقبلوا الأقدار وانتظروا
فالله لا يُخلف وعد الصابرين
ولن أنظر في أعينهم فأحِن لهم
فقلوبنا خُلقت من رقة الياسمين
أغلقوا أبواب وحدتكم جيدًا
فإنها تمطر وجعًا في قلوب العاشقين
لا تحِنُّوا لهم أبدًا فالخذلان
ما زال يلمع على نصل السكين
يا وتيني، كنت يومًا اختياري
وقدري وخذلان السنين
وكيف أعاني منك أبدًا
وكيف ليدك أن تغتال قلبي الأمين
والله ليس حزني على قتلي
ولكن كلما نظرت لعين القاتلين
كنت أروي صحراءك حبًا ورحمةً
وأُطعم فؤادك بالحنين
أحزنني أنك لا تملك مثلنا قلبًا، ولا تملك
مثلنا دمعًا، ولا خُلقت مثلنا من طين
إنما خُلقت من حجرٍ صوانٍ
لا يشعر، ولا يكسر، ولا يلين
قسوتك أكلت فؤادي
والدموع حفرت في الروح
نهرًا من أنين
يا هذا الرجل الصامت أبدًا القاسي دومًا
دعوت الله أن تصبح من العاشقين
فيثور بركان العشق في قلبك
فيحرق عمرك ولا ترتاح ولا تستكين
مثلما ابتُليت بحبك، وحرقت أيام عمري
وضاعت الروح في طريق العائدين
أخبروهم الآن أننا في الطريق
عائدين وحدنا.. عائدين وضائعين
يقودنا الألم ونحترق بلا صوت
خوفًا من عيون الشامتين
أخبروهم أننا كنا نستحق الحب
كل الحب وأن نغفو آمنين
يا أنهار عشقي التي روت زهورهم
حتى أصبحت حدائق رياحين
كيف رويت زهورهم بنقاء مائك
وعلى أنهارهم نموت ظامئين
لم نكن نستحق أن نُسجن فيكم
ونحيا منكسرين
أليس جزاء الحب حبًا
وجزاء الود ودًا ولين؟
إذن، كيف قُتلنا
وعلى أعتابكم قدَّمنا القرابين