من ذكرياتي فى الوطن
ومازال طعمه لا يفارقني
(قصه قصيره جدا)
في زياراتي للوطن ، اقضيهم مابين الشقه فى القاهره ، وبين منزلنا في حارة الحماديه بقريتي الحبيبه كفر الحصه .
وقريتي الجميله تقع فى "رحم دلتا النيل العظيم" في محافظة الدقهلية وتقع على ضفاف نهر يتفرع من فرع أحد فرعي نهر النيل العظيم .
وبرغم نشأتي فى القاهره حيث كان المرحوم والدي يعمل فى شرطة رئاسة الجمهورية في فريق الحرس الخاص لرئيس الجمهورية المرحوم جمال عبد الناصر ، وقبل خروجي من مصر ، كنت ازور قريتى دائما منذ الصغر كل أجازة صيف سنويا.
لم تزعجني ابدا اصوات القريه ، فتعودت وانا أمشي على شاطىء النهر اسمع أوامر الفلاحين لحيواناتهم مثل "حاطلع و "حانزل" ، وتلك الطيبة فى ترحيبهم بي :
"إزيك يا استاذ البلد منوره" .
تعودت على صوت الدجاج والبط والوز على سطح منزلنا، وتعودت حتى على صوت نهيق "حمار إبن عمي" قبل فجر كل يوم" ، و"صداح الديوك لحظة ظهور الشمس".
ومازالت فى أذني "أصوات السواقي" ، وصوت "صفارة مكنة الطحين" فى قرية أحبابنا ونسايبنا "كفر الجنينه"
ومنزلنا يقع فى قلب حارة الحماديه بين بيوت أعمامي واخوالي وعماتي وخالاتي فأنا "حمادي" الوالدين فالمرحومة والدتي بنت عم المرحوم والدي لزم !!
وربما هذا هو السر فى أني أجيد "التزقيل" ، (والتزقيل موضوع لا يعرفه إلا أهل قريتي) !!
كان لي 9 خالات و 4 أخوال ، وكلهم اولاد عم والدي ، وكان لي 4 أعمام ، و 9 عمات أخوات والدي ، وايضا هم اولاد عم والدتي .
كنت وأنا داخل الحاره ، وأمر من أمام بيت خالتي وعندما تلمحني أو تسمع صوتي تنادي : "تعال يا استاذ ، تعال يا حبيب" ، فأدخل وإذا هن جالسات أمام الفرن يخبزن . وتقول خالتي : "حطي يا بت برنجانتين فى الفرن واشويهم لابن خالتك" .
يا الله على طعم "البرنجان المشوي" ومخلوط به "توم مدقوق بملح وشعرة شطه مع بصله" ، و "شقتين عيش طازه" من فرن خالتي".
فى عام 2019 كنت فى زياره للوطن ، وذهبت لزيارة بنت أختي وزوجها وأولادها فى منزلهم الجديد فى "البر التاني" (الشط التاني للنهر) ، عديت الكوبري ، منطقه كلها بيوت جديده ، وبيت بنت أختي ٱخر بيت أمامه الغيطان ، منظر رائع لمئات الفدادين الخضراء على مرمي البصر .
وجدت بنت اختى والمحترم زوجها (من شباب عائلة الديب العريقه) واولادهم ينتظروني أمام بوابة منزلهم ، ولاحظت أن أمام منزلهم حقل مزروع فيه "برنجان أسود" ، سال لعابي وقلت لزوج بنت أختي : "والنبي يا محمد إقطفلي البرنجانه الصغيره دي" ، وقطفها واخذتها بنت اختى وغسلتها ، وبلا تردد وجدتني التهم "البرنجانه السوداء" نية بنهم واستمتاع لا يوصف، وكان الطعم شهدا ولم يفارقني جماله حتي يومنا هذا .
صباح تاني يوم وانا فى منزلنا فى حارة الحماديه قلت لإختي الحاجه محاسن : "نفسي يا اختي الغدا النهارده يكون "برنجانتين مشويين فى الفرن ومدعوك فيهم توم مدقوق بالملح وشعرة شطه مع بصله" . وفعلا .. جلست أتناول وجبة الغذاء "البرنجان المشوي" مع عيش لسه طالع من الفرن وبصله .
ومع الطعم الجميل عدت الي زمن صباى وشبابي وتذكرت وانا أجلس أشاهد خالتي "شقيقة أمي وبنت عم ابويا" ، كان وجهها أحمر سمح دائمة الإبتسام وهي تجهز لي وجبة "البرنجان المشوي" ..
وها أنا أثناء كتابة هذه الذكريات أتذوق طعم دمعة تسيل على خدي .. رحمة الله عليك بنت عم والدي ، وزوجة عمي ، وشقيقة أمي : "خالتى الحاجه أم السعد"