تتراقص الخيالات أمامها، أضواء باهته أشباح تتحرك توجه لها أحاديث لا تعرفها تشعر أنها داخله حلم مبهم، تأتيها الأصوات على هيئة ذبذبات، حاضرة غائبة لا تدرك ما يحدث حولها.
ثم أظلم كل شيء.
لثم وجنتها برقة، ابتسمت تململت في فراشها بغنج، قبل أن تفتح عينيها بفزع تنبهت حواسها ما إن شعرت بأن ما يحدث حقيقة،
كيف وقد توفي زوجها! ولم تنتهي عدتها سوى من أسبوع، جالت بعينيها في الغرفة سريعا قبل أن تستقر على صفحة وجهه، لملمت الغطاء حول جسدها لتستقيم واقفة.
هتفت بغضب:
_ماذا تفعل بغرفتي؟
أسند ظهره على وسادة ثبتها خلفه قال بهدوء:
_أين تريدين أن يبيت زوجك
قالت باستنكار:
_ زوجي!
_عقدنا قراننا بالأمس فقط
_تكذب لم يحدث هذا الهراء بالتأكيد
ترك مضجعه وتوجهه إليها وقف أمامها حاول لمس وجهها، دفعت يده بعيدا عنها
هتفت بحنق:
_ حذاري أن تلمسني
_أحبك منذ زمن حتى قبل أن يخطبك أخي ويتزوجك، لو لم يسبقني لطلبت يدك قبله
فرت من عينيها دمعتان
_ أحببتني وأنا بحوزة أخيك والأن تنتهك حرمته بعد وفاته... أنت شيطان
_فعلت بعقد شرعي، أنت زوجتي الأن أمام الله والناس ووكالة والدك.
شهقت عندما سمعت كلماته:
_أين أنا من كل هذا!
عندما حدثتني والدتك عنك رفضت، ليس لعيب فيك لكن لأني كنت أراك أخي ظننت فيك شهامة ومرؤه، اعتقدت أنك تريد تربية أولاد أخيك لم أكن أعلم أني هدفك منذ سنوات
_ نعم أنت هدف وجهتي، كرهت نساء الأرض لم أستطيع رؤية غيرك سلبت عقلي
_أكرهك... اذهب.. اتركني بمفردي لا أريد رؤيتك، كن رجلاً لمرة واحدة مطلقي سأتركك حاولي أن تهدأي سأعذرك لأنك تحت تأثير الصدمة
تجاهلت قوله لتسأل:
_أين أولادي؟
_عند جدتهم
أجابها باقتضاب، تركها وذهب فانهارت وشرعت في بكاء مرير حاولت تذكر أي شيء لكنها عجزت عن ذلك راودتها العديد من الخيالات الباهتة تذكرت حديثه معها لقد ذكر والدها قال أنه وكيلها، اغتسلت وارتدت ملابسها، ذهبت تستفسر من والدها عم حدث واجهته بالأمر فلم يستطع النظر في عينيها.
_لماذا يا أبي؟ أخبرتك عن عدم رغبتي بالزواج مرة أخرى
_تحتاجين لرجل مازلت صغيرة
_وهذا يعطيك الحق بأن تخالف رغبتي و تزوجني رغما عني! الغريب أني لا أتذكر ما حدث في هذا اليوم، لا أذكر سوى زيارتكم لي
_ كنت تعانين من الدوار لكنك وافقت ووقعت العقد.
تركته وذهبت لم تنطق ولم تلق السلام انصرفت في صمت.
ذهبت لرؤية أولادها فرحوا جدا عند رؤيتها ارتمى الصغيرين في أحضانها، بينما تركها ابنها الكبير برفقة أخويه، دلف إلى غرفة أخرى، قبلت الصغار وتركتهم خلفها لتذهب إليه، لاحظت إحجامه عنها اقتربت منه امسكت كتفيه وأدارته تجاهها رفعت رأسه لتواجهها عيناه فاجئها بقوله:
لماذا تزوجت عمي؟ نسيت أبي بهذه السرعة! اخبرتني أنك لن تتزوجي
تمالكت أعصابها لتقول:
_ عمكم يريد الاعتناء بكم لن يحل محل والدك صدقني، قلبي ممتلء بحب والدك ولا يستطيع أحد منازعته فيه
_ لكن...... قالها و أشاح بوجهه بعيدا عنها ليردف:
_لست صغيرا نحن لا نحتاجه، أنا اساعدك في تربيه أخواي
حاولت ابتلاع غصتها لكنها عجزت، لم تكن تستطيع إخباره الحقيقة سيكره عمه ويرفض وجوده أكثر، فقد لمست غيرته عليها احتضنته من الخلف و كأنها تلقِ بحملها فوق ظهره الصغير، أرادت الاستقواء به، رق لحالها والتفت ليضمها، ربت على أوجاعها دون أن يقصد
_لا تحزني يا أمي أحب عمي لكن كنت أفضل أن يبقى أبي رجلك الوحيد.
رجل حقيقي كوالده ملازمته الدائمة له آتت ثمارها، عادت بهم وبحطام كيانها إلى منزلها
بعد أن جلست مع جدتهم تسألها عم حدث أخبرتها أنها امام إصرار ولدها لم تستطيع الرفض، هددها بترك المنزل والرحيل عنها للأبد إن لم تطاوعه _قلبي احترق على أخيه يا ابنتي لم أعد أحتمل الفراق، وضعت حبة دواء أعطاني إياها داخل مشروبك، اختل توازنك بعدها كنت شاردة عينيك مفتوحتان، وعقلك غائب وكلت والدك ووقعت العقد واجبتي الشيخ بالموافقة، كنت بنصف وعي وكأن إرادتك مسلوبة، لم يكن لدي خيار سامحيني
نظرت اليها بحزن وقالت بخفوت:
_ سامحك الله
عاد الى المنزل بعد يومين حتى يتأكد من هدوئها وتقبلها للأمر الواقع، وجدت الكثير من المشقة في استقباله والتعامل معه لم تستطيع مشاركته الغرفه كانت تبيت مع الصغيرين، تركها ظنا منه انها ستعتاد الأمر مع الوقت.
لكنه ومع طول البعد مل انتظارها، أوقفها ذلك اليوم ليسألها:
_لم تكتفي من البعاد! أصبحت أمام الأمر الواقع وعليك الاستسلام له.
ابتسمت بسخرية قبل أن تردف:
_لا شئ بيننا زواجنا باطل لأنه تم دون رغبتي
ألا تعلم أن زواج المكره باطل! أم تدعي الجهل كعادتك، وجودنا سويا مسألة وقت.
لم تمهله ليرد، تركته وذهبت لتبيت بجانب الأولاد، كما اعتادت.
مر شهر من الزمن وما زالت الحال كما هي، حتى كان ذلك اليوم لم يختلف روتينه عن سابقيه، اجتمع العم والاولاد كما اعتادوا يتبدلون الأحاديث والمزاح، تعلقوا به وأحبوه كما اقترب منهم أكثر في وقت قصير وتعلق بهم بدوره .
بينما كانت تحضر الغداء رن في آذانهم صوت ارتطام قوي ركض الجميع نحو المطبخ ليجدوها وقد فقدت وعيها وسقطت من الإعياء، حملها إلى الداخل وبعد أن أفاقت اصطحبها إلى الطبيب للاطمئنان عليها عادت متجهمة بينما كان يخفي هو سعادته بالخبر، فقد أخبرهم الطبيب أنها حامل في شهرها الأول اعتكفت تلك الليلة في غرفة مكتب أبو أولادها، بعد أن تأكدت من استغراق الجميع في النوم جلست أمام صورته تعاتبه على تركه إياها، رفعت الصورة من مكانها وضمتها إليها شعرت وكأنها تضمه بلحمه ودمه، همست له استكثروا علي أن أحتفظ بذكراك في قلبي، أن يظل جسدي ملكاً لك دون سواك، أصبحت أستغربه بعد أن اقترب من غيرك، والأن اكتملت مأساتي أحمل في أحشائي بذرة غير بذرتك
غالبت دموعها وهي تقول:
لم أخن عهدك و لم أرغب في سواك
ضمت صورته وهمست برجاء:
_ضمني أكثر خذني إليك اغمضت عينيها باستسلام اعتلت شفتيها ابتسامة رضى.
وفي الصباح
استيقظوا باحثين عنها ليجدوها داخل الغرفة مازالت جالسة تحتضن الصورة، اقترب منها ربت فوق يدها برفق فسقط البرواز
أفلتته كما أفلتت روحها، تهشمت قبل أن تفقد حياتها، وتهشم بعد أن فقد حياته
تمت