جلست أمام المرآة، وضعت أمامها أشياء كثيرة، أدوات لا تشبه تلك التي تستخدمها امرأة عادية، تتزين لملاقاة زوجها.
رفعت شعرها للأعلى ليتسنى لها رؤية وجهها ورقبتها بوضوح.
أمسكت كيساً بارداً يبدو أنه قربة من الثلج، وضعته على عينها المنتفخة، ثم انتقلت إلى الكدمات المتفرقة في أنحاء وجهها وجسدها، ضمدت جراحها ببعض الشرائط الطبية اللاصقة.
تفعل هذا بمنتهى الرتابة، وبوجه جامد كأنها اعتادت الأمر.
كان عقلها يعمل كترس صدئ يتساءل دوماً عن اللحظة القادمة، وكيف ستخرج من معركتها التالية بأقل خسائر؟!
لم يخبرها يوماً عن حل لما تلاقيه، ولم يسعفها أو ينبهها بأنها لم تُخلق لهذا.
سمعت صوت أقدامه، لم تسمعها حرفياً ولكنها شعرت بالخطر فجأة، بمجرد اقترابه من الباب، يوقظ الشيء الوحيد الذي كان يعمل داخلها، ذلك القلب الخائف الذي ينقبض وينبسط في انفعال وكأنه يريد ترك مكانه والهرب، يريد تركها وحيدة. هو الآخر لم يعد يتحمل تلك المشاعر، أرهقه ذلك الشعور القاتل بالخوف ولا شيء غيره.
يعلم أنه خُلق لمشاعر كثيرة، لم يكن يعلم أنه ملك للإنسان الخطأ، إنسان تعود على مشاعر الخوف التي لم تغادره منذ سنوات.
جاهد كثيراً للخروج، لكن يبدو أن هذا قدره.
ابتعدت عن المرآة، التصقت بركن في تلك الغرفة التي تنغلق على كثير من الأسرار، ولكن هل تستحق كل الأسرار هذا النوع من التقديس والكتمان؟ تمنت لو تسللت بعض الأسرار من أسفل ذلك الباب ليعلم الجميع ماذا تعاني، ليشفق عليها أحد أو يحاول مساعدتها.
أمل خافت ومستحيل، كان من الأولى أن تساعد نفسها لأن أحداً لن يفعل ولن يشعر.
كلما اقترب منها يزداد خوفها، ويصر ذلك القلب على الهروب، يزداد قربه فيزداد إصرار ذلك الأخير على تركها وحيدة، وفي نفس اللحظة التي اقترب منها كان قلبها قد نجح في تركها، قطع كل ما يربطه بجسدها، فاستسلمت له وفارقت الحياة كما كانت تستسلم لأنياب ومخالب ذلك الوحش.
تمت.