ذكريات فى الوطن ????
???? أنا .. وسائق التاكسي الأبيض ????
(قصة قصيره جدا)
???? الزمان : صيف عام 2008
???? المكان : حي المنيل - الوطن مصر
من بريطانيا ، كنت فى زيارتي السنويه للوطن مصر .. وكنت ارغب فى السفر من الشقه فى المنيل الي قريتي الحبيبه كفر الحصه مركز نبروه دقهليه ، لم تكن المرة الأولي فأنا أقضي أجازتي بين القاهره وقريتي ..
كالعاده كما فى مرات سابقه ، استخدم من أمام باب العماره التاكسي الأسود بالعداد (في حينها لم يكن هناك خدمة أوبر) ليأخذني من المنيل إلى القللي حيث موقف السوبرچيت إلي المنصوره.
نزلت أمام العماره فى حوالي الساعه الثامنه والنصف صباحا ، ووقفت وشاهدت سياره بيضاء بعلامة "تاكسي" ، لم أجربها من قبل ، فأشرت لسائق "التاكسي الأبيض" فى شارع المنيل وطلبت من السائق توصيلي اولا لشارع 26 يوليو فى نص البلد لأقضي أمرا سريعا هناك ثم يأخذني إلي القللي.
فرحب بي مبتسما .. السائق كان شابا أعتقد أنه فى عمر إبني مهندس طارق .. وجه سمح تغلفه إبتسامه جميله .. أنيق الهندام .. لاحظت رائحة طيبه فى السياره .. والسياره من الداخل نظيفه جدا ..
وقام السائق الشاب تلقائيا بتشغيل العداد والتكييف وكان هناك حوار بيننا عن مدي نجاح مشروع التاكسي الابيض والزحمه فى المرور ، وتصرفات بعض سائقي الميكروباص وتهورهم بعدم إتباع قوانين السواقه ..
كان الشاب هادئ جدا .. فقلت له : أحسدك على تماسك أعصابك فى زحام القاهره .. فقال بإبتسامة جميله وبمنطق أجمل : والله يا باشا الغضب غباء لا يأتي إلا بالسلب .. ولا أريد أن أشارك الغاضب غباءه ..
وصلنا الى شارع 26 يوليو .. وقلت له انتظرني لحظه ، فرحب موافقا ، دخلت محل ترزي اعرفه كي أستلم قميصا كان يفصله لي ، الترزي اعتذر وقال القميص سيكون جاهزا بعد 15 دقيقه .
وافقت على الانتظار وهي فرصه لتناول ساندوتشين فول وفلافل . وخرجت لسواق التاكسي الابيض وتأسفت له بأني سأنتظر هنا قليلا ، ونظرت الى العداد وقرأت فى خانة السعر 18 جنيه ونصف .. فالمسافه بين شارع المنيل ونص البلد قصيره ، حيث يسير فى شارع القصر العيني إلى ميدان التحرير.
اخرجت فلوس ورقيه من جيبي وناولته ورقة 20 جنيها وشكرته وأوشكت على الذهاب الى ما أنا ذاهب اليه ..
تفاجأت بصوت السائق الشاب يناديني :
- يا باشا .. يا باشا .. لو سمحت !
تراجعت خطوتين ونظرت إليه مستفسرا .. قال لى :
- الباقي يا باشا .. حضرتك لك الباقي ! .. نظرت إليه متعجبا معاتبا : باقى اييه يا إبني ؟ عيب كده .. انا أعطيتك 20 جنيه يعني تركت لك جنيه ونص !! ... فنظر لي بوجهه السمح قائلا : - حضرتك ناولتني 200 جنيه !! ملوحا بها أمامي ! اقسم بالله لم الاحظ أني اخرجت ورقه ماليه 200 جنيه !!
يا الله .. يا الله .. نظرت اليه لحظة .. متأملا وجهه السمح ، وفورا ترغرغت عيوني وتحشرج صوتي وقلت له : بارك الله فيك ولك يا إبني .. وأقسم بالله لا أريد منك الباقي .. فرفض وأصر على إعطائي الباقي .. فرفضت أنا وقلت له : إعتبرها من يد والدك لك ارجوك !!
نظر فى وجهى ولاحظ جدية اصراري .. فخرج من السيارة وبسمة خجل تظهر على وجهه السمح وإحتضنني متمنيا لي السلامه .. ومضينا كل فى طريقه !!
❤️ لن أنسى أبدا وجهك السمح ، وضميرك وشرفك وأمانتك يا إبني ! شباب مصر .. لسه بخير ????????❣
???? الأمانة .. يا صديقي .. هي مفتاح الرزق????