حين نتحدث عن مقوّمات العلاقة الزوجية الناجحة، تتبادر إلى الأذهان مفاهيم كثيرة: التفاهم، الاحترام، الثقة، والتكافؤ. لكننا قلّما نتوقف عند ركن أساسي بسيط، يتسلّل إلى القلوب دون استئذان، ويملك القدرة على إنعاش الحياة الزوجية، ألا وهو الكلمة الطيبة.
قد يظن البعض أن الكلمات لا تُغني ولا تُسمن، وأن الحب الحقيقي يُثبت بالأفعال فقط. غير أن الواقع، وتجارب الحياة، والدراسات النفسية، تثبت أن الكلمة الطيبة هي عصب العلاقة العاطفية، وهي الوقود الذي يُبقي مشاعر المودة مشتعلة مهما طالت السنوات.
الكلمة الطيبة ليست ترفًا في العلاقة الزوجية، بل ضرورة نفسية وعاطفية. فكلمة "أحبك" ليست مكررة أو مبتذلة كما يعتقد البعض، بل هي بمثابة طمأنة دائمة للقلب بأن الحب لا يزال حاضرًا. حين يقول الزوج لزوجته: "أفتخر بكِ"، أو "أنتِ جميلة في عيني دائمًا"، فإنه بذلك يعزّز ثقتها بنفسها ويُشعرها بأنها ما زالت محط إعجابه واهتمامه. وحين تقول الزوجة لزوجها: "أقدّر تعبك"، أو "أشعر بالأمان حين تكون بجانبي"، فهي تمنحه دعمًا نفسيًا يرفع من روحه المعنوية ويُشعره بقيمته داخل الأسرة.
الكلمة الطيبة ليست حكرًا على لحظات الرومانسية، بل يجب أن تكون عادة يومية، تُقال وسط ضغوط الحياة، قبل الخروج للعمل، بعد العودة إلى البيت، عند تناول الطعام، أو حتى عبر رسالة سريعة خلال اليوم. هذه الكلمات البسيطة قادرة على تغيير المزاج، وتخفيف التوتر، وامتصاص الغضب، وبناء جسر متين من القرب العاطفي بين الزوجين.
ولعل من المؤسف أن بعض الأزواج يمتنعون عن التعبير بالكلمات الطيبة بدعوى "الخجل" أو "الوقار" أو حتى "الزمن تغيّر"، غير مدركين أن القلوب لا تشيخ أبدًا عن سماع كلمات الحب، ولا تفقد حاجتها إليها مهما تقدّمت الأعمار.
وقد كشفت دراسات حديثة في علم النفس الأسري أن الكلمات الحانية لها أثر مباشر على نسبة الرضا الزوجي، وعلى تعزيز الشعور بالاستقرار والثقة والانتماء. بل إن بعض التجارب الاجتماعية أثبتت أن تكرار العبارات الإيجابية بين الزوجين يقلل من الخلافات اليومية، ويزيد من التفاهم في المواقف الصعبة.
نحن بحاجة إلى إعادة إحياء ثقافة التعبير عن المشاعر. نحن بحاجة إلى إدراك أن الكلمة الطيبة صدقة، وأنها أحيانًا تكون أكثر تأثيرًا من أي هدية أو إنفاق مادي. فربما كانت "أحبك" سببًا في تجاوز حزن، أو كانت "شكرًا لك" بلسمًا لجراح لا يراها أحد.
وفي نهاية حديثي اريد القول أن في العلاقة الزوجية، لا تبخلوا بالكلمات الطيبة. فهي لا تُكلّف شيئًا، لكنها تمنح كل شيء: دفئًا، حبًا، أمانًا، وسعادة. عبّروا عن مشاعركم مهما بدت واضحة، فالمشاعر الصامتة تموت، أما المشاعر التي تُقال بصدق، فهي التي تعيش وتُزهر.
دمتم بخير---