???? ذكريات على درب حياتي ????
❤️ (قصه شخصيه قصيره) ❤️
بعد وفاة المرحوم الرئيس جمال عبد الناصر بشهور .. فى عام 1970 إنتقل والدى الذى كان يعمل فى فريق الحرس الخاص الشخصي للرئيس والتابع لشرطة رئاسة الجمهوريه، الى مديرية أمن الغربيه كرئيس نقطة شرطة قرية شوني القريبة من مدينة طنطا ..
وانا إنتقلت مع والدي, ولكن لظروف دراستي فى طنطا سكنت فى شقة فى مدينة طنطا انا وزميلى فى الدراسه / صلاح هدايه .. والشقة كانت فى الدور الأول (فوق محل) بمنزل فى الشارع الرئيسي ( شارع السكه الجديده) الذى في آخره مسجد البدوي .. والشقه قريبه جدا من مسجد البدوي .
كان المرحوم والدي يحضر من قرية شوني أسبوعيا حيث كان يعمل ويقيم فى نقطة القريه ، لزيارتي كل يوم جمعه .. ونذهب أنا ووالدى وزميلى صلاح لصلاة الجمعه فى مسجد السيد البدوي ونتناول الغذاء معا بعد الصلاه .. واتذكر ان الشيخ محمد حصان .. كان مقرئ المسجد البدوي فى حينها .. وكان صديقا شخصيا للمرحوم والدي .
كنت أنا وزميلي صلاح نواظب على صلاة الفجر حاضرا فى مسجد البدوي .. وكان يؤمنا فى الصلاه "يوميا" رجل وقور بلحية بيضاء ووجه سمح .. وكان صوته جميلا فى ترتيل القرآن ..
وكانت عادتنا أنا وزميلى صلاح احيانا نذهب إلى مسجد البدوي للمذاكره .. ولاحظنا ان هذا "الرجل الوقور" متواجد دائما فى المسجد ..
وإبتدأنا بالتعارف معه حتى كان يعرف اسمائنا وأخبرنا أنه "معتكف" بالمسجد منذ سنوات ولا يغادره ابدا ، وكنت انا وصلاح زميلي نجلس مع الرجل قليلا بعد صلاة الفجر كل يوم .. وكان دائما يدعوا لنا . وفى شهر رمضان اتذكر أنه عزمنا لمشاركته وجبة الإفطار عدة مرات ..
وعلمنا انه من اسرة ميسورة الحال وان اولاده .. واحدهم محامي .. كانوا يتولون أمره يوميا من الطعام والشراب .. واحيانا كان يوزع اموال على بعض المساكين ..
لاحظت أن الشيخ أبدا لم يقم الصلاه داخل مقام السيد البدوى ولكن دائما خارج المقام .. ولما تجرأت يوما وسألته قال لي : أنا لا أصلي فى غرفة بها قبر !!
مرت الايام .. وقبل ان أغادر طنطا إلى الأسكندريه (بعد ان قضيت سنة كامله فى مدينة طنطا) ذهبنا لصلاة الفجر واخبرناه اننا سنغادر طنطا .. فجلس معنا بعد الصلاه واخذ يدعوا لنا بالنجاح والتوفيق والدموع فى عينيه وأعيننا .. ووعدته بأني سأزوره يوما ما ..
وسارت الحياه والزمن .. وفى عام 1978 غادرت مصر إلي أوروبا .. وبعد مايقرب من 15 سنه .. كنت فى زيارة للوطن .. وكنا فى السياره قادمين من القاهره ووجهتنا المنصوره انا ووالدي وزوجتي وأولادي الصغار وتذكرت وقلت لوالدى : اريد ان أذهب إلى طنطا وإلى مسجد البدوي .. إبتسم والدى إبتسامة غريبه وكأنه قرأ ما يجول بخاطري وقال : "حسنا .. دعنا نذهب الي طنطا"!
فى طنطا .. وفى طريقنا لمسجد البدوي اشار والدى لأولادى الصغار الى منزل وقال لهم : هذه البلكونه .. فى الشقة التى كان يسكن فيها والدكم وهو طالب ..
دخلنا المسجد ووقفت مع اولادي أحكي لهم بعض الذكريات وضربات قلبى تتسارع .. والذكريات تعود .. وأخذني والدى من يدي .. وقال مبتسما وبصوت متحشرج : "تعال يا سمير كى ترى صديقك الشيخ حجاب .. إنه مازال معتكفا هنا" !!
ومشيت بجوار والدي مستغربا .. ودخلنا غرفة صغيره فى المسجد .. وسبقني والدى وأشار إلي مقام صغير .. مكتوب عليه : "الشيخ أحمد محمد حجاب المتوفى 13 بوليو عام 1978" ‼️
يا الله .. إنهمرت دموعي بغزارة .. ووقفت أمام القبر .. وتمتمت : "ها انا زرتك كما وعدتك سيدي .. رحمة الله عليك" .. وقرأت الفاتحه على روحه الطاهره ????
فى خارج المسجد قال لى المرحوم والدى : بعد سفرك .. كنت من وقت لآخر أزوره فى المسجد ويسألني عنك ويدعوا لك .. وعندما توفي قرر محافظ الغربية حينها طلب قرار من وزارة الاوقاف بدفن الشيخ أحمد حجاب فى مسجد البدوي الذى إعتكف فيه طويلا ..
أتذوق دموعي المنهمرة على وجهى وأنا أكتب هذه القصه وصوته الجميل ودعواته لى ترن فى وجداني ، وكأني أراه رحمة الله عليه ورحمة الله على والدي????