ما زالت عبادة الأوثان في العرب
يتوارثون الذل للعُلوج كما
الأصنام
ولسنا في عصر جاهلي أعمى البصر
قد نَحَتُوا في عقولنا الجبان همام
في أرضنا يزرعون جور الظلم
وينجبون أبناء غدر خونة ولئام
لا جزية عليهم من دارهم وأنعام
عليهم ضعف زكاة من رغام
الجزية على من سرق الأوطان
من خائن جبان وغادر بالكرام
وإن كان مهذبًا بمذهب التزام
يُوحي إليك بأنهم إخوة إسلام
عقيدتهم نفاق ودجل في السلام
وبيع الأوطان زكاة أرواح الأجسام
يَنحنون ذلاً أمام كراسيَ صماء
يركعون طاعةً كخاتمٍ للحكام
وطأة الأغرابِ على أرضنا فَدَنَّستْ
برجسِها دماً طاهراً كرماءَ عِظام
ضحوا بدمائهم لبناء مجدٍ لنا
لأجيالٍ كُسالى عجزةٍ نيام
قد ارتجف الصخر لفعلٍ مغتصب
شرد أوفياءَ العرب قتلاً وإجرام
صاح الصخر غضباً في العدوي
في أقبح عباراتٍ من كلامٍ وشتام
والعرب في سابعِ أرضٍ كالنعام
ولد من رحم الأرض ثواراً للانتقام
رفضت أن تحضن رفاتِ جبناء
الخوف يلعنهم في منابرِ الأعلام
الجوع كافرٌ والكفر قد أسلم
وما زال الكافر يتخبط في الأوهام
الصدق زمنُ النفاق ضياعٌ وإجرام
والكذب تاجُ رجولةٍ لمنافقٍ نمام
قد أحرقنا العدل في نار ضرام
وفي الأرض الظلم نشيد الأنام
هتفنا به طويلاً قانونًا ونظام
دستور الظالم ختم بيد الحكام
رضينا به في أرضنا دستورا
نُطبقه في حياتنا سعادة ووئام
نجح الفساد في حياة الأنام
ولم يفلح إصلاح في حل خصام
قد استل الخوف سيفًا صارمًا
قاتل أشباحًا عكروا صفو الأيام
متى نحيا ونُحي قلوبًا ميتة
الخوف فينا تزمل في الظلام
يا أيها الحاملون من الحياة عناء
بصمت على سمٍّ بنكهة علقم
على رؤوسكم كبد الحياة وكدها
على رسلكم قد أوجعتم الألم
من العناء يعصرون دواءً وماءً
وينسجون الكد والكدح هندام
يكنزون شقاء الدهر على كاهلهم
أنحنى صُلب الدهر من الآلام
يا أيها الراقد تحت ظل الشمس
متوسد الأسى متلحف الظلام
تأكل من فضلات الحياة مرًا
متدثرًا بالألم تحتسي كأس علقم
إلى الحالمين بفتات من سعادة
لاهثًا متسلقًا على جدائل الأيام
ولم يذق بعدُ كسرة خبز يابسة
على طريق وعر مع عفن الإدام
لا زلتُ بين أعوامي أنازع الحياة
وحتى الرمق الأخير أطارد الأحلام
تولد على راحتيك أيها المنسي
المجهول من الماضي ومن الأيام
روايات عذاب وحكايات ضياع
بين غبار السنين العجاف الهَرَم
اعتزل الحياة إن لم تكن قادرًا
على العيش بين ظلال الظلام