ينتفخ بطنها يومياً، يبدأ العد التنازلي وينتظر الكل الفارس الهمام الذي سينهي حروب العالم وسيحمل الراية من بعد والده.
هكذا يعتقد والده، كما أن والدته ملأت رأسه بالكلمات البالية:
_ يجب أن ترزق بولد يحمل اسمك واسم عائلتنا، من بعدك أنجبت فتاتين، يكفي هذا، القادم يجب أن يكون صبياً، وإن لم يحدث فاعلم أن زوجتك لا تنجب سوى الفتيات.
انتظر معرفة جنس المولود بشوق، وما إن أصبحت زوجته في الشهر الرابع وبعد قدومها من المشفى سألها ذلك السؤال:
_ ماذا قالت لك الطبيبة؟ ما هو جنس المولود؟
نطقت بتردد... صبي.
فرح فرحة عارمة، أرادت إيقافه قائلة:
_ ولكن علينا التمهل قليلاً، أحياناً تحدث الأخطاء.
نهرها بشدة:
_ لا أخطاء، هو صبي، متأكد من ذلك، اصمتي لا تهدمي فرحتي، سأذهب لأخبر أمي.
ذهب مسرعاً
بينما جلست تبكي حظها، فقد أخبرها الطبيب أنها فتاة، ماذا ستفعل بعد انقضاء حملها؟ كيف ستكون ردة فعلهم حين يعلمون أنها فتاة؟
هدأت قليلاً حين سمعت صوت والدته، وهي قادمة تهلل بالتهاني والتبريكات، تقبلها وتحتضنها كما لم تفعل من قبل.
قررت وقتها أن تنعم ببعض الدلال بدلاً من قضاء حملها في الحزن وسماع الكلام الجارح، كما حدث في المرة السابقة.
انقضت الشهور وآتاها المخاض
جلسا في المشفى بترقب، سيخرج الآن فارس الفرسان من الغرفة، محمولاً على الأعناق، سيصبح العالم مكاناً أفضل بحضوره.
سمعا صوت بكاء الرضيع، فقام بسعادة متجهاً نحو باب غرفة العمليات؛ ليستقبل ولي العهد، بينما والدته تحمد الله بملء فاها. أقبلت الممرضة نحوهم حاملة للطفل، استقبله والده بذراعين مفتوحتين، أخذه في أحضانه مردداً:
_ ولدي الحبيب، انتظرتك كثيراً.
وقفت والدته خلفه تربت على ظهره بسعادة.
استغربت الممرضة قوله، فقالت لتصحح المفاهيم:
_ تقصد ابنتك! فتاة رائعة، بارك الله لك فيها.
توقف الزمن به، وبوالدته تبادلا نظرات الدهشة.
قبل أن يهتف هو بانفعال:
_ كيف هذا؟! أخبرتني أنها صبي، هذه ليست ابنتي، أين ذهبتم بالصبي؟
_ أنجبت زوجتك فتاة للتو، لا توجد لدينا اليوم حالات ولادة غيرها... هذه ابنتك، اشكر الله.
_ لدي اثنتين، أردت صبياً... قالها بذهول.
بكت والدته وكأن عزيزاً لديها فارق الحياة.
أعطى الفتاة للممرضة مع بعض الأغراض ثم أخذ والدته وانصرف.
سألت الممرضة باستغراب:
_ إلى أين تذهب؟!
_ سأرسل والدتها لتعتني بها. كذبت بشأن حملها، قالت صبياً وأنجبت فتاة.
قالها بنقمة، وكأنها هي من تنجب وتحدد نوع جنينها.
انصرفا، وفي طريقهما حدثته والدته عن عروسه التي ستخطبها له، التي ستكون أم صبيانه على اعتبار ما سيكون.
تم