.. كان الطريق من "نبروه" إلي "كفر الحصه" طريق ترابي .. على شاطئ النهر .. كانت هناك فقط كمواصلات عربيتان .. عربية "البسيوني الجمل" وعربية "عبد العزيز" وكلاهما من قرية طنيخ .. سيارات برفارف تنطلق من طنيخ مرورا بكفر الحصه ثم كفر الجنينه ثم نبروه .
ومن أي مكان فى مصر تصل إلي المنصوره ثم طلخا ومنها إلي نبروه .. وتنتظر إما تجد مكان فى السياره او تمشي إلى قريتي كفر الحصه .. وطبعا فى الشتاء يتحول تراب الطريق إلي طين .. ولكن هذا لا يمنعك من المشي حوالى ٣ كيلومترات ..
رحلة يعرفها كل طالب من جيلي ذهب من كفر الحصة لمدارس المنصوره أو جامعات القاهره ليجمع بريق سنابل التعليم.
وفى حينها كانت الشطوط بجانبي الطريق عامرة بالخضروات مثل الخيار والخص والفجل والجرجير والفلفل والبرنجان والطماطم والبصل الأخضر وأشجار الجوافه .. ومياه النهر نظيفة جاريه.
وأثناء الليل .. ليس هناك مفرا من المشي فى ظلام دامس اللهم إذا كان القمر يطل على الطريق بنوره الرباني .. كنت أمشي تصحبني سيمفونية تعزفها الضفادع طوال الطريق !
وعندما أصل إلي كفر الجنينه وفى ٱخرها تسمعها وتلمحها فى حلكة الظلام بنورها الخافت ..
تجد "مكنة الطحين"‼️
تشعر براحة نفسيه حيث يؤنسك صوت "صفارتها" .. "توت .. توت .. توت" ، وتعلم انك بعد قليل ستصل إلى حضن قريتك ..
هذا برغم إزدياد ضربات القلب عندما تقترب من "شجر الطباخين" حيث زرعت أسطورة فى عقلك أن فيها تسكن "النداهة" .. "عفريته" ربما تشدك او تخدعك إلى النزول فى مياه النهر وتكون نهايتك كما يقولون !
وأخيرا أتنفس الصعداء عندما اسمع صوت "الساقيه" ، ساقية ارض البلد على الجنابيه ترفع الماء من النهر إلى حقول الارز وتدق ضربات قلبي . الساقيه العريقة التى توارثتها الأجيال منذ جدودي إختفت الٱن ومكانها "مكنة ري" يتدفق منها الماء ولكنها لا تحمل جمال الساقيه التى كنت اسمع منها صوت ابن عمى يقول "حييي" وأشعر انى على بعد خطوات من حارتنا ، "حارة الحماديه".
أحيانا وانا طفل صغير كنت أذهب مع خالتي أو عمتى إلي "مكنة الطحين" وكأنك ذاهب إلى عالم ٱخر مثير ..
مازالت "مكنة الطحين" موجوده حتي يومنا هذا ولكنها صامته مات قلبها ومات صوتها .. وحين أمر عليها .. تعود الذكريات وكأني أسمع صفارتها .. وأشعر بنفس الراحة النفسيه .. وترتسم بسمة على شفتاي ..وأشعر فى مقلتاى بدفئ دموع الحنين ليوم مضى ولن يعود????????????❤️