شعور بالغضب المتزايد يعتريني كلما نظرت علي المشهد في مصر ما بعد الطاغية ، يتجاوز التأمل في الكيفية التي تدفع من يدير البلاد من سيء إلي أسوأ بعد سبعة أشهر عجاف فاشلة لا ترتقي إلي أتفه مطالب التغيير معقودة بسلسلة من المهاترات لم ولن تفلح في إقصاء الشعب عن إرادته في ظل حالة التجويع والتركيع المتعمد مع سبق الإصرار علي الوقوف ضد التاريخ لن يجني أحد من وراءه إلا ضياع الوقت وربما سوء المصير
سبعة أشهر مضت جُلُّ خطابها وتصريحاتها لا تحمل إلا لهجة التآمر الخارجي والداخلي وكسر عين الشعب بالانحياز لثورته ، تلك الشهور العجاف شهدت حادث كارثة نووية يابانية انبطح كل رجال الجيش الياباني علي الجسور والطرقات تحت أقدام الشعب ليدهسوا بأحذيتهم ظهور فرسانهم ليعطوهم شرفا إنسانيا لا يتكرر في العمر مرتين وهكذا يكون الرجال حين تأتي الشدائد ، ولو اتهم أحد مؤيدي نظرية المؤامرة اليابان بتركيب الصور فلدي سؤال خطير جدا : لماذا لم نري صورا مركبة للمخلوع حسني مبارك وهو بين جنوده ورجاله قبل حرب 73 والسؤال الأخطر يا عزيزي القارئ : ما هي حالة القوات الجوية المصرية تحت قيادة حسني مبارك قبيل وأثناء حرب 73 فسبحان من أعز اليابان بجيشها وأذل العربان بحكامهم وجلاديهم ..!!
وفي ظل استمرار سياسة الضد التي ينتهجها من يدير شؤون البلاد والتي تجلت بوضوح مستغرب في التعاطي مع حادث اقتحام أرشيف سفارة الكيان الصهيوني (( وهذا ما كنت أتمناه وكم رجوت لحظتها أن يحتفظ حاملي الشواكيش بأوراق هذا الأرشيف لعلنا نتطلع علي بعض مالا نعرف لأنك يا قارئي الكريم حين تريد أن تخبئ شيئا عني فستضعه أمام عيني وهذا ما تفعله معي دائما ابنتي ذات الأربع سنوات )) و إن كنت أرفضه رفضا نظريا ولكنني سعدت به وأنا أشاهد ثورة الشواكيش وأطراف الدخان تختلط بأوراق أرشيف السفارة في سماء العاصمة الوحيدة القادرة علي تحجيم غطرسة هذا الكيان الملعون لتعلن عن رفض شعبي له مبرراته الشرعية الرافضة لسياسة التراجع الغير مبرر ممن يدير البلاد تجاه حقوقه الدولية ورفض السفارة وأصحابها وكيانها ووجودها ضد إرادة كل مصري ، فكم أنت عظيمة يا مصر .. وكم أنت أصيل يا شعب مصر ... ، والأخطر أن إسرائيل قد وضعت الإدارة المصرية الأن في مأزق سياسي عميق بعد رفضها أي شكل من أشكال مراجعة اتفاقية كامب ديفيد وهو ما يعكس حالة من الإستفاهم المريب حول رد الفعل المنتظر والذي سيلعب دورا هاما فيما ستؤول إليه المرحلة المقبلة في تشكيل ملامح الدولة المصرية وتعاملها مع ملفات المنطقة لاسيما ملف الصراع العربي الإسرائيلي والذي يقترب من المواجهة العسكرية علي حد قول أحد المحللين الاستراتيجيين في إسرائيل ..!!
وحتى لا يتحول المقال إلي ما أشبه ( بمطالبة الديك أن يبيض ) لأنني ببساطة أتمني أن تكون النظرة إلي الشأن السياسي المصري أكثر عمقا من مجرد رئيس يحمل أيدلوجية جديدة ذات وعود سطحية ترضي غرور مواطن بسيط ولأن القضية تهدد خطر وجودنا علي صفحة التاريخ وحتى لا أجد من يجادلني جدالا عقيما في تحول مصر إلي علمانية علي الطريقة الإسلامية كأجندة تركية تنتظر التمرير لأن مسألة فصل الدين عن مؤسسات الدولة المدنية لا تعني أبدا أن نتحول من عُرْبَانْ إلي ( عُرْيَانْ ) ولأن الرسول الكريم صلي الله عليه وسلم قال (( أنتم أعلم بشؤون دنياكم )) ، و مصر بحجمها دولة أكبر من أن تتبني أجندة سياسية مستنسخة حتي لو كانت ناجحة فليس أكيدا أن تنجح تجربة إسلامية تتبني الأصولية في صياغة هيكل الدولة المصرية المدنية كما أن مصر لا يمكن أن تتخلي عن تدينها الإسلامي أو المسيحي لأننا بطبيعتنا شعب متدين منذ آلاف السنين والأهم هو أن يمارس كل مواطن شعائر دينه دون تسلط بلا معني حتي لا تعود مصر إلي نظرية الدين لله والوطن للرئيس والتي انتهجها المخلوع طوال سنين حكمه الغبية
لذا لا أري في الأفق خيارا أفضل من حكومة وفاق وطني الأن تضم كل أطياف المصريين بتطلعاتهم تدير المرحلة الراهنة تستطيع أن تعبر بهذا البلد إلي أمان حتي يحتفظ الفرسان بمكانتهم في قلب الأمة المصرية لأنني لازلت حتي الأن أكن كل الخير لهذا المحراب ولازلت أيضا قلقا أن تأتي ساعة الحساب في ظل هذه الظروف التي لا تتماشي مع مصلحة أي فرد أو جماعة تعيش علي أرض مصر ..
وأخيرا .. من لم يتعظ بالناس اتعظ به الناس
يا معشر الفرسان ...
أليس منكم رجل رشيد ..!!
محمود صبري