???? ذكريات بين الأمس واليوم ????
????(قصه قصيره جدا جدا)????
???? الأمس البعيد فى القاهره????
طفلاً وصبيا ، وخاصة فى شهر رمضان ، كنت دائماً ، وقبل ٱذان المغرب بساعتين ، اقف بجوار المرحومة والدتي وهي فى المطبخ ، مشمرة ذراعيها ، تطبخ لنا ، كنت اساعدها فيما تطلبه مني ، مثل تجهيز مستلزمات السلطه ، أو تفصيص التمر فى الشفشق الزجاجي ، أو أذهب لمحل عمي "كامل الحلواني" كى احضر الكنافه .
تسالني قبلها هل إنتهيت من الواجب المدرسي ؟ فأرد عليها بالإيجاب ، فيتشح وجهها السمح ببسمة رضا ، ومن هذه الوقفات بجانبها ، كنت أشاهد يديها وهى تجهز لعمل "محشي" ، كان أحيانا "محشي كرنب" ، واحيانا "محشي خليط" من الكوسه والفلفل والبرنجان .
كنت أشاهد يديها بشغف ، ويبدوا أن هناك منظومة تحضير تتبعها بدقه وسرعه وحنكه ، كانت لا تمل من أسألتي وكانت بصدر رحب تشرح لي خطواتها من تحضير خلطة الأرز بالتقليه والشبت والبقدونس ، وطريقة الحشو بمهارة وسرعة فائقه .
ويوما كنت كالعاده واقفا بجوارها ، فوجدتها تسلق "بصل" !! ، متعجبا سألتها : ماما لماذا تسلقين كل هذا البصل ؟ فإبتسمت وقالت : النهارده انا ها اعمل "محشي بصل" ! بتقولي إييه يا ماما ؟ محشي بصل ؟
فقالت : نعم .. محشي البصل جميل اوي يا حبيبي ، وتابعت يديها وهي تخرج البصل من الماء المغلي ، ووضعته جانبا ليبرد ، وأخذت تعمل "خلطة المحشي".
وشاهدت يديها بحرفية شديده تأخذ البصله وتتحول بين يديها كل بصله إلى أكواب منفرده ، وبعد انتهائها رأيت أمامي كمية لا بأس بها من أكواب البصل ، وتبدأ الحشي وترصه بدقة وعناية فى الحله حتى إمتلأت ، ثم وضعت شوربة لحمه فوق محشي البصل ووضعت الحلة على النار !
يا الله ، وفي لحظة الإفطار ، لم أتذوق فى حياتي اجمل وأطعم من "محشي البصل" .. من يد أمي !
???? الٱن منذ يومين فى بريطانيا ????
صحوت من النوم ، وتذكرت طفولتي وصباي وشبابي فى الوطن الغالي ، ومن شريط ذكريات رمضان ، رأيت وجه المرحومة أمي المبتسم ، وتتابعت الذكريات ورأيت نفسي بجانبها فى المطبخ ، وتذكرت فجأة "محشي البصل" !
فإبتسمت ، وقررت أن أسترجع خطوات أمي وقلت لنفسي : فطار اليوم "محشي بصل" كما طبخته أمي ، وذهبت للسوبرماركت واشتريت بصل كبير وباقى مستلزمات خلطة المحشي !
وقفت فى مطبخي وفى صحبتي طيف أمي، وبنفس طريقة أمي ، قمت بتجهيز البصل ، والخلطة ، وبنفس الدقه بدأت فى الحشو ، ومع كل رصة فى الحله ، أري وجه أمي وأسمع كلماتها .. ووضعت الحلة على النار !
نعم ... ومن كتاب ذكريات الأمس .. أنا عملت فى ذلك اليوم ، بنجاح ، "محشي بصل" على طريقة أمي ..
فمن الممكن يا صديقي أن أنسى أي شيء ، إلا شيء قد علمته لي أمي !
وجائت لحظة الإفطار ، وبحنين غرفت طبقا من "محشي البصل" ، ومع اول قطعة تدخل فمي ، وجدت عيوني مبللة بالدموع وأنا أتمتم :
???? "رحمة الله عليك يا أمي" ????❤️