في قاعات المحاكم والهيئات القضائية المختلفة، نرى صورة ميزان العدل بكفتيه المتوازيتين واضحة جلية، متبوعة بالآية القرآنية من سورة النساء (58): "...وإذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل"
هذا المشهد المضبوط المُحكم هل يُنَبِّئُ بتطبيق عادل للعدالة، وهل يُنَبِّئُ بتنفيذ القوانين بحذافيرها كما شرعها المشرعون؟
أم أن هناك أوجه قصور، وقُوى خفية، تتلاعب بنصوص القانون، وتأخذ من ثغراته مخرجاً ليتحول المجني عليه إلى جانٍ، وتتبدل أركان الجريمة شكلاً وموضوعاً!
القواعد والمباديء التي أُسس من أجلها القانون يُفترض أن تكون رادعة، فقد بُنيت ووُضعت للفصل في النزاعات والخلافات والقضايا المختلفة، من أجل إعطاء كل ذي حق حقه.
من الطبيعي أن يكون هناك جملة من القوانين، للحد من الظلم والفساد، ومجازاة المخطئين ومرتكبي الجرائم، ولكن دائماً ما يكون التلاعب ببنوده سيداً للموقف.
وهنا يأتي السؤال:
لماذا لا نتخذ من سلوكنا -بالدرجة الأولى- قانوناً نضعه نَصب أعيننا في إيقاف أنفسنا عن ارتكاب كل ما هو خطأ ومشين؟
القانون وضعناه نحن البشر، لأننا نصيب ونخطئ، وتأخذنا هفواتنا إلى ارتكاب حماقات تحت تأثير الغضب، ولكنه أحياناً غضب مشروع، كالدفاع عن العرض والشرف، أو الدفاع عن النفس في بعض المواقف وما إلى ذلك...
هنا يأخذ القانون مجراه، ولكن هل تتحقق العدالة بين حيثيات الفعل ورد الفعل.
أرى أن العدالة لم تتحقق، ولن تتحقق كما يجب، طالما كانت الفوارق في الطبقات ما زالت قائمة، وطالما كان هناك أقوياء وضعفاء.
إذا كانت العدالة البشرية رهناً للشكوك، فإن العدالة الإلهية هي اليقين عند ملك الملوك، وهي الأبقى يوم الحساب العظيم،
فإذا اختل ميزان الدنيا فهناك ميزان العدل لا يظلم أبداً.
العدالة الإلهية هي نور الله في الأرض، ومن دونها يحل الظلام، ويقيننا بالله يحمينا من عدالة الأرض الظالمة،
تبقى العدالة الإلهبة دائماً القول الفصل،
وشتان الفارق بين قاضي الأرض وقاضي السماء.
فقد أقسم الله -سبحانه وتعالى- فقال :
وعزتي وجلالي لأنصرنك ولو بعد حين.