المقال منشور بجريدة الأجيال ــ السبت 25/2/2012
كنت قد نبهت في منتصف العام الماضي إلي أن مصر قد تتحول في لحظة فارقة إلي مثلث مستحيل الأضلاع ( شعب ومجلس عسكري وثورة مضادة ) ، وقد ذكرت سابقا أن وصول مصر إلي تلك اللحظة معناه أن الأمور ستخرج عن سيطرة من يظن أن ( كله تمام يا فندم ..!! ) ..
اليوم نحن أمام معلومات مؤكدة عن خطة شيطانية لإسقاط النظام الجديد بقيادة الإخوان المسلمين وأن تشكيل الحكومة القادمة بقيادة الأغلبية ما هو إلا كمين مفخخ سيفتك بمصير النظام المرتقب وسيجر خلفه مصر والثورة إلي منعطف لن تحمد عاقبته ،، يسأل بالطبع عن هذه المعلومات وعن مصدرها المفكر العظيم الأستاذ فهمي هويدي أطال الله بقائه والذي ذكر في أخر قوله أنها معلومات مؤكدة لها أصل ومصدر وليست تخمينات رجما بالغيب ، والحقيقة عزيزي القارئ لقد راعني ما عرفته رغم أنني كنت متأكدا أن النية مبيتة علي إجهاض الثورة وتدمير طموحاتها ولم يكن هذا مستغربا في ظل سفالة المبررات التي تطفو علي السطح مع كل حادثة تجزر المئات من الثوار والأبرياء إما قتلا مع سبق الإصرار وإما قمعا خلف القضبان ..!!
العجب أن هذا الجيل العاجز بأمراضه المزمنة منذ حادثة عام ـ 1954 لم يزل مستكبرا في عناده مصرا علي عدم الاعتراف بجرائمه وأخطائه التي مازالت مصر ترسف ذلا من ويلاتها علي صفحات التاريخ الذي يندي له جبين كل مصري وكل عربي وكل من ينتمي لمنظومة الإنسانيه ..! ،،، هذا الجيل الذي لم يصنع انجازا حضاريا يرتقي لحجم وجوده قد ضيع فرصا تاريخية كان من الممكن أن تخلق له ولو سطرا من الغفران علي صفحات التاريخ ولكن للأسف لم يزل متمسكا بمدرسة الهزيمة وفلسفة اليأس ودائما وأبدا أدوات العنف جاهزة للدفاع عن حقارة تيارات الخنوع والإذلال التي يسعى الأن إلي توريثها بالإكراه ولسان الحال علي طول الطريق يقول إما أنا أو الفوضى و الخراب ، وإما أن نستمر في فكر الانحدار أو يكون البديل هو الإحراق ..!!
أصحاب هذه المدرسة المصابة بالشيفونية النافقة ( نفوق الحمير ) هم أنفسهم من كانوا بالأمس يَدَّعون في فجاجة أن وجود الطاغية في الحكم بضعة أشهر قد يعفي مصر من كارثة السقوط ، ثم خُلع كبيرهم الذي رباهم علي الكذب والزور خلع مسمار أعوج أكله الصدأ و حَلَّ خلف القضبان هو وقبيله واستمرت مصر عاما كاملا بلا رئيس ولا غفير ولم تسقط ..!! ، خرجت لهؤلاء أبواق القوادة تفصل أعذارا سيئة السمعة لجنرالات المجلس العسكري وادعوا رجما بالزور جهل من آلت إليهم الأمور بالعمل السياسي وأن ما حدث خلال عام أسود ما كان إلا أخطاءً بريئة المقصد حسنة النوايا ملائكية المغزى قام بها نفر من أبرار الأمة ، ولم يزل مبرر القوادة الوحيد هو انحياز كاذب للثورة لم ولن يتخطى لَيَّ الألسنه الجرانيتية والآراء المتسرطنة وكأن وضاعة التصريحات السوقية والفرقعات ( الإعلانية ) التي يتفوه بها المسئولون أصبحت تبريرا مقدسا يرفع عن صاحبه الحرج الإلهي ،،،،،،، وكأن مصر قد عقمت أن تلد غير قيادات شاخت أجسادها وعَفَّنَ الزمن عقولها ...
الجديد اليوم علي المسرح الهزلي الذي يتراقص عليه كل الأفاكين وكل من يدعون كالعادة بلا برهان ملموس أو دليل محسوس أن البديل هو سقوط مصر ،، الجديد يا أيها القارئ الكريم هو فكرة اللقيط التوافقي أو مرشح القوادة سمه ما شئت فهو في كل الأحوال وفق هذا المبدأ لن يخرج عن إطار استنساخ جديد لفكر فاسد أبي إلا أن يترك السلطة إلي حبل المشنقة ومن ثم إلي مزبلة التاريخ ...
وكلمة أقولها والله شهيدي ..
إن مصر تعيش الأن في الشق الإجرامي من تسفل العمل السياسي ، والذي ادعي زورا أمس بأنه لم يكن من نوعية القادة في سوريا قد يجد نفسه غدا من نوعية القادة في ليبيا , وإن رأي البعض أن تلك الطريقة لم تكن عدلا بقدر ما كانت انتقاما فإن الطرق السوداء دائما وأبدا هي مسدودة علي أصحابها
إن السلمية التي ننادي بها تحتضر وباتت تلفظ أنفاسها الأخيرة ولم يعد أمام قادة هذا الجيل إلا فرصة أخيرة للنجاة من أسوأ مصير هو علي أية حال قادم لا محاله .!!
هل تذكرون ( إبليسكو ) ،،،،، أقصد أيليسكو وكيف تصرف مع الثورة البيضاء في رومانيا عام 1989 ..!!