انتظرتكَ البارحة، وما قبل البارحة، إنني أنتظركَ منذ اللحظة التي توقّفنا فيها عن الكلام؛ كمراهقةٍ لا تعرف ألاعيبَ الحبِّ بعد، أو كطفلةٍ بريئةٍ تُصدّق كلّ الوعود التي تسمعها.
أحادثُكَ ليلًا، كي لا أسمعَ حججكَ الواهية في النهار، أحادثُ طيفكَ الذي لا يُشبِهكَ أبدًا؛ طيفكَ لا يُخلِف وعوده معي، ولا يجعلني أنتظر دون أن يأتي، لعلّه يأتي كنوعٍ من العوضِ عن تصرّفاتكَ البلهاء.
لكن، أتُصدّق؟
الطفلةُ التي أحبّتكَ وصدّقت كذبةَ حبّكَ لها، لم تعد كذلك، أدركَت الحقيقة كاملةً الآن: لا انتظارَ بعد اليوم، ولا رسائلَ تسكنها العواطف، ولا حتى لقاءاتٌ مع طيفك، تلك الصغيرةُ كبرت، وحان الوقت لتنطلقَ نحو ذاتها، نحو أحلامها الجديدة.
لن تُدركَ ذلك الآن؛ لأنك كالعادة (مشغول).
لكن حين تعودُ لمخاطبتها، سترى أنكَ أصبحتَ تُكلّم امرأةً قويةً، ناضجةً، ومُتخلّيةً تمامًا، ففي التخلّي تجلّي.
انظر، ربّما لن أنساكَ خلال سنةٍ أو سنتين، أو حتى خمس سنوات.
ربّما لن أنساكَ أبدًا، وأبقى أحبّك.
لكن هذه المرّة، سأكون بعيدة... بعيدة جدًا.