ذكريات في درب الحياه
ساعة من الذكريات
(قصة شخصيه قصيره جدا)
عندما توفى المرحوم والدي عام 1995 (منذ ما يقرب من 29 سنه) .. ترك "شنطة سامسونيت" سوداء .. بها متعلقاته الشخصية الخاصه ..
فتحت الشنطه .. ووجدت بعض الاوراق وصور خاصه وعدد كبير من شرائط التسجيل يحكي فيها ذكرياته وخاصة فترة عمله فى شرطة رئاسة الجمهورية في فريق الحرس الخاص للمرحوم الرئيس جمال عبد الناصر ..
ثم وجدت فى الشنطه "ساعته" .. ساعة والدي ماركة "سييكو 5 اوتوماتيك" (SEIKO 5 Automatic) ..
حملتها بين أصابعي وإنهمرت دموعي .. وتسارعت الذكريات بسرعة دموعي .. لأن هذه "الساعه" كانت هدية مني لوالدي فى عام 1974.. ووضعها المرحوم والدي أمامي فى معصمه .. ومن لحظتها لم تفارق معصمه حتى لحظة لقائه بخالقه ..
أخذت "الساعه" .. وأعطيتها لإبني طارق .. وحكيت له قصتها .. وبكى إبني عندما وضعها فى معصمه وكان فى العام الثالث الثانوي .. ولم تفارق معصمه لعدة سنوات ..
وكبر إبني طارق وإلتحق بالجامعه ..
وفى يوم من الأيام إتصل بي طارق من المدينة الجامعيه باكيا بمراره .. وأخبرني أنه فى إحدى الحفلات فى القاعة الكبيره المزدحمه بالجامعه .. سقطت الساعة من معصمه .. وضاعت .. وحاول جاهدا العثور عليها .. دون جدوى .. وطيبت خاطره .. ومرت السنوات ..
وكبر طارق وتخرج ، وتوظف ، وتزوج ..
ثم كانت مفاجأه .. كان يوم ذكرى عيد ميلادي ، واعطاني طارق هديتي .. وفتحتها .. ومرة أخرى .. مسكتها بين أصابعي .. وإنهمرت دموعي .. يا الله .. نفس "الساعه" .. ساعة جده التى فقدها منذ عدة سنوات مضت .. نفس الماركه ونفس اللون .. وإحتضنني طارق والدموع فى عيونه ..
ثم قالت لي زوجته :
"ان طارق كان يبحث كثيرا عن ساعة تشبه ساعة الجد المفقوده .. لعدة سنوات لم يكل عن البحث ولكن لم يحالفه الحظ ..
حتي الاسبوع الماضي وجد شبيهتها تماما بالصدفة فى أحد فروع محلات متخصصة فى الساعات .. وإشتراها فورا وشاهدت سعادته الشديده على ملامح وجهه تغلفها دمعة فى عينه وهو يحملها" ..
وأهداها لي طارق .. فخلعت ساعتي .. ووضعتها فى معصمي وشفتاي مببلة بدموعي .. ومازلت أحتفظ بهذه "الساعه" .. احيانا أرتديها بمعصمي .. وبعيون مبللة بالدموع أتذكر المرحوم والدي .. شكراً إبني طارق ..
مازلت اشتاق لأبي رغم علمي أنه رحل ولن يرجع أبداً ، ولن يأتي بمثله الزمن .. رحمة الله عليك يا والدي