في ظل انتشار وسائل التواصل الاجتماعي وتزايد أهمية الصورة والعرض البصري، برزت ظاهرة توزيع الأموال أمام الكاميرات بطريقة متعمدة من قبل بعض الفنانين والشخصيات العامة. يُستغل هذا التصرف للحصول على "اللقطة" التي تُظهرهم وهم يقدمون العون، لكن في الوقت نفسه تُستخدم هذه المشاهد لتشكيل صورة نمطية سلبية تُظهر الشعب المصري كمن يبحث عن المال بشكل مستمر.
على الرغم من أن العمل الخيري في حد ذاته يُعتبر من أسمى صور الإنسانية والعطاء، إلا أن بعض الفعاليات التي تتضمن توزيع الأموال على المحتاجين تُنظم بطريقة تهدف إلى جذب الانتباه الإعلامي بدلاً من تحقيق هدفها النبيل. يُلاحظ أن هؤلاء الأشخاص يستغلون الكاميرات والصحافة المرئية ليُظهروا صورة محسوبة لأنهم يقومون بأعمال خيرية، مما يُعطي انطباعًا زائفًا عن واقع المجتمع.
يُهدف هذا السلوك إلى عدة دوافع، منها:
السعي للظهور الإعلامي: تُستخدم فعاليات توزيع الأموال كوسيلة لتعزيز المكانة والشهرة الشخصية عبر وسائل الإعلام.
التأثير على الجمهور: من خلال تصوير مشاهد العطاء أمام الكاميرات، يُراد التأثير في الرأي العام وإقناع الجمهور بأنهم قد يكونون أكثر سخاءً مما هم عليه في الواقع.
التلاعب بالصورة النمطية: تُستغل هذه اللقطات لتصوير الشعب المصري على أنه "جعان للفلوس" في محاولة لتشويه صورة المستحقين، مما يُثير تساؤلات حول دافع العمل الخيري الحقيقي.
قد يؤدي هذا النوع من التصرفات إلى عدة آثار سلبية:
تشويه صورة الفقراء: بدلاً من تسليط الضوء على معاناة المحتاجين وإظهار قصصهم الحقيقية، تُستغل هذه اللقطات لتقديم صورة نمطية تُقلل من كرامتهم.
إضعاف الثقة في العمل الخيري: عندما يُنظر إلى هذه التصرفات على أنها استغلالية، فإنها قد تُفقد الناس الثقة في المؤسسات الخيرية والأفراد الذين يسعون لمساعدة المحتاجين.
انتقاد الفنانين والشخصيات العامة: يُثار جدل واسع حول مدى صدق ونية هؤلاء الذين يقومون بهذه الأعمال، حيث يُنظر إليها كأدوات تسويق شخصية بدلاً من خدمة المجتمع.
من المهم أن يُعاد النظر في كيفية تنظيم فعاليات العمل الخيري:
التركيز على الهدف الحقيقي: يجب أن يكون الهدف الأساسي هو خدمة المحتاجين وتقديم الدعم لهم دون سعي وراء الشهرة أو الترويج الذاتي.
الشفافية في العمل: يُنصح بتوثيق عمليات التوزيع بشكل يبرز واقع الحاجة دون تزييف أو تمثيل، مما يُعزز الثقة لدى الجمهور.
دور الإعلام: ينبغي أن يلعب الإعلام دور المراقب والموجه، بحيث لا يُساهم في نشر صور مشوهة عن الفقراء، بل يركز على تسليط الضوء على الجهود الحقيقية في دعم الفئات المحتاجة.
واخيرًا..
إن العمل الخيري يجب أن ينبع من نية صادقة وإخلاص في خدمة الآخرين، دون الحاجة إلى استغلال الصور واللقطات لجذب الانتباه. توزيع الأموال أمام الكاميرات بشكل متعمد يُشكل تحديًا أخلاقيًا وإعلاميًا، فهو لا يخدم الهدف النبيل للعطاء، بل يسهم في تشكيل صورة سلبية وغير دقيقة عن واقع الشعب المصري. لنحقق تأثيرًا إيجابيًا حقيقيًا، يجب على الجميع التركيز على الشفافية والإخلاص في كل خطوة من خطوات العمل الخيري.
وكل عام وانتم بخير..