لا عيبَ في شيبِ مولدِ الآمالِ
كنهرٍ ينسابُ في العشقِ رقراقِ
الشيبُ وقارٌ في حكمةٍ وتبصُّرٍ
ودفءُ عمرٍ في الحنايا يتدفَّقِ
الشيبُ ثمرُ صبرِ السنينِ وتجلُّدٍ
تضوعُ في ربُعِ الزمانِ الأعباقِ
رسمتُ في شيبي آمالَ أحلامي
وأنشدتُ عمري أغنياتِ الشوقِ
يبلغُ الفتى عندَ الشيبِ رشادةً
وعمرُه الأربعينُ سنامُ أخلاقِ
تزهو الحياةُ وتزهرُ في الهوى
ويُثمرُ الودُّ في القلبِ الخفّاقِ
الشيبُ والشبابُ زهرُ سنينِنا
وعطرُ أيامِنا ولياليه أشواقِ
أثمرَ الشيبُ على جبينِ عمري
شموعُهُ تهدي لدرْبٍ مُشرَاقِ
قال: لقد شِبتُ، والرحيلُ قريبٌ
وأعددتُ دمعَ وداعِ الصدِّيقِ
قلتُ: ابتدى عمري يزاحمُ نجمةً
وأتيتُ شوقًا للأماني بعناقِ
لا تحسبنَّ الشيبَ ضعفَ كهولةٍ
بلْ فجرُ شبابٍ وانطلاقُ إشراقِ
عصارةُ عمرٍ، والأماني نضجُها
وفي ثناياهُ الآمالُ والآفاقِ
فلا تَغتمَّ إن لاحَ فيكَ الشيبُ
فالشيبُ حيويةٌ لشبابٍ دفّاقِ