تعرفت عليه .. تعلقت به إلى حد الجنون !! تورطت معه .. أكتفت به ولم تكتف منه !! ثم تفرقا ، حاولت أن تنساه .. لكنها لم تستطع رغم ما فعل .. ودائما ما تتذكره .. حنينها إليه يزداد يوما بعد يوم .. فتكتب إليه رسالة :
كلما حاولت أن اكتب عنك ، يأبى قلمي ويدمع قلبي وتتدفق شلالات الدموع من عيوني ، وتمر ذكرياتي معك كشريط لا يتوقف ، حتي يغلبني النوم !!
أعترف بأنني أحببتك أكثر مما ينبغي !!.. لكنك لا تعلم ولن تعلم ، ليتنا ما التقينا !! .. وهل حقا التقينا ؟! لا .. لم نلتق ولن نلتقي أبدا !!؟
لقد صنعتك من وحي أوهامي ، ونسجت في خيالي قصص وروايات وحوارات معك لا تنتهي ، ليتني ما عرفتك !! .. وهل عرفتك حقا ؟؟! أبدا لم أعرفك ! .. لقد رسمت صورة مثالية لك ، وعشقت تلك الصورة ، تصورت رجولتك .. شهامتك .. اهتمامك بالجميع ومساعدتك لهم .. تخيلتك ملاكَا يضحي براحته من أجل غيره .. يعطي و يعطي بلا مقابل !!
تخيلتك أخا وأبا وصديقا ، كنت عندك مجرد عابرة ، وأنا جعلتك وطنا .. كنت أحب حضورك وأمقت غيابك .. كنت أُجن عندما تغيب يوما ، وأسأل عنك كل عابر يمر، لم يهمني أن يتهموني بك أو يُساء الظن بي ، كان الشوق يقتلني ويفقدني عقلي !!
كنت أشتاق إليك حتى وأنت تحادثني ! عشقت كل شيء يخصك ، كلماتك .. أهلك .. موطنك .. حتى عتابك وجرحك لي أحببته !!
حتي تلك التي ظننتها حبيبتك ، أحببتها رغم غيرتي منها ، قلت لي إنها لم تكن غير عابرة مثل الجميع ..علمت بعدها إنها فتاة من فتياتك الكثيرات التي لم أرهن !! كنت توهمني بأنهن أخوات حولك وأنت تساعدهن !! ، حكيت لي عن الجميع .. ظننتها ثقة منك ،علمت بعدها إنك كنت تثير غيرتي عليك ! كم أخشى أن تحكي لهن عني !!
ليتك لا تفعل !، لم يكن بيننا ما يشين ، ولكن مجرد أن تحكي عني كأنني مثلهن عابرة ، مؤلم جدا يا صديقي !!
لقد كنت أقرب إليَ من ذاتي .. كنت تسمعني باهتمام ، وتقلق عليَ بشغف أخ و تحاسبني مثل أب يخشى علي إبنته .. كان يروق لي اهتمامك ويبهرني حضورك .. كنت تحتويني بكلمة واحدة تقولها لي !!
كنت أحس ذلك كله أو أتوهمه .. لا أدري ؟!
أحسست حنانك وحبك .. أتذكر عندما مرضت وظللت تتصل بي كل يوم ، بل كل لحظة بلهفة واهتمام وخوف ، وقتها أحببت مرضي لأنه جعلك أبا كنت أفتقده ولازلت ، قلت لي وقتها إنك مرضت لمرضي ، وأجلت سفرك لتطمئن عليَ .. كم فرحت وقتها ، وكأنني شفيت من أي مرض و خلعت رداء كل ألم وحزن !!
كنت سعيدة أن لدي شخصًا يخاف عليَ من الألم ، ويجعلني في أول اهتماماته ، ويُهون من حجم مشكلتي ، ويخبرني أنه لا شيء يستحق حزني !!، فأحببتك بكل ما أوتيت من مشاعر، وخذلتني بكل ما أوتيت من قوة !!
يا أنت !
أنا لم أحبك مثلهن ، لم أعشقك عشق ليلى لقيس ، ولم أتخيل نفسي بأحضانك ، لم أحلم حتى بقبلاتك ، لم يكن حبي لك اشتهاء بلا كان احتواء !!
لقد أحببت الأمان و الراحة التي وجدتها لديك .. ظمئي للاهتمام جعلني أغرق في بحور عطفك ، جعلني أتمسك بك كثيرا .. جعلتك عائلتي وملجئي دوما بعد الله !
كنت أشعر إنك تعرفني أكثر مني ، إنك تحس بي رغم آلاف الأميال بيننا !!
لقد صَدقت إنك معي ! نعم كنت أشعر بك هنا ، لن تصدق أبدا أن روحانا كانتا تتلاقى !!.. ستقول كعادتك إنني مجنونة !، نعم مجنونة بك !!
يا أنت !
ألا تذكر لي شيئا ؟! ألا تتذكرني أبدا ؟! لقد كنت تمدني بالحياة ، قلت لك إنك رمانة الميزان لحياتي ولم تفهم .. فقدت توازني بعد فراقنا ، أنا أتألم وأنت لا تبالي !!
كنت أقرب الناس إليك .. أشعر بألمك ، وأفرح لفرحك . أقلق لقلقك .. لم نكن نفترق ابدا ، فمتى كنت تحدثهن وتعيش كل تلك الروايات التي سمعتها عنك منهن !؟
واليوم أشعر إنك غريب ، وكأنني ما عرفتك أبدا ولا تحدثت معك عمرا !! ليتك تعلم إنني صَدقتك حتى وأنت تكذب !! والتمست لك آلاف الأعذار، سامحتك علي قتلي وذبحي وأنت أذقتني مر التعلق وخذلتني آلاف المرات !!
يا أنت !
اعلم إنني تركتك لأنني أحبك ، وأخشى أن أجرحك ، أخشى أن أواجهك بمغامراتك وكذبك ونفاقك وخداعك للجميع ، فابتعدت وأنا مصدومة منك ومنهارة تماما !! ابتعدت وقلبي يتمزق كل ليلة
مرت أعوام لم أعد أحصيها ، بدونك صارت الأيام سقيمة ومملة لا مذاق لها !!
في غيابك لم يعد العيد يأتي ، ولا الفرحة التي كنت أحسها بوجودك !! لم يعد قلبي ينبض لكنه يبكي اشتياقا و يتمزق حنينا إليك .
في غيابك غاب عني كل شيء ، حتى أنا لم أعُد منك !!
يا أنت !
أعلم إنك لن تقرأ ولن يصلك كلامي أبدا !، أعلم إنك لا تتذكرني وكأننا لم نلتق أبدا !! وبالرغم من ذلك فإنني لم ولن أنساك ابدا !!
يا أنت !
اعلم إنك حلمي المستحيل ، ولكنني كعادتي أعشق المستحيل ، أو كأنني أتلذذ بالعذاب والألم !!
وأي ألم هذا ؟!
أن أحبك وأنا أعلم كم أنت سيء ؟! أن أحبك وأنت لن تكون أبدا لي !! أن أحبك وأنت لا تعلم ولن تعلم أبدا !!
يا أنت !
اعلم إنك ذبحتني بحضورك !، وأنا عاقبت نفسي بغيابك !
اخترت الفراق لأعصم نفسي من الخطأ ، وأعصمك من العتاب والكذب والمكابرة ، اخترت الابتعاد رغم إنه الموت بالنسبة لي ، اخترت أن تعيش أنت وأموت أنا كل ليله !! بل أموت كل لحظة تمر لا أسمع فيها صوتك ، بلا رسائلك بلا سؤالك !!
أقسمت لي أن تظل سندى وألا نفترق .. لكنك أجبرتني علي الفراق ، اخترت الابتعاد وأنا أتمنى قربك ، تخيلت إني سأنساك بمرور الوقت كما نسيتني أنت !!
أنا أتألم .. وأنت تتخيل سعادتي وراحتي بعدك ، لأنك لا تبالي بمن يذهب ولا بمن يعود ! لا تسعى خلف الماضي لأن حاضرك عامر بهن !!
كذبت عليَ كثيرا وتحملتك أكثر ، حتى فقدت الثقة بك فابتعدت ، وفي كل خطوة كنت أخطوها بعيدا عنك كنت أعود خطوتين ! ، لعلك تتغير ! لعلك تشعر بي ! لعلك تعترف بجرحك و تعتذر عما سببته لي من ألم ووجع !!
اخترت الابتعاد وأغلقت كل أبوابي و أوصدتها ، حتى لا تسول لك نفسك فتحها ، ولا تسول لي نفسي في لحظة ضعف طرقها !! حتى لا أضعف وأعود لمملكتك وأتعلق بك مرة أخرى !!
أتذكر كيف نصحتني ألا أتعلق بك أو بغيرك ؟! ، ولكن بعد أن تورطت معك ، أذقتني مر التعلق لأتجرعه كل ليلة وأتألم حتى الموت !!
قلت لي إنك تنسى سريعا وتخيلت إنني سأنسى مثلك !، فعلت كل ما نصحتني به لأنسى .
لعبت مع الصغار فلم أنسى ، ألهيت نفسي بألف ألم غيرك ، بألف كتاب ، بألف عمل ، بألف مشقة لآهلك تعبا ، كنت آهلك ولا أنسى ، نسيت نفسي و نسيت كل شيء ونسيت أن أنساك !!.
ما يحزنني إن كل شيء قد توقف عني ، الفرح والسعادة والراحة .. ما عدا تلك الدموع التي لم تتوقف أبدا !!
يقتلني الشوق كل ليلة ، رغم إنني اتخذت قرار الفراق الأبدي ، كل ليلة أتألم وأنتحر حنينا وشوقا !! فلم يكن سهلا عليَ أن أنسى نفسا سكنت بداخلي !؟
يا أنت !
اعلم إنني في لحظات الحنين أضعف ، و أكتب لك آلاف الرسائل بدموع قلبي ، لكنها تتحطم عند صخرة كبريائي وكرامتي !!، فأمحو رسائل قلبي بعقلي ، واكتفي بالاطمئنان عليك من بعيد !! لأعود باكية عندما أراك تعيش بدوني !، كأن شيئا لم يكن !! تتسامر مع هذه وتلهو مع تلك وتمرح .. وتتغزل في أخريات بكلماتك التي خلتها يومًا ما إنها ليَ !!
أبكي نادمة علي شوقي لك ، وأعود إلي حيث أنا كل ليلة ، أحارب الذكريات أحاول وأدها .. وأغوص بدموعي في بحور الحنين وأصارع الشوق وأنزف دمعا ، حتى يغلبني النوم !
تنهي الرسالة ثم تمحوها !! مرددة : " لا بأس أنه مجرد حنين " .