ذكريات من الزمن
الرجل الذي تعلمت منه كثيراً
(قصه شخصيه)
كان فارع القامه ، قوي البنيان شهم مهيب ، بعمته ناصعة البياض ، وعبائته السوداء ، وصوته العميق ، فى عائلة الحماديه ، كان منزله الخاص اول منزل فى حارة الحماديه الكبيره.
بين أشقائه الثلاثه ، كان هو الثاني بعد شقيقه الكبير عميد العائله المرحوم / حماد احمد حماد ، وبعده أصغرهم المرحوم حامد احمد حماد .. إنه :
خالي شقيق والدتي ، وإبن عم والدي
المرحوم الحاج / أحمد أحمد حماد
كان مزارعا فى أرضه ، يشهد له الجميع بالصلاح وكان لا يقطع فرضا من فروض الله محافظاً على الصلاة فى أوقاتها ، ومشهورا بين اهل القريه بٱنه عندا يشق على أرضه الزراعيه ، إذا وجد جسرا قطعته المياه ، مهما كان مكان الجسر ، يقلع عبايته ، ويخلع جلبابه ويقوم بإصلاح الجسر ويرممه ، ويتشطف ويلبس جلبابه وعبائته ويكمل مسيرته الي أرضه الزراعيه التى كانت فى اماكن كثيره وأتذكر منها "ارض البلد" ،
كان منذ طفولتي وصباي ، يزورنا في منزلنا فى القاهره حيث كان يعمل إبن عمه (لزم) المرحوم والدي فى شرطة رئاسة الجمهورية فى فريق الحرس الخاص لرئيس الجمهورية المرحوم جمال عبد الناصر.
وكان احيانا يأتي مرافقا لبنت عمه ، وبنت عم المرحومة والدتي ، شقيقة والدي طيبة الذكر المرحومه عمتي الحاجه / فهيمه عبد الله حماد.
كنت افرح كثيرا بتواجدهما فى منزلنا بالقاهره ، وأخرج معهما إلى مسجد الحسين ، والى مسجد السيده زينب والى منطقة كوبري قصر النيل ووسط البلد .
وكنت وانا صبي في القاهره ، أسافر الى قريتي كل إجازة صيف وفى الأعياد ، وكنت دائما في صحبته ، فى منزله ومع أسرته ، فقد كانت زوجته سمحة الوجه المرحوم الحاجه / مباركه عبد الدايم حواس .
كان دائما يحكيلي تاريخ الاسره ، والجدود ، واقاربنا من عائلات البلد سواء بقرابة الدم أو بقرابة النسب ، ومنها أن والدته كانت من عائلة السماحي ، أن أم جدودي الكبار الأشقاء الخمسه كانت من عائلة الشافعي.
وكيف كانت العائله كلها تعيش فى "الدار الحمراء" التي كانت مميزه بأنها مبنيه "بالطوب الأحمر" حيث أن في حينها كانت غالبية بيوت القريه مبنية "بالطوب الني".
وكما رأيتها أنا ، كانت دار كبيره جدا ، بدوار كبير ، وفوق سطحها الواسع غرف كثيره إسمها "مقاعد". وأخبرني أن كل العائلة الأشقاء الثلاثه والشقيقات خالاتي التسع ووالدي وأعمامي وعماتي التسع ، ولدو وعاشوا وتربوا فى هذه الدار .
وأتذكر وانا فى صحبته ، يوميا كل ليلة بعد العشاء ، لا يذهب إلى النوم الا بعد أن نذهب الى منزل شقيقه الأصغر خالي المرحوم الحاج حامد احمد حماد ، وتجلس نتسامر والمزيد من حكايات طفولتهم وصباهم .
وهذه الزيارة الليلية إلى شقيقه كل يوم زرعت فى قلبي أهمية "صلة الرحم" ، والتي مازالت إلى يومنا هذا فى حياتي ، وأفتخر بذلك .
وكان دائما إبن خالي احمد الوحيد ، طيب الذكر المرحوم الحاج / سيد أحمد أحمد حماد والد التوأم الحاج سمير حماد ، والحاج حمدي حماد ، يأخذني إلى الغيط عندما يحصدون المحاصيل وعندما يعلقون السواقي لري أراضيهم الزراعيه.
ذكريات كثيره ، ودروس كثيره تعلمتها من خالي أحمد ، لو كتبتها ستملأ مئات الصفحات ، وخاصة قصة حياة إبن عمه والدي المرحوم ، ومراحل نشأته وتعليمه ودور اولاد عمه اخوالي فى مسيرة حياة المرحوم والدي من كتاب الشيخ علي الشناوي زوج عمتي في كفر الحصه إلى شرطة رئاسة الجمهورية في القاهره
وأخيرا .. اصدقائي .. تمسكوا بأحبتكم جيداً، وعبروا لهم عن حبكم ، فقد ترحلون أو يرحلون يوماً وفي القلب لهم حديث وشوق، فالحياة قصيرة جداً لا تستحق الحقد، والحسد، والبغض، وقطع الرحم، غداً سنكون ذكرى فقط، والموت لا يستأذن أحداً ، والزمن أيضا لا ينتظر أحد
رحمة الله على خالي أحمد ووالدتي ووالدي