تبًا لذاك اليأس، موهن النفس، سليط الإحباط ..بارعٌ هو في إجهاض عزيمتنا، يتلذذ في إرباك خطانا خطوة تسلم الأخرى ..حتى يصل لغايته، بعد ما ينسج..شباك الإحباطات، لتعوق وميض الأمل.. لأن يصل إلى نفق الحياة ،ودون أدنى شك ..نتقبله على أنه أمر واقع لا محال!!
مع أننا لو تمهلنا قليلًا في تخطي إحباطاته تلك. ..لسوف نجتاز طريق طويل من المخاوف..قبل أن يصل هو لغايته فينا .
احيانًا يراسلنا الله برسائل خفية على هيئة إنسان, أوموقف ما..ليثبت عنايته لنا، وإحاطته بنا، فمنذ فترة إمتلكني ذاك الشعور، وأخذ ينهش قوة إيماني..حتى أني إستسلمت تمامًا كفريسة تحت مخالبه، لكن أكثر ما كان يطمئني
دائمًا أني أعلم يقينًا أن الله لن ينسانا، وأن طريق الخير يبدأ بخطوة..كذاك الطريق الذي سلكته ذات يوم، لم يكن طريقي
ولم تكن تلك هي الحافلة التي اقصدها..لكن يشاء القدر أن
أقضي فيها وقتًا اشبهُ بمشفى الروحِ، وفي الصف المجاور للصف الذي كنت أجلس فيه كانت هناك طفلةٌ ..ملائكية الوصف..ترتسم علي محياها إبتسامةٌ غائمة.. وكأن لها صلةٌ وثيقة بشمس النهار في يومٍ قارص البرودة...!!
عيناها تحملُ .جمالاً لا يقلُ عن جمالِ إبتسامتها..وهبُ للملائكة
جمالًا فوق جمالهم..ثم ضف عليه طبع الجود، وإعتياد الكرم !!
فلقد مدت يدها بحقيبة امها التي كانت مستغرقة في النوم..وإذ بها تُخرج علبة حلوى..وزعت علي كل الجالسين وعندما جاء دوري..رفضتُ بتدلُلٍ عليها متعمدةً فعل ذلك....كي تقترب مني أكثر فأكثر، لا ادري لما فعلت ذلك؟! لكنَّ شيئًا ما في ملامحها جذبني إليها بشدة..منذ أول وهلة!!
فلما أصرت بدعوتها على قبولي قطعة الحلوى اياها اضطررت لقبولها شريطة أن تستاذن امها اولاً..تفهمت ببديهتها رفضي، فاندفعت بقوة نحو أمها وهي ملتفتة إتجاهي، تصحبُها إبتسامةٌ عريضة ذات ثقة..وهي تقول لي: أضمنً لكِ ان امي لم ولن تُعقب على مافعلت"ماما مش ها تقولي حاجة". وفجأة وعلي غير توقع!!
ارتطمت البنت برجل احد المقاعد، فسقطت بقوة علي الأرض.
خانتها قواها في حين أنها لم تخونها عزيمتها ك محارب جسور لا يتخللهُ روح الهزيمة، ولا اليأس من روح الله في معركته !!
ومفاجأة المفاجأت..إنفلتت من علي راسها "طاقيتها الصوفية" سحبت معها...شاهد ليس بمصدر قوةٍ في قضيتها...بقدر ما هو دليلٌ على ثبات إرادتها ..الا وهو "شعر مستعار" سرعان ما بسطتُ إليها يداي..وإذ بها تتلقف ذاك الشعر اولًا، ووضعته علي راسها بشكلٍ تلقائي..ويكأن هذا الموقف كثيرًا ما تعرضت له.!!.فلم يبدو عليها اي ردة فعل توحي بالخجل، أو إستنكار لموقفها أمام الجالسين ..بل بالعكس !!
أُعجب الجميع بفعلها العفوي..وشاركوها معركتها..بأسلحةٍ أدميةٍ وأصدقُ الوصف لهذا الموقف مؤازرتهم إياها. .علي قلب واحد، وكانها سكبت علينا جميعًا من روحها الملائكية..إحساس ذو كفتين..كفةٌ ثقلت بضعف النفس حتى بلغت ذروة اليأس الذي لا يُحمد عًقباه، فارتدت الكفة الأخرى راجحة..بقوةِ الإيمان، والإرادة والعزيمة ،تنادي صاحبُها ها انا ذا..يا صاحبي فلا تيأس من روح الله..!!
لا املك ان احكم علي الجميع إن كانت قد تركت فيهم ما يجعل ان نُعد له العُدة ليومٍ كهذا؟ لكنها بالتأكيد وضعت يدها علي جروحٍ أُضمرت وخارت قواها. .وأعطت لكلٍ منا ضمادً لجرحه يبرد الصدر..فقط بإيمان النفس الراضية، وقوة الإرادة..!!