يوماً ما، وبطريقةٍ ما، ستشعرُ كم أنتَ وحيد، كم أنّكَ بمفردك، وحيدٌ بقدرِ مساندتكَ للجميع، بقدرِ وقوفك بجانب الأقارب والغرباء، وحيدٌ تماماً كذلكَ المنديلِ الذي تأخذهُ الرّياحُ كيفما تُريد، ولا يأبهُ لهُ المارّةُ حتى، كتلكَ الورقة التي سقطَت من شجرتها وجعلَتها تذهب دون أدنى اكتراثٍ بها، ستُراودكَ رغبةٌ قاتلةٌ في الابتعادِ عن الجميع، حتى عن نفسك إن أردت، رغبةٌ في الصُّراخِ ليصلَ حدَّ عنانِ السّماء، تودُّ أن تصرخَ حتى يُغادركَ صوتكَ وألمكَ معاً، لكن انتبه! أنت تصرخُ وأنتَ على درايةٍ تامّةٍ أنّك لن تتخلّص من ذاك الألمِ اللّعين، سيبقى يدورُ حولكَ كما لو أنّهُ عاصفة، يجعلُ من عقلكَ وليمةً للأفكار وربطِ الأحداث، تبدأُ بالتّآكلِ رويداً رويداً حتى تفنى روحكَ ويتبعها جسدكَ، لكنّكَ باقٍ أمام أولئكَ المُتعجرفين مُتصنعيّ الودّ كما لو أنّك تعيشُ في جنّاتٍ لا مثيلَ لها، لذلك عليكَ ألّا تنسى أنّك جثّةٌ هامدةٌ على هيئةِ أسعدِ مُهرِّجٍ في العالم.