دخلت غرفتها، نظرت باتجاهه نظرة خاطفة، كان ممدداً على الأريكة داخل الغرفة، منهمكاً بالعبث في حاسوبه.
وقفت أمام المرآة تتأمل ما آل إليه حالها، نظرت بتمعن لبعض الشعيرات البيضاء التي بدأت في الظهور،
وإلى جسدها الذي أصبح ممتلئاً نسبياً بعد فترة زواج لا بأس بها ونتيجة للحمل والولادة.
ثم قالت فجأة:
_ سامي، هل ما زلت تحبني؟
أفاق من شروده على ذلك السؤال، نظر إليها نظرة سريعة، عاد إلى حاسوبه قائلاً دون تردد:
= بالطبع أحبك.
أعادت النظر إليه، تنهدت بأسى قبل أن تقول:
_ لكنني أتغير وأكبر بشكل مخيف.
كان هذا إنذاراً بنوبة اكتئاب قادمة. علم ذلك عندما أعاد النظر إليها فوجدها ما تزال واقفة في مكانها، تضيق ثوبها بيدها، تجعله يلتصق بجسدها، وتستدير لترى هدايا الزمن التي أمدت جسدها بتغيرات رأت أنها جسيمة.
ترك حاسوبه واتجه نحوها، نظر إلى المرآة بدوره ثم هتف قائلاً:
= يا الله، كم كبرت أنا أيضاً.
انتبهت إليه بكل جوارحها، قالت بعد أن فهمت خطته:
_ كف عن ذلك!
قال بمكر:
= ماذا فعلت؟
_ كف عن مجاراتي بهذه الطريقة، لست طفلة.
= كيف هذا؟ أرى أنك ما زلت طفلة ترفض أن تكبر، أو أن يغيرها الزمن.
حبيبتي، هذه سنة الحياة، كما أنك لم تتغيري بمفردك.
انظري إلينا جميعاً، لست ذلك الشاب الذي أتاكِ منذ سنوات خاطباً ودك.
_ ولكنك ما زلت شاباً.
ابتسم ابتسامة عذبة حنونة وضمها إليه بحب:
= انظري إلى أبنائنا، ثمرة حبنا، يكبرون أيضاً. عليك أن تكوني سعيدة بهذا. لم يمضِ عمرنا هباءً، لقد كونا أسرة سعيدة بفضل الله.
_ أعلم ذلك، لكن...
= لكن ماذا؟
_ ما زلت تحبني؟
= أحبك... أراها قليلة في حقك.
بل أهيم بك عشقاً.
أشتاقك حتى وأنت أمامي.
يا رفيقة دربي ونور أيامي.