استيقظتُ صباحًا عندما داعبت أشعة الشمس أجفاني. فتحتُ عينيّ ببطء، ثم أغلقتُهما سريعًا. شعرتُ بآلام تداهم رأسي كلما شرعتُ في فتح عينيّ. تحسستُ جبيني ورأسي، ولكن كان هناك شيء غريب: منذ متى لديّ هذه الغرّة الكثيفة؟
أحبّ أن يكون شعري كله بنفس الطول، وقد توقفتُ منذ زمن عن الاحتفاظ بغرّتي. أعدتُها إلى الخلف، لكنها ارتدت مرة أخرى لتلتصق بجبيني. شعرتُ بريبة عندما بحثتُ عن ضفيرتي ولم أجدها!
من فعل بي هذا؟ من قصّ شعري؟ أكره الشعر القصير جدًا. هذه ليست مزحة، وإن كانت، فستكون أبشع مزحة عرفها التاريخ.
قمتُ بفزع غير آبهة بآلام رأسي، واتجهتُ نحو المرآة بلهفة، لكنني لم أرَ نفسي! رأيتُ شخصًا آخر! حتى المرآة تمزح معي؟ ما هذا الهراء؟
العجيب أن هذا الشخص في المرآة يقلّدني تمامًا، كما أن لديه نفس العينين! نعم، هاتان عيناي، ولكن ما هذه اللحية الخفيفة والشارب؟
ليس وجهي فقط الذي تغيّر، أنا شخص آخر. عدتُ إلى فراشي، تدثّرت بالكامل، أغلقتُ عينيّ بعنف لأعود إلى النوم. لا بدّ أنني سأستيقظ من هذا الكابوس، ولكن هيهات!
نظرتُ داخل خزانتي، وقد تحوّلت أيضًا. أخذتُ ملابس اعتقدتُ أنني أحتاجها وتوجّهتُ إلى دورة المياه. سأُهيل على وجهي الكثير من الماء، بل سأغمر جسدي كله داخل حوض الاستحمام. الماء سيساعدني، سأستيقظ حتمًا.
خرجتُ بعد أن تأكدتُ أنني لا أحلم، حتى الماء لم يجدِ نفعًا.
كنتُ خجلة من ملاقاة الجميع، ولكن الغريب في الأمر أن لا أحد استغرب من مظهري الجديد.
– لماذا تقف مكانك؟ تعالى يا بُني لتناول الفطور.
هذا أبي؟ هل قال "يا بُني"؟ نعم، قالها. كنتُ أسأل وأجيب في الوقت نفسه.
– صباح الخير يا حبيبي، هيا تناول فطورك، اقترب موعد صلاة الجمعة.
هكذا قالت أمي!
حتى أخي... كنتُ خائفة جدًّا عندما رأيته يقترب. بالتأكيد سيطلب مني تلميع حذائه أو كيّ بنطاله، مع تحية معتادة: ضربة على رأسي أو على وجهي... مزاح ثقيل اعتدتُ عليه.
ولكنه لم يفعل، بل ألقى التحية وجلس بجواري وتحدث معي:
– صباح الخير، أريدك أن تذكرني بموعدنا في الصالة الرياضية في السادسة.
ماذا؟ الصالة الرياضية؟ منذ متى وأنا أذهب إلى الصالة الرياضية؟!
مهلاً... لديّ جسد رياضي! مع أنني أتذكر أن أقصى علاقتي بالصالة الرياضية كانت دفعي للاشتراك ثم انقطاعي التام بعدها، كنتُ أقضي وقتي في تناول الطعام ومشاهدة "منى رداميس" دون أي ذنب.
فتحتُ فمي لأُجيبه، لكن عندما خرج صوتي، شعرتُ كأن شاحنة انقلبت على أول الطريق. وضعتُ يدي على فمي وعنقي، وتحسستُ هذا الشيء البارز... تفاحة آدم!
ركضتُ باتجاه دورة المياه، حين هتفت أمي:
– حسام! حسام! ماذا بك يا ولدي؟
حسام؟ من حسام؟ نعم، أنا حسام! بالتأكيد تغيّر اسمي أيضًا! لماذا أستغرب؟
حاولتُ تجربة صوتي، أردتُ أن أبكي، لكن لماذا أشعر أنني أقوى من البكاء؟ لا! أريد أن أبكي. البكاء شيء مريح!
طرقت والدتي الباب:
– حبيبي، أنت بخير؟
– أنا بخير يا أمي، اطمئني.
قلتُها دفعة واحدة، لا أريد سماع صوتي.
ذهبتُ معهم إلى الصلاة. شعور غريب، لكنه جميل وروحاني لأقصى درجة، كأن قلبي يضيء!
المشكلة الكبرى حدثت بعد الصلاة: الجميع يُسلّمون، يُربتون على الأكتاف، وهناك عناق أيضًا! لا! لن أقدر على ذلك!
فطنتُ إلى أنني "رجل"، ولكن لن أسمح لهذا بأن يحدث. لم أعتد الأمر لهذه الدرجة!
ركضتُ بين الجموع قبل أن يراني أحد أو أضطر للاحتكاك بأحدهم.
ركضتُ كثيرًا حتى وصلتُ إلى جدار، استندتُ إليه براحة، التقطتُ أنفاسي، ثم استدرتُ لأُريح ظهري عليه.
ماذا سأفعل؟ أشعر بالغرابة!
فرحتُ حين رأيتها قادمة من بعيد. أردتُ التوجه نحوها ومعانقتها! صديقتي هبة الغالية! أريد أن أخبرها عن كل شيء!
لكنها ابتعدت عني، كانت خائفة، كأن وحشًا يهاجمها!
أردتُ الصراخ بها: "أنا صديقتك! لا تخافي!"
لكن هناك من أمسك بي بقوة:
– جننتَ يا رجل؟ تريد معانقة فتاة في الطريق وأمام أعيننا؟!
– يا لك من شخص حقير!
انقضوا عليّ باللكمات والضربات، وأنا أحاول التخلص منهم ولا أستطيع. ضيّقوا عليّ الخناق، حركتي مشلولة بالكامل.
من هذا الذي ينادي باسمي؟
سمعتُه يهتف من بعيد: "حَوّا، حَوّا، حَوّا، استيقظي يا حوّا!"
فتحتُ عينيّ بفزع، وأنا أُشهق كأنني كنتُ في عالم آخر.
عدتُ إلى سريري. نعم، أتحسس شعري، ألمس ضفيرتي، وأُقبّلها!
– ماذا بكِ؟ ماذا حدث لكِ؟
– الحمد لله، لقد عدت! عدتُ! أنا امرأة! أنا امرأة مرة أخرى! لا أريد أن أكون رجلًا!
– حبيبتي، ما هذا الهذيان؟ هل أنتِ مريضة؟
– لستُ مريضة. رأيتُ كابوسًا مفزعًا... كنتُ فيه رجلًا، بشعر قصير ولحية!
– عزيزتي... ليس حلمًا! من فعل بكِ هذا؟
– ماذا تقصد؟ شعري طويل، وها هي ضفيرتي! ألا تراها؟
– لا أراها... أنتِ تتخيلين بالتأكيد! ها هو شاربك ولحيتك!
ثم انفجر ضاحكًا حتى سقط على ظهره من كثرة الضحك!
– لستَ ظريفًا على الإطلاق! أنت شرير!