الذكريات، كأمواج البحر تدفعني بقوة، تحركنا مدًا وجزرًا، تارة أفرح و تارة أحزن، حتى تلك الذكريات الجميلة مؤلمة لأنها صارت ذكريات، فقد رحلوا من كانوا يشاركوننا فرحنا بها، نبتسم لطيفهم كلما مر بمخيلتنا ولكن سرعان ما تباغتنا الدموع رغما عنا! أكاد أن أجن فهي لا تكف عن مطاردتي هنا وهناك، في صحوي ونومي، في جلوسي وسيري، في كلامي وصمتي، وحيدة كنت أو بين الجموع، أحاول ان أبعدها، أحاول طردها عني، أحاول ألا أستسلم لها كأنني في حرب وصراع لا ينتهي معها!
تلك الذكريات كأنها لعنة الوفاء، لكن لمن؟! الوفاء لمن خان وخذل؟! أم لمن رضى لنا الحزن والألم! يا إلهي! من جعلها تلاحقني مرارا؟ رحماك يا ربي! لقد تعبت وأنا أحاول الفرار منها، لكنها تغلبني دوما وتغتالني حتى وأنا بين الحشد، تغتال أفكاري، تكاد تفتك بي، رأسي مليئة بحوارات لا تنتهي، مع الذين رحلوا و الذين لم يأتوا بعد! الحوارات لا تتوقف أبدا، ليتنا أقوياء بما يكفي
لنتجاوز الأوجاع، ونسقطها من ذاكرتنا! لكنها الذكريات ناقوس يدق ليحرمنا نعمة النسيان!