عندما يتحوّل الزوج إلى جدار بارد لا يُجيد سوى السكوت
في بعض البيوت، لا تُسمع أصوات صراخ أو شكاوى…
ولكن تسكنها قسوة من نوع آخر، قسوة تمشي على أطراف أصابعها، وتختبئ خلف ستائر الصمت…
إنه الصمت العقابي، ذاك النوع من العقاب الذي يُمارسه بعض الأزواج ضد زوجاتهم، ليس بالكلام، بل بـ"اللا كلام".
فيختار الزوج أن ينسحب من الحديث، ويتجاهل وجود زوجته، ويتوقف عن أي تواصل لفظي أو عاطفي، بل وقد يصل الأمر إلى استخدام الأولاد كـ"وسطاء" بينه وبينها، فيصبح المشهد كالتالي:
"قولي لمامتك تعمليلي أكل"،
"قولي لمامتك مش خارج النهاردة"،
"قولي لمامتك تسيبني في حالي".
فتتحوّل الزوجة إلى ظلّ في بيتها، تسمع، وتفهم، وتُلبّي… ولكن لا أحد يُكلّمها.
فهل تعلم عزيزي الزوج آثار هذا الصمت العقابي على العلاقة والزوجة؟
أولاً انطفاء تدريجي للمشاعر
فالصمت الطويل يُضعف رابط الود، ويستنزف الطاقة العاطفية للطرفين، وخاصة المرأة التي بطبعها تحتاج للكلمة والاهتمام.
ثانيًا قتل الحوار
حين يصبح الصمت هو الرد الدائم، تتآكل لغة التفاهم، ويتحوّل كل شيء إلى إشارات باردة لا تُغني ولا تُشبع.
وثالثًا وهذا الأهم هو تشويه الصورة أمام الأبناء
عندما يُستخدم الأبناء كوسيلة تواصل، يتعلم الطفل أن "الصمت هو وسيلة ضغط"، ويبدأ في تقليده لاحقًا.
وأخيرًا ..شعور الزوجة بالإهانة والنبذ
فلا شيء أقسى من الشعور بأنكِ غير مرئية في مكانٍ يُفترض أنه ملاذك الآمن.
فماذا تفعل الزوجة حين تواجه هذا الصمت المؤلم؟
في مجتمعاتنا، كثيرًا ما تُنصح المرأة بأن تصبر، وتتحمل، وتنتظر أن "يهدأ الزوج" ويعود.
لكن الواقع يقول إن هذا النوع من الصمت إذا قُوبل بالسكوت، يُصبح عادة مزمنة، وسلاحًا جاهزًا في كل خلاف.
وهنا، لا بد من أن تعرفي أيها زوجة أن
كرامتك لا تُهدى للصمت
وصمتك عن الإهانة لا يعني نُبلًا، بل قد يعني انكسارًا
فرسالتي إلى كل امرأة تتعرض للصمت العقابي:
لا تجلسي في انتظار كلمة… لا تبكي بحثًا عن اهتمام…
عيشي حياتك.
نعم… عيشي.
اخرجي مع صديقاتك.
زوري أهلك.
انشغلي بنفسك، بتطويرك، بسلامك الداخلي.
ليس كعقاب مضاد… بل كوعي، كرسالة مفادها:
"صمتك لم يكسرني، ولم يُسكِت صوتي الداخلي."
وعندها سيدرك الزوج أن تجاهله لم يحقق ما أراد، سيبدأ في مراجعة نفسه…
وسيدرك أيضًا أن الصمت لم يكن وسيلة للتأديب، بل طريقًا لخسارة إنسانة كانت تحبه بصدق.
فالحب لا يصمُت.
والشراكة لا تُبنى على الإهمال.
والزوجة ليست جهاز استقبال يتلقى التجاهل ثم يعمل تلقائيًا دون كلل.
فاختاري كرامتك بهدوء، وواجهي الصمت… بالحياة.
دمتم بخير..





































