التقى هشام بصديقه هاشم، ورافقه ساعة في مشواره لحاجته الخاصة. وبعدما أنهى هشام مشواره والغايه التي كان يقصدها، ضم صديقه هاشم إلى صدره وعانقه، وقال له: إلى اللقاء يا صديقي، ولا أقول لك وداعًا، وافترقا. وما إن سارا خطوات حتى نظر هاشم إلى الخلف فرأى صديقه هشام الذي كان مستعدًا لأن يبيع حياته بثمن بخس فداءً له، ودمه وروحه رخيصة في سبيله. التقى بصديقه شهم، فرآهم وسمعهم يغمزون ويهمسون ويلمزون فيما بينهم مع ابتسامات الاستهزاء وقهقات السخرية. و شهم يقول لهشام : من لقي أحبابه نسي أصحابه، أرى بينكما حبلًا من الصداقة متينًا لا يتقطع.
أشبه بحبل من حديد. فقال هشام: أنت واهم يا صديقي، أنت صديقي ورفيق عمري وصغري، وهو صديق ورفيق درب يرافقني حتى أنتهي من حاجتي وغايتي. سويعات وينتهي الأمر، يرافقني في طريقي حتى لا أبقى وحدي. ما بيني وبين هاشم إنما هو حبل من جليد. بعد أن أخذ حاجتي وغايتي منه، تنتهي علاقتنا كما يذوب الجليد. وبحق الصداقة، أحمله مئة جميل، وأحمل عليه مئة بعير.
فلما سمع هاشم مناجاة الصديقين الحميمين، تعلم من صديقه هشام أول درس في الغدر والخيانة. فوضَعَ أصبعيه في أذنيه وسار مستغشياً ثيابه، والخزي والعار يملأ جوانحه من غدر وخيانة صديقه، وأنه قد طعن الوفاء بخنجر من غدر.
وذهب وقد خاب الأمل من صديقه وهو يحدث نفسه، وأنت منهم كذلك يا هشام.