الأمانة شعبة من شعب الإيمان، ومطلب من مطالب الدين وهي مسئولية كبيرة من قام بها وأداها كان جديرا بالتكريم والتبجيل، وجدير أن يكون خليفة الله في أرضه.
والأمانة ليست في الإئتمان على المال فقط كما يعتقد الكثيرون بل إن الفرائض والسنن أعظم ما إئتمن الله عليها عباده ليحافظوا على أدائها في أوقاتها من صلاة وزكاة وصوم وإيمان وتوحيد، فمن ضيعها فقد خان الأمانة كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " لا إيمان لمن لا أمانة له "
فأمانة العبد مع ربه تتحدد في فعل المأمورات وترك المنهيات التي ائتمن الله تعالى العباد عليها ليصدقوا بها ويحافظوا على أدائها في أوقاتها فمن ضيعها فقد خان الله تعالى فيها، وعلى هذه الأمانة مدار الأمانات كلها فلنحافظ عليها ولا نضيعها، فمتى وجدت هذه الأمانة وترسخت في القلب شاركت سائر الأمانات.
وهناك أمانات أخرى تنبثق من أمانة العبد مع ربه منها أمانة معاملة الإنسان مع الناس وجرت على ألسنة الناس " الدين المعاملة " فالمعاملة مع الناس محك يكشف حقيقة ما تنطوى عليه النفوس من خير .
وأمانة المسلم في عدم الغش واﻹئتمان على المال ورد الدين لصاحبه، وأمانة النصح في الثمن عند البيع، وأمانة التوكل في شراء حاجة للموكل، وأمانة الزوج والزوجة في حفظ الأسرار وعدم إفشائها وفي رعاية الأبناء وتربيتهم كما قال عليه الصلاة والسلام:
"كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته"
وأمانة الشهادة وهي شهادة الحق والبعد عن الزور كما قال تعالى:
"ولا تكتموا الشهادة ومن يكتمها فإنه آثم قلبه"
وأمانة المرافعة في القضاء فلا يدافع المحامي عن أحد إلا بعد أن يعلم أنه محق كما قال تعالى: "ولا تكن للخائنين خصيما"
وأمانة اﻹمام أن تسعد به رعيته وأن يتساوى الناس في ظل حكمه، ويحقق العدل بين رعيته والأمن والأمان.
وأمانة الصديق والجار بأن تحبهما وتحب لهما ما تحب لنفسك وتكف عنهما أذاك وتراعي حقوقهما وتشاركهما أفراحهما وأتراحهما.
وأمانة الحديث أن تحفظ سر من إستودعك إياه، والأمانة في مال اليتيم بحفظه ورده له عند بلوغه سن الرشد.
وأمانة الشريك فإن الشريكين في كنف الله وإحاطته مدة الأمانة كما قال رسول الله: "يد الله مع الشريكين مالم يخن أحدهما صاحبه فإن خان أحدهما رفعها عنهما"
وأمانة التركة بتقسيم الميراث وتوزيعه بما يتفق وشرع الله.
وأمانة الرحم كمال قال رسول الله:"الرحم معلقة بالعرش تقول: من وصلني وصله الله، ومن قطعني قطعه الله وليس الواصل بالمكافيء ولكن الذي يصل يرحمه وإن قاطعته"
والأمانة في معاملة الإنسان مع نفسه بحفظ أعضاء جسده عن المحرمات وحماية نفسه من الأمراض وعدم إلقاء نفسه للهلاك .
ومن الأمانات أيضا أمانة الأهل والأولاد والأموال، وبيئتك التي تعيش فيها وما يتبعها من مرافق تفيد مجتمعك أمانات، والعمال والخدم أمانات، والوزارة والإمارة والقضاء والفتوى وما يلحقها أمانات.
وفي الحديث الشريف" أد الأمانة إلى من إئتمنك ولا تخن من خانك "
وعن عبادة ابن الصامت رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
"اضمنوا لي ستا أضمن لكم الجنة اصدقوا إذا حدثتم وأوفوا إذا وعدتم وأدوا الأمانة إذا ائتمنتم وغضوا أبصاركم واحفظوا فروجكم وكفوا أيديكم" صدق رسول الله صل الله عليه وسلم
نسأل الله تعالى أن يجعلنا ممن أدى الأمانة ورعاها وحفظها.