وسألتها صديقتها لماذا لم تذكريه بين صفحات مذكراتك.
قالت بحيرة: من تقصدين؟
- أتسألين حقا أهكذا نسيتي؟! أقصد من أحبك وطاف حولك وتمنى يوما قربك؟ صاحب الورود والرسائل المعطرة هل تذكرتي؟!
ابتسمت بسخرية مستنكرة تذكيرها به الآن!
- وماالذي ذكرك به بعد سنوات طوال،لما تعيدين لي الألم والحزن يا صديقتي؟!
كأنك بسؤالك فتحت جرح غائر، ليعود لنزفه وألمه مرة أخرى، ألا يكفيني ما عانيت قبل ذلك منه ومن كل خاذل وغادر وقاسي القلب!؟
- تعتذر منها صديقتها رابتة علي كتفها برفق لعلها تذكرت هي الأخرى ما كان، فقد عاشت معها كل مأساة وتجرعت معها ألمها وواستها دوما في كل خطب أليم مر بها.
تستطرد هي:
- لا عليك صديقتي، سأجيبك عن سؤالك! لعلني أستريح إن حكيت عنه. كما يقولون الحكاية علامة شفاء الراوي. لعل هذا أول الأسباب.لعلني شفيت من كل ما حكيت عنه. إلا هو وآن الآوان لأحكي وأشفي منه، صدقيني لم أنتبه أنني نسيته، قد يكون نسيان مقصود أو تناسي، لا أدري حقا، رغم أنه ألمني وعذبني أكثر من الجميع، قد يكون كل جرح ترك علامة بقلبي ولكن جرحه لي تعد كل شيء ودمر قلبي فلم أعد أشعر ولا أحب! تذكرين كيف كان يحوم حولي ويطاردني في كل مكان. كنتِ تعبثين معي وتمزحين وترددى (أخاف أن ينزل لك من حنفية المياه ) كنا نضحك ونأخذ الموضوع بسخرية حتي تحول إلي واقع مؤلم!
طوال حياتي أخاف أن أسلم قلبي لأي أحد، أغلقت أبوابه ونوافذه وألقيت مفاتيحها في أعماق البحر، لكنه شغلني بمطاردته وجنونه، خلته الفارس المغوار كما أدعى، سيحارب العالم ويحطم كل حصون وأسوار للوصول لي كما حطم حصون قلبى ودخل أخيرا! لا أعلم هل أحببته حقا! أم أحببت جنونه وحبه أم أحببت أن أعيش المغامرة! كنت أكتفي بأحلام اليقظة ومغامراتي بها وأخاف أن أعيش التجربة حقا، تخيلت هذه قصة الحب التي حلمت بها، جنونه ولهفته علي جذبني نحوه، لم أشعر إلا وأنا متورطة به، غارقة معه في أشعار ومشاعر ورسائل حب تمنيتها كثيرا، وبعد أن وصلت لمنتصف البحر، تركني أغرق وحدي! لم يحارب أبدا، لم ينتحر من أجلي، لم يقاوم وتركني وسط العاصفة وحدي. أغرقني حبه في دوامة من الألم والدموع لا تنتهي لسنوات وسنوات.
والغريب أنه ما زال يعتقد ويردد أني من بعته وتركته! كيف لي أنا أفعل وأنا أضعف من أن أتركه، لقد هددت فقط لأستجديه لأحركه لكنه افحمني بتصرفه، الذي دل علي عدم حبه و ضعفه وخيبتي فيه! نعم خيبتي به التي تعدت حدود المجرة فاحرقت كل شهاب ونيازك حتي أنها اسقطتها فوقي فاحترقت بنارها وهوت بي صخورها لأعماق كبيرة! غرقت في بحار من الدموع أعوام وأعوام، سنوات عجاف وأنا أعاني وأنزف وهو لا يبالي عاش حياته وكأن شيئا لم يكن! وظللت أقاوم وأحارب وحدي حتي أزحت غبار ودمار قلبي وبدأت أعود للحياة! أحاول ان أتنفس من جديد، أن أعيش مرة أخرى. كيف لي أن أذكره في مذكراتي! لقد محوت كل ذكرياته! وما لا تعرفيه أيضا لقد حرقت كل رسائله ووروده يوم خيانته و ارتباطه بغيري!
ظللت أحلم أن يعود، أن يعتذر، أن يندم لكنه لم يفعل فأي حب هذا؟! وأي جنون يا صديقتي؟!، لقد أفقدني الثقة في الجميع. لم أعد حتي أكتب ظللت عشرة أعوام دون مشاعر، دون قلب، تجمدت أحاسيسي، وتبلدت مشاعري، صرت أتعامل ببرود مع الجميع. جف قلبي وقلمي معا!.
والآن بعد أن عاد لهما النبض هل تتوقعين أن اكتب عنه؟!
أن اذكر من خان وغدر!. من جرح وذبح وذهب دون أن يلتفت! أين كان وقت عذابي! كان يفرح ويمرح، أين كان وقت بكائي وانهياري؟!، كان يبني بيته ويتزوج غيري! أين انتحاره وموته بدوني؟!
يا عزيزتي من يحب لا يغدر! لا يخون! لا يخذل و لا يدعك تبكي أيام وليال، لا سنوات! من يحب لا يجحد و يكره، من يحب يسامح ويسامح في أي شيء وكل شيء من يحب لا يترك.
يا صديقتي أثر الماضي لا يندمل أبدا، لكننا يجب إلا نلتفت،أن لا نعود لذكريات مضت، لندفنها بحلوها ومرها في بئر عميق ونردم حتي لا تفوح وتنعش ذاكرتنا ألما وحزنا!
والقاسية قلوبهم لا سلام عليهم.