ها نحن نودّع عامًا هجريًا مضى، ونستقبل عامًا جديدًا، لا نحمل فيه سوى دعواتنا، وأمنياتنا، وما تبقى في القلوب من إيمانٍ بأن القادم أجمل بإذن الله.
إنه عامٌ هجريٌّ جديد... لا تُقاس قيمته بعدد الأيام، بل بما نحمله فيه من نوايا، وما نكتبه في صفحاته من أفعال.
تمرّ علينا هذه المناسبة العظيمة ونحن أحوج ما نكون إلى الوقوف مع أنفسنا لحظة صدق؛
نسأل فيها قلوبنا: كيف مضى العام الذي فات؟
كم ظلمنا؟ وكم سامحنا؟
كم بكينا؟ وكم أسعدنا غيرنا؟
كم اقتربنا من الله؟ وكم ابتعدنا؟
الهجرة ليست فقط حدثًا تاريخيًا نحتفي به كل عام، بل هي رسالة متجددة بأن الحياة لا تُبنى على الركود، بل على السعي والتغيير والتحوُّل.
كما ترك النبي ﷺ وطنه، وبيته، وأحبته، من أجل إعلاء كلمة الحق، نحن أيضًا بحاجة للهجرة...
هجرةٍ من الكسل إلى العمل،
من الغفلة إلى اليقظة،
من الحزن إلى الرضا،
ومن الظلمة إلى النور.
فليكن هذا العام بدايةً جديدة مع الله، مع أنفسنا، مع من حولنا...
بدايةٌ نُطهّر فيها قلوبنا من الحقد، ونملأها بالسلام،
نمدّ أيدينا لمن خاصمنا، وندعو لمن أساء إلينا، ونغفر لأنفسنا قبل أن نغفر للآخرين.
ولْنُجدّد نيتنا في كل خطوة...
في كل ابتسامة، في كل دعاء، في كل خير نزرعه،
علّنا نكون ممن قال الله عنهم:
﴿وَالَّذِينَ آمَنُوا وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ... أُولَٰئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا﴾ [الأنفال: 74].
في بداية هذا العام، دعونا نُهدي أنفسنا لحظة سلام...
نكتب فيها أهدافنا، ونسأل الله أن يعيننا عليها،
نزرع فيها حُلمًا صغيرًا في قلبنا، ونبدأ السعي نحوه خطوة خطوة.
فالعام الجديد ليس موعدًا على التقويم...
إنه فرصة...
قد تكون الأجمل في حياتنا!
كل عام وأنتم بخير،
عامٌ هجريٌ سعيد، تنسجون فيه لحظاتِ فرحٍ لا تُنسى، وتكتبون في صحائفه الخير والنور والأثر الطيب.
ودمتم بخير..