في عالم يُفترض أن يكون عنوانه الجمال والصدق والتفرد، تسللت أيادٍ ملوّثة بالزيف والتقليد لتعبث بأقدس ما في الفن: الأصالة.
فالتزوير والسرقة في الأعمال الفنية ليست مجرد أفعال فردية عابرة، بل جريمة مكتملة الأركان، تمس الضمير المهني، وتغتال روح الفنان الحقيقي، وتشوّه ذائقة المتلقي.
هي خيانة مزدوجة: خيانة للفن، وخيانة للثقة.
التزوير في الفن له أشكال عديدة، قد يبدأ من تقليد لوحة شهيرة ونسبها إلى صاحبها، أو انتحال توقيع فنان معروف، وقد يتطور إلى سرقة فكرة مبتكرة من فنان صاعد وإعادة تقديمها على أنها إنتاج فني جديد.
في عصر السوشيال ميديا والانفتاح الرقمي، أصبحت السرقة أسهل مما نتخيل. فصورة لوحة على إنستجرام قد تُنسخ، تُطبع، تُعرض، وتُباع دون أن يُذكر اسم صاحبها الأصلي.
يُسرق المجهود، والخيال، والسنين التي عاشها الفنان في تدريب روحه ويده، وتُلقى في جيب من لم يُبدع سوى الجُرأة على الخداع.
والفن اصبح سلعة ، ولأن بعض القلوب لا ترى سوى السعر، لا القيمة.
ولأن في عالمنا من يلهث وراء الشهرة والمال ولو على حساب شرف الحرفة.
هناك من يجد في "نسخ الأعمال" طريقًا مختصرًا نحو مجدٍ مزيف، دون أن يدرك أن الفن الحقيقي لا يُستنسخ، بل يُخلق من داخل الروح
وقد يشعر بالخذلان أكثر من فنان يرى فكرته تُسرق، وتُعرض في صالات العرض، ويتلقّى سارقها التهاني.
يُطفأ في قلبه نور الحماس، ويغرق في دوامة من الشك في جدوى ما يصنع، وكأن العالم لا يكافئ الصدق بل يحتفي بالمزور.
والسؤال الذى يطرح نفسه هل توجد حماية قانونية؟
اقول لك نعم، لكن الواقع يقول إنها بطيئة ومعقدة، خاصة في الدول التي لا تزال تنظر للفن على أنه ترف لا يستحق الحماية الصارمة.
ولذا، تظل الوقاية الأخلاقية أهم من الوقاية القانونية.
فالتزوير والسرقة في الفن ليست فقط جريمة قانونية، بل إهانة للإنسانية، لأن الفن هو انعكاس الروح، ولأن من يسرق فنًا، إنما يسرق جزءًا من روح صاحبه.
أيها الفنانون، لا تتنازلوا عن التوقيع، لا تترددوا في حماية أعمالكم، ولا تصمتوا أمام السرقات.
وأيها الجمهور، لا تبهركم الألوان قبل أن تبحثوا عن القصة وراءها... فليست كل لوحة جميلة حقيقية، ولا كل توقيع صادق
.
وفى نهاية حديثي احب ان اهمس في أْذن محبي الفن والجمال:
الفن مش بس ألوان وخطوط... ده حكاية، ووجع، وسنين من الشغف.
لو صادفت عمل فني حسيته مسروق أو منسوب لغير صاحبه الحقيقي، متترددش تبلغ أو تدعم الفنان الأصلي.
خلينا نحافظ سوا على قيمة الفن ونحترم تعب كل فنان حقيقي، لأن الإبداع أمانة... والسكوت على السرقة مشاركة فيها.
ودمتم بخير..