آخر الموثقات

  • صادقوا الرومانسيين
  • ربي عيالك ١٠
  • من بعدك، كلامي بقى شخابيط
  • إيران من الداخل بعد الحرب.. 
  • معضلة فهم الحرب على إيران
  • نصر سياسي ايراني
  • قصة قصيرة/ وصاية الظل
  • ق ق ج/ سرُّ الشجرة والقوس
  • قليل من الحياة
  • حين كنت تحبني سرآ
  • رفاهية الضياع
  • وفتحوا المكاتب تخصص جديد
  • يمكن الطريق موحش!
  • الخلل
  • لا أعيش مع بشر
  • اسئلة عقدية خليلية 
  • جرح الكلمات
  • الصالونات الثقافية ...... هل هي بدعة جديدة ؟
  • الحب الصحي
  • المولوية
  1. الرئيسية
  2. مركز التـدوين و التوثيـق ✔
  3. المدونات الموثقة
  4. مدونة ياسمين رحمي
  5. زمن عابدين

بسم الله الرحمن الرحيم

القصة مستوحاة من مذكرات أماديوس ديناخ

بيقولوا أصعب سنين في عمر الواحد هم أول 80 سنة وبعدين بيرتاح تمامًا...

بالحسبة كده فاضل لي حوالي 42 سنة وممكن ننقص منهم كام سنة عشان فرق السن ما بيني وبين اخواتي الكبار، على اعتبار إنهم هيتكلوا الأول، هانت! ما هم اصلهم ملطعين عيني، بيتقمصوا من كل حاجة ودمعتهم قريبة، لكن أعمل ايه لازم أستحملهم وأفضل أسدد في الدين اللي عليا عشان ربوني وصرفوا عليا دم قلبهم، قال إيه أخويا الكبير عامل عيد ميلاد لحفيده أبو 3 سنين، وأصر عليا قال لازم أروح، هو الواد أبو ريالة ده فاهم أساسًا يعني إيه عيد ميلاد ولا مدرك ولا عارف يفرق بين التورتة والكوسة المهرية اللي بياكلها ويتخلع مالانبساط...

وأديني أهو روحت وعملت الواجب وحضرت عيد ميلاد العريس اللي لسه قالع البامبرز مبقالوش وفي طريقي للشغل على الشغل...

اه على الشغل، مش البيت، الساعة عدت نص الليل وهروح عالشغل، وهم بتوع الشغل هيدوني أجازة بالساهل؟ قالولي ولا يهمك خلينا نشتغل بالليل لما تخلص والسهرة صباحي...

هي "كل ما اشتاق اليها أروح اسأل عليها عليها ولا كل ما اشتاق اليها أروح اسأل عنيها عليها؟"

الللللللللله، أنت بتنام ولا إيه، لأ فوق كده، ما هي الأفكار العبقرية دي والتساؤلات بتيجي للواحد لما الدماغ تحس إنه هيسلم وينام، لا ورانا شغل ولسه الطريق طويل، فوَق، فوَق....

كنت بحاول، بصحصح نفسي، حتى إني شغلت الراديو وعليت الصوت، لكن...

اللقطة التانية فوقت على نور ساطع وصوت كلاكس رهيب، غفلت! غفلت لثواني ولا...أكتر؟

التغفيلة دي اتسببت في إني أدخل في تريلا، لما فوقت كان فات الأوان، حاولت أنحرف بالعربية لكن ...في مفر، مفيش مفر من الاصطدام...

فتحت عيني....لقيت نفسي في مكان نضيف أوي، مساحات شاسعة، أرضيات بتلمع، هو في حد بيمشي على الأرضيات دي ولا بيلمس الإزاز؟ مش ممكن، كإن مفيش بشر بيعدوا من هنا، الإزاز اللي بعيد عن السرير سميك وشفاف، نقي بدرجة غريبة كإن مفيش عازل أصلًا، تحسها ساحة مفتوحة...

رفعت جسمي ببطء وقعدت، أنا جسمي مكسر كده ليه؟ كل عضمي بيوجعني، كل عضمة في جسمي، في صعوبة رهيبة في الحركة...

عيني جت على الأرضية البورسلين الشفافة لدرجة إني شايف إنعكاسي عليها، النظر لسه مشوش، لولا كده كنت شفت إنكاسي بوضوح....

جيت على نفسي ولمست الأرض برجلي وقمت وحدة وحدة، مشيت لحد ما وصلت للإزاز، شفت محيط المبنى بوضوح وشفت كمان...السما

السما كانت زحمة، مش سحاب كتير اللي زاحمها، دي...عربيات، عربيات تشبه العادية اللي بتمشي على الاسفلت لكن مختلفة، كلها بكرسي واحد...

أنا فين؟؟؟

-أستاذ "عابدين" سلامتك، الف سلامة!

"عابدين"، مين "عابدين" ده؟

ودني لقطت أصوات قريبة جدًا مني، بصيت بذهول جنبي، ناس كانوا لابسين لبس موحد، أربعة، الزي لونه لبني فاتح، من كتر ما اتشغلت في العربيات اللي في السما مسمعتهمش وهم بيدخلوا عليا...

استنتجت إنهم مجموعة من الدكاترة وإني كنت في مستشفى..

كانوا مبتسمين، بيحاولوا يطمنوني، بس كلامهم كان عبارة عن تشويش، دماغي فيها مليون فكرة زي الألعاب النارية، مش قادر أركز معاهم، لكن الكام كلمة اللي لقطتها استغربتها،صحيح كانوا بيتكلموا باللهجة المصرية، لكن برضه غريبة، المصطلحات، نطق الكلام ، الإسلوب ، في حاجة مزعجة، كنت حاسس بغربة، أنا إيه اللي جابني هنا؟ ومين "عابدين"؟

-عندك أي أسئلة؟

=وصلت هنا إزاي؟

بصوا لبعض وبعدين واحد فيهم قال:

-مش فاكر إيه اللي حصل لك يا استاذ "عابدين"؟

هزيت راسي بنفي ده وبعدين قلت:

=ليه بتقولولي "عابدين"؟

الدهشة زادت في عيونهم ونظراتم اللي غلب عليها القلق لبعضهم..

-هو..حضرتك مش "عابدين"؟

=لا لأ.

-أمال مين؟

=أنا....

بس...هو ده اللي قلته وبعدين عطلت! مش عارف! مش عارف أنا مين، أنا مين؟ مش فاكر حاجة، لا فاكر الظرف اللي جابني هنا ولا فاكر إسمي ولا أي حاجة عني وعن حياتي..

واحد فيهم قرب مني وحط إيده على كتفي بهدوء وقال بصوت حاني:

-حضرتك "عابدين مالك"، رجل أعمال، جيت هنا بسبب حادثة عربية جوية، خبطت في عربية طايرة تانية.

هزيت راسي تاني بسرعة...لا لا، مش مقتنع، الأجواء حواليا كلها غريبة عليا، بس...مانا مش فاكر، ليه لأ، ليه مكونش "عابدين"؟

رجعت تاني للسرير واترميت مرة واحدة عليه، عيني متثبتة قدامي، سرحان... قلت:

=أنا مهدود أوي، جسمي بيوجعني..

واحد فيهم رد:

-طبيعي، الحادثة مكنتش سهلة، إحنا صلحنا عضم مشروخ في أغلب جسمك.

=صلحتوا؟ إزاي يعني؟

-بالليزر، لحمنا العضم ببعضه ورجعناه لوضعه الطبيعي...

قالهالي بمنتهى التلقائية، اللي هو كان مستغرب إني بسأل أصلًا! كإنه شيء عادي ومتبع...

=هو أنا ممكن اسأل سؤال؟

-طبعًا.

=إحنا... سنة كام؟

بوقهم اتفتح على الآخر في اللقطة دي، رد عليا دكتور منهم:

-3906.

عيني وسعت، البؤبؤ اتحرك بطريقة هستيرية في كل الاتجاهات...كملت وقلت:

=والبلد؟

-مصر طبعًا...

سكتوا ثواني وبعدين واحد علق:

-واضح كده إنك اتعرضت لصدمة وحصل لك فقدان ذاكرة، نتمنى يكون مؤقت والأيام اللي جايه هتوضح مدى الضرر، هنعمل كل التحاليل والاختبارات، متقلقش يا أستاذ "عابدين"، هتبقى زي الأول وأحسن.....

مردتش، في صفارة في دماغي، مش مستوعب أي حاجة، ولا بالع اسم "عابدين" ده حتى...

نفس الدكتور كمل كلامه بعد ثواني من السكوت:

-هجيلك بنفسي النهارده بعد ما أخلص الشيفت، عشان لو عايز تستفسر أكتر عن حالتك، أو تعرف معلومات عنك أو تحكي حتى في أي موضوع..

من منظر إيدي أنا غالبًا شاب في العشرينات أو التلاتينات، مفيش تجاعيد، أنا شاب أسمر ورفيع، كل ده استنتجته لما بصيت على إيدي وبصة سريعة على باقي جسمي...بس!

هو ده اللي أدركته، دماغي مش جايبه أكتر من كده، مش مستوعب ولا متخيل أي حاجة تاني عني وعن حياتي، لا شغلي ولا عيلتي ولا معارفي، والمكان ده، والأجواء غريبة، غريبة أوي!

فضلت محلك سر، ممدد على السرير طول اليوم، معنديش رغبة في حاجة، ولما جابولي وجبة أكلت منها قليل بالعافية، إيه الأكلات العجيبة دي؟ الأكل ملوش طعم! ولا المشروب اللي معاها...

الضلمة بدأت تزحف وفي أنوار قوية ولعت بشكل تلقائي في الأوضة اللي كنت فيها، اللي هي عبارة عن جناح واسع، وفي المستشفى كلها....

هو أنا حد مهم؟

عشان كده موضوع الجناح ده؟ مساحة مبالغ فيها بصراحة، كل ده عشان شخص واحد؟ وعشان إيه، في رحلة استجمام أنا؟

قمت أخيرًا عشان كنت عايز أدخل الحمام...والحمام طلع برضه مبالغ فيه، واسع أوي وكله رخام، الحوض والأرضيات، وبيلمع....

غسلت إيدي بعد ما خلصت وكنت مستعد أخرج لولا إن في حاجة وقفتني...

المراية الضخمة اللي في الحمام، انعكاسي...

الانعكاس كان لراجل أبيض مليان شوية، شعره رمادي في أبيض...مين ده؟؟؟

إزاي شايف نفسي بطريقة وانعكاسي حاجة تانية، إزاي بعيني المجردة شايفني أسمر ورفيع ومش مكرمش ويكون شكلي الحقيقي مختلف، المراية بتقول إني راجل في الخمسينات فيا شوية تجاعيد، ومش رفيع!

أنا...مييين؟؟؟

سمعت صوت خطوات بره الحمام، خرجت بسرعة....

كان الدكتور اللي وعدني إنه ييجي زي ما توقعت، كنت متحمس أعرف إجابات، بس...إجابات لإيه بالظبط؟ مليون سؤال في دماغي، توهة رهيبة ومش عارف منين ابدأ...

الدكتور قال:

-هاه، اتفضل، قول لي كل اللي عايزه.

=يا دكتور...مبدئيًا كده، عيني لما بتقع على إيدي وجسمي بشوفني بمواصفات معينة لكن انعكاسي في المراية مواصفات تانية...

كشر، الخيوط اتجمعت في جبهته وقال:

-إزاي؟

=معرفش، بص دلوقتي أهو شايف نفسي رفيع وأسمر وشاب بناء على شكل إيدي ودراعي، أنا كده فعلًا؟

-لأ طبعًا يا استاذ "عابدين"، حضرتك عندك 51 سنة وأبيض ووزنك متوسط بشوية تخمة بسيطة...

=أيوه، راجل في منتصف العمر، ده اللي شفته في المرايا..

-منتصف العمر؟؟ يعني إيه؟

=إيه يا دكتور، مش هم بيقولوا كده على الناس اللي بتبقى في الخمسينات.

-مين دول اللي بيقولوا؟ وبعدين إزاي منتصف العمر ومتوسط الأعمار 200 سنة؟

=نعم؟ كام؟؟؟

-واضح إن حصل ضرر على المخ، متقلقلش، بأكدلك كل الأعراض دي هتختفي قريب، هنحرص على ده.

سرحت...

قال لي هو:

-تحب نتكلم عن إيه، عيلتك، بيتك، شغلك، حالتك.

جه في بالي رقم معين، نور كده في عقلي...

قلت بسرعة:

=عايزك تحكيلي عن اللي حصل من سنة 2024 لحد دلوقتي!

الدكتور اتخض، اتلخبط في الكلام ومخارج الحروف مكنتش واضحة وهو بيقول:

-اشم..عنى 2024.

=معرفش، هو ده الرقم اللي جه في بالي.

-عايز تعرف اللي حصل في إيه بالظبط، أنهي بلد وأنهي مجال؟

=كله! اللي حصل في العالم كله.

- أستاذ "عابدين"، حضرتك محتاج حد أعلى شأن مني.

=زي مين؟

-المرشدين الروحانيين.

=مين؟

-دول اللي بنتبعهم في الأمور الروحانية، أي حاجة بتتعلق بالحاجات اللي مش مادية، زي أشكال الحياة التانية والسر الأعظم و...

=أرجوك، أنا مش ناقص لخبطة، مش فاهم حاجة من اللي بتتكلم فيها، هاتلي اللي يديني إجابات وبس، مرشدين، دكاترة، صنايعية، أي حد...

-هيكونو عندك من الصبح بدري...

الدكتور انسحب، عينه كانت متعلقة بيا وهو ماشي من الأوضة ولحد ما خرج، النظرة ماكنتش مفهومة...

نومي كان متقطع، شوية أنام وشوية أقلق وأصحى، بفكر، أكيد الرقم ليه مغزى عشان ييجي في بالي، 2024، 2024، ليه 2024؟

مش قادر أفتكر حاجة....مش قادر...

الباب خبط أول ما الشمس طلعت...

الخبطات منتظمة ورقيقة، كإن اللي بيخبط عايز يصحيني من غير ما يخضني...

=اتفضل..

عيني اتعلقت على الباب وهو بيتفتح وبعدها اتعلقت على الاتنين اللي دخلوا...

الاتنين لابسين جلاليب بيضة ناصعة قصتها غريبة، شعرهم ودقونهم الطويلة الناعمة برضه لونهم أبيض ناصع، شكلهم مريح جدًا.

سحبوا كرسيين، واحد قعد على جنبي اليمين والتاني على جنبي الشمال، ابتسمولي قبل ما واحد فيهم يتكلم.

-إزيك يا أستاذ "عابدين"؟

=تمام...لأ، مش كويس.

 التاني قال:

-ليه بس مانت شكل تمام أهو، صحتك كويسة.

=دماغي هي اللي مش كويسة، سايحة، مش فاكر حاجة، و...مستغرب كل حاجة حواليا، حتى إنتوا مستغربكوا، شكلكم وإسلوبكم...

-بالراحة على نفسك، وكله هيرجع، ذاكرتك هترجع.

=هو إنتوا إيه وظيفتكم؟

-إحنا مرشدين للناس، اللي بنهتم بالشؤون الروحانية، زي السر الأعظم و...

=أشكال الحياة التانية، أيوه الدكتور قال لي بس مفهمتش حاجة.

-هقولك مثال، في واقع بتعيشه وأنت صاحي، مشاغل الحياة اليومية والناس اللي بتتعامل معاهم، وفي حياة تانية لما بتنام بتعيشها بتفاصيل مختلفة...

=الحلم..

-طب ما أنت حلو أهو...

ابتسمت وقلت:

=أيوه عارف الحلم، عارفه كويس...

-أهو ده شكل من أشكال الحياة التانية.

=بس ده مجرد حلم، تنفيس للدماغ عشان الضغوط اليومية اللي بنتعرض لها..

-مش بس كده، ده سفر...السر الأعظم اللي فينا بيسافر لعوالم موازية، بالجسم أو من غيره..

=وإيه السر الأعظم ده كمان؟

-ده اللي بيحرك جسمنا، اللي لسه مكتشفناش مكانه، العقل ولا القلب ولا حاجة تانية واللي بيسيب الجسم بعد الموت لكن أكيد بيكمل الحياة بشكل تاني...

كلامهم غريب ومش غريب عليا في نفس الوقت، كإني سمعت حاجة شبه دي قبل كده..

=طيب الدكتور قال لي إن اقدر اسألكم عن التاريخ...

-أنهي تاريخ؟

=تاريخ البشرية من سنة 2024 لحد دلوقتي.

-ليه السنة دي بالتحديد؟

=معنديش فكرة، رقم في خيالي وبيلح عليا.

-وإحنا عندنا التاريخ كله، من قبل السنة دي كمان... 2024 كانت سنة اضطرابات، بس دي كانت مجرد البداية...

في جماعة كانوا بيدعوا حق مش ليهم في أرض تانية، كانوا محتلينها من سنين وبيقولوا إنها بتاعتهم في الأصل، المهم اتلككوا كده عشان المقاومة بتاعة البلد المظلومة عملت عملية كبيرة ضدهم، اسرت عناصر من الجيش وأخدت رهاين، المهم الجماعة المحتلين فضلوا يقصفوا ويقتلوا في أهل البلد الأصليين، كان في نيتهم الإبادة...

=وابادوهم؟

-الإبادة يا "عابدين" كانت عالمية! حقبة من البشرية هتنتهي وهتبدأ حقبة جديدة، وده عشان باقي دول العالم كانت مشحونة من بعضها، كان في حروب باردة وسكاكين تلمة مستخبية، والعالم خلال سنة واحدة اتقصم جبهتين، جبهة مع الجماعة البلطجية وجبهة قال يعني مع المظلومين، والكل خبط في بعض....

حرب عالمية أشرس من الحروب اللي قبل كده، وفي دول لجأت للسلاح اللي الكل كان بيخاف منه...القنابل النووية، واتخلقت عشرات تشيرنوبل غير الأصلية، مدن كاملة ضخمة حصل فيها زي اللي حصل في تشيرنوبل، بسبب الإشعاع مبقتش صالحة للحياة، اتصحرت، النباتات ماتت والحيوانات، والجو بقى ملوث، وطبعًا السكان، اللي نجيوا منهم، هجروا المناطق دي كلها...

والسكان اللي اتبقوا عانوا من إنعدام التكنولوجيا والفقر وخلفوا أجيال ورا أجيال، كلهم اتكدسوا في الأماكن اللي لسه صالحة للسكن واللي مبقتش كتيرة على الأرض، وبحلول 2500 البشرية كلها رجعت رسميًا للبدائية، كم بشر مش طبيعي و موارد الأرض مش مكفياهم، طبعًا القتل والغارات على الناس كانت روتين يومي، تصرف طبيعي جدًا، والناس بقت أشرس بمراحل من قبل كده، اتحولوا لحيوانات، كل اللي يفرق معاهم يسدوا جوعهم ويتزاوجوا ويقدروا ينجوا...

وطبعًا بسبب الكثافة التلوث زاد في اليابسة والمحيطات، والموارد قلت أكتر وأكتر لحد ما جه...

=مين ده؟

-راجل حكيم جدًا، اقترح على الناس يتكاتفوا بدل ما بيتقاتلوا، يكونوا جيهات، يتحدوا، وبعد سنين، لما نجح في ده، اقترح الحُكم الواحد، خصوصًا مع ظهور الخطر الجديد...

=إيه تاني؟

-السكان اللي فوق.

=فوق فين؟

-بره الأرض، على مدار العصور في أطباق ظهرت لعدد من الناس بتطوف ما بين السحب، مرة حد لوحده يلقطهم، مرة مجموعات، والحضارات القديمة عبرت عن ده في الرسومات على الكهوف وفي المعابد والآثار، حتى إنهم رسموا أشكال غريبة لكائنات مش أرضية...أخيرًا لغز الأطباق الطايرة اتحل، وده لإن ظهورها اتكرر وبقت واضحة لكل الناس، وشوية شوية الأطباق هبطت على الأرض في أماكن مختلفة وخرج منها كائنات عجيبة، أجسامهم قليلة لكن ذكائهم رهيب، يتعدى إستيعابنا، وكان معاهم تكنولوجيا متقدمة جدًا، يعنى حتى لو افترضنا إن الأرض كانت لسه محتفظة بالتكنولوجيا اللي وصلنا ليها قبل الدمار برضه هم كانوا متقدمين بمراحل عنها، مفيش مقارنة، مفيش استيعاب أساسًا للتكنولوجيا بتاعتهم، وأخيرًا اعلنوا بصراحة عن نيتهم بعد آلاف السنين من المناورات والتجارب السرية على البشر، الفضائيين كانوا عايزين يمحونا!

من ضمن أجهزتهم كان جهاز ترجمة ركبوه على شخصيات نسبيًا مهمة عشان يوصلوا رسالة لكل الناس، والرسالة هي إنهم هنا عشان يجتاحوا الأرض وينقذوها، يحيوها من تاني بعد ما البشر دمروها، ويسكنوا بدالنا فيها...

ده اللي شجع الناس يتحدوا زي ما الراجل الحكيم قال ويبقوا تحت قيادة واحدة، مجلس فيه ممثلين عن أجزاء مختلفة من العالم، طبعًا الحرب كانت طويلة وحصدت أرواح كتيرة لكن في النهاية البشر انتصروا، كانت حاجة أشبه بالخيال، انتصرنا عليهم بذكائنا الفطري بعيدًا عن الأسلحةـ، مثلًا العباقرة طوروا أسلحة بيولوجية، فيروسات بالنسبة للفضائيين مميتة لكن إحنا كان عندنا مناعة ضدها، وكان الناس بيصطادوا واحد منهم ويحقنوه بوباء معدي بعد ما يخدروه ولما يفوق مش بيلاقي حد حواليه ولا بيفهم إيه اللي حصل وبيرجع تاني لسفينته أو مركزه وبينشر الوباء... لحد ما استسلموا، مبقوش قادرين على الخساير، والمتبقي منهم سابوا الأرض ورجعوا لكوكبهم أيًا كان..

المجلس منفضش، بالعكس ده إزداد قوة وسلطة بعد ما البشر اقتنعوا بضرورة الحكومة الموحدة والحُكم العالمي الواحد، ومن هنا تبدأ مرحلة جديدة في تاريخ البشرية...

سنة ورا سنة النظام العالمي الجديد اتبلور أكتر وبقى في نظام، الدول اتخلت عن انتمائتها الوطنية، الحدود اتشالت وبقى في رئيس واحد وتحته مجلس بيضم عٌلما ودكاترة ومتخصصين ودول ليهم الحكم الفعلي، الرئيس ليه فترة انتخابية واحدة وهي 10 سنين وهو والمجلس بيتم انتخابهم في كل بلد عن طريق حكومة برلمانية، يعني الدول بقت تشبه كده الولايات في دولة قديمة أوي اسمها أمريكا، كل دولة بتصوت للمرشحين وفي الآخر بيكسب اللي ليه أغلبية الأصوات في العالم كله، وطبعًا مع دوبان العالم كله في بعضه والتخلي عن التعصب والانتماء الوطني والثقافات الشعبية، شوية شوية برضع المعتقدات الدينية المختلفة ابتدت تختفي، العالم كله بقى مترابط، على قلب رجل واحد...

 مساواة وعدل حقيقين وتركيز على البحث العلمي واستعادة أمجاد البشرية وبحث عن طرق لإحياء الكوكب وإعادة تأهيله، وبعدها ب200 سنة تقريبًا، سنة 2698 طلعت أول بعثة للمريخ بغرض إستيطانه بعد اكتشاف ميه هناك وأساسيات الحياة، ومع الأجهزة اللي بتطهر الهوا وبتحوله لمناخ أشبه بالأرض الحياة بقت ممكنة، والبعثة نجحت، وبعدها طلعت بعثة تانية وتالتة وأفواج من البشر، مليارات!

أيوه عدد مهول، وده خفف الضغط كتير من على الأرض وخلانا قادرين نتشارك ونسفيد من الموارد بشكل صحي...

وفاتت 500 سنة كمان وبعدها في إعصار ضرب المريخ، إعصار مدمر محى كل البشر الي على المريخ ومحى حضارتهم، لولا التدوين والتسجيل والرحلات من وإلى المريخ كان تاريخهم كمان اتمحى، لحسن الحظ معانا مواد ووثائقيات عن الحقبة دي...

وبرغم التقدم اللي على الأرض للأسف في وباء انتشر وحصد أرواح كتير، لكن يأتي الخير في تضاعيف الشر، برغم المأساة الرهيبة وخسارة عدد كبير لأحبائهم لكن مع العدد الجديد للبشر العالم بقى أحسن، الاستفادة من الموارد أكتر وأكتر، الكرة الأرضية اتنفست وبقت صحية أكتر كمان، رجعت شباب تاني، والناس اتفرغت للجانب الروحاني، كإنهم بقوا مستعدين للمرحلة اللي بعد كده، الشفافية العظمى...

=إيه هي الشفافية العظمي.

-الوعي الجماعي، إدراك عوالم تانية...في يوم من الأيام في دولة من دول قارة أمريكا الناس صحيوا على مشهد ملفت في السما، نور ساطع....

=أطباق طايرة تاني؟

-لأ، طيف في السما، طيف ضخم، مجسم للراجل الحكيم، الراجل اللي من زمن اقترح على القبايل والجماعات يتوحدوا، شكله كان معروف لكل الناس في كل العالم، عشان كانت ليه رسومات وتماثيل...

وقتها حسيت إني عايز أهرش في راسي من ورا...

كمل المرشد الروحاني وقال:

-وبعدها الناس في دولة تانية شافوه، ودولة تالتة، وكل دول العالم، مش بس طيف الراجل الحكيم، أطياف اللي فقدوهم، آبهات، أمهات، إخوات، أحباب، الأموات...أطياف الأموات ظهرت للكل...

=وده تفسيره إيه؟

-لما وصلنا لمرحلة من التحضر، للاكتفاء، محدش بقى قلقان من الفقر والعوزة، كل الناس بقى معاها فلوس كويسة، مفيش حد فقير، وقتها الروحانيات، الأحاسيس المدفونة، الحواس الغير ظاهرة، جت الفرصة عشان تخرج من مخابئها..

=عايز تقول الروقان حفز الحاسة السادسة؟

ضحك ضحكة خفيفة، والمرشد التاني قال:

-أيوه، ده اللي حصل، الناس كلها وصلت في نفس الوقت لمرحلة من الارتقاء النفسي خليتهم يتواصلوا مع أعماق ذاتهم وقدرات عقلهم اللي مكنتش مستخدمة قبل كده، ومن هنا بدأ عصر الشفافية...

الهرش زاد، كانت بقعة معينة وسط الشعر في راسي من ورا، مديت إيدي وهرشت...

-وسائل الاتصال اللي معتمدة على التكنولوجيا مبقتش رائجة زي الأول وده عشان أي حد بقى يقدر يتواصل مع اللي عايزه في أي مكان في العالم عن طريق التخاطر الذهني، بس ده طبعًا محصلش مرة واحدة، في راجل عظيم ظهر كان متخصص في الروحانيات والعلوم الماوارائية قاد الناس وساعدهم في التخلص من السموم، من المادة، من تحكم أجسامنا وشهواتنا ورغباتنا فينا والارتقاء بالجوانب الروحانية ، الناس بفضله بقت قادرة تخترق مشاعرها وتتحكم فيها، في الغضب والتعاطف والحب والغيرة، وده أدى لعلاج الأمراض المتعلقة بالعواطف زي القولون العصبي والضغط العالي والسكر الناتج عن الزعل، وبعدها ولما وصلنا لسنة 3300 مبقاش في فلوس، العملة اختفت من العالم كله، مبقاش ليها لازمة، أي حد بياخد كفايته من أي سلعة أو خدمة عايزها...

الشغل بقى ليه أغراض تانية، تحقيق الذات ، مساعدة الآخرين، مساعدة الكوكب والكائنات التانية، البحث العلمي، تنمية الثقافات والفنون...ومع التقدم وانتشار الروبوتات والذكاء الصطناعي الإنسان مبقاش مضطر يشتغل نفس عدد الساعات زي قبل كده، كم الشغل قل وقل، لحد من 200 سنة، الدوام الرسمي للشغل هو سنتين بس، الإنسان مش مضطر يشتغل غير سنتين في حياته، إلا في مهن زي الطب أو العلوم أو إذا هو نفسه اختار يشتغل أكتر...

لأ مش قادر، الهرش زاد بشكل مزعج، بقى عندي رغبة أهرش بعنف زي المجنون...

استأذنت المرشدين الروحانيين أدخل الحمام وهناك قطعت فروتي هرش لدرجة إني جرحتها، بس بعد الحفر لقيت حاجة....

بروز غريب في البقعة اللي كنت بهرش فيها، حجم البروز بسيط، كإنها حباية تحت الجلد، المفروض مجيش جنبها، المفروض...

لكن...مش قادر!

لقيت نفسي بهرش فيها جامد، بعنف، بقيت بنزف ومش مبطل، لسه بتهرشني أعمل إيه طيب، وفضلت أهرش وأهرش لحد ما الحباية برزت على الآخر، طلعت بره الجلد، أيييي!

إيه الحباية دي؟ ليه الألم ده كله؟!...

جسم معدني صغير...ده اللي كنت ببص له وأنا مذهول، ده اللي خرجته من راسي، حفرت لحد ما جبته، مش حبايه، مش جلد زايد، رقاقة مزروعة جوه راسي...

"أنت مين يا "عابدين"، إيه نشاطك؟ إيه علاقاتك؟ وليه مزورع في دماغك شريحة، وإيه دورها؟"

كنت بكلم انعكاسي في المراية...

فجأة مليون إحساس سيطر عليا، كإنه غزو، إحساسي بنفسي والدنيا اختلف تمامًا، صحيح كنت تايه قبل كده، مشوش، فاقد لهويتي لكني كنت هادي، هاااادي، كإني كنت تحت تأثير مخدر، وبعد ما شلت الشريحة جالي نوبة هلع وكآبة وخوف، وإحساس معاهم مظلم، مش مستبشر، في حاجة غلط!

حطيت الشريحة جوه قاعدة الحمام وشديت عليها السيفون وخرجت...

حاولت أبان متماسك على قد ما أقدر، أحافظ على نبرتي وعلى مودي اللي كنت عليه وأقنعتهم إني منهك مش أكتر، وهم قالوا إنهم هييجوا تاني الصبح بدري اليوم اللي بعده، وقتها طلبت منهم حاجة..قلت:

=ممكن تجيبولي صور أو عرض، يعني لو متاح للفترات التاريخية اللي فاتت والأحداث المهمة، صور لمستعمرات المريخ، الأماكن اللي ضربتها الأسلحة النووية، الراجل الحكيم اللي اقترح توحيد القبائل والراجل الذكي اللي خلى الناس شفافة أكتر واخترق إمكانيات الدماغ الخفية...

واحد حط إيده على كتفي من اليمين والتاني من الشمال في نفس الوقت بالظبط كإنهم روبوتات مش بني آدمين، ابتسمولي عشان أحس براحة أكتر، ابتسامتهم دي بعد ما كانت بتهديني وتطمني بقت مرعبة بالنسبة لي، وشوشهم مش مريحة ولا حركاتهم ولا وجودهم في حد ذاته....

في لقطات زي الفلاش السريع عدت من قدامي بعد ما مشيوا، نور ساطع، وصوت رهيب، زمارة وجسم معدني كبير جي في اتجاهي، لقطات خلتني ارتجف...

إحساس قوي بيقول لي إن ده السبب في اللي أنا فيه، هي دي الحادثة، لكن مكنتش في السما، مكنش في عربيات طايرة...

" القصة بدأت بمشهد بشع، مقزز وغريب، عربية محروقة في جراج في جاردن سيتي جواها جثة متفحمة، الجثة كانت لوحدة ست بتشتغل في بنك قريب من الجراج"

بصيت جنبي، فين مصدر الصوت؟ ده كان صوت ست، في واحدة اتكلمت وقالت الجملة دي!

" مكنش عندهم فكرة قد إيه الحريقة سابت رواسب جواهم، حتى اللي سمع القصة من حد يعرفه ومشافهاش بعينه، وده يفسر تشابه التجارب لحد التطابق تقريبًا برغم فروق السن ما بينهم..."

صوت تاني، المرة دي صوت راجل، لكن مفيش حد، مجرد صوت!

"إيلاف عنده قدرات، محدش يقدر ينكر ده، بيير أو بيومي أو الكونت أو غيرهم شخص عنده ملكات رهيبة من ضمنها صنع الوهم، أما بقى عن كينونته فهفكرك إن في شياطين جن وشياطين إنس، ممكن والعياذ بالله يكون جن بيتشكل في صورة إنسان وبيظهر ف عصور مختلفة عشان يفتنهم ويشغلهم عن عبادة الله وعظمته"

" أما بقى بالنسبة للأربعين زلعة اللي دخلوا أوضة الخزين الكبيرة فالحياة دبت فيهم، الزلع اتحركت..

غطيانها طارت، وأجسامها اتهزت، وخرج منها 40 واحد، في مقدمتهم "باسر" خطيب "ميريت"..

" الغابة نفسها اتسمت على إسم راعي أغنام " هويا باكيو"، هويا كان بيسرح بأغنامه، كالعادة، قرر يدخل بيهم جوا الغابة، بس مرجعش، لا يومها ولا أي يوم بعدها، اختفى تمامًا، هو وال200 غنم اللي معاه"

كلها أصوات مألوفة، عارفهم، بس هم مين؟ وإيه القصص الغريبة دي؟ قصص..قصص..دي شغلتي، أنا بسمع قصص، ليلتها! ليلة الحادثة كنت رايح على شغلي، اللي هو في الإذاعة، أيوه أنا مذيع راديو...

الحادثة سنة 2024، أنا من هناك، من العصر ده!

أنا مين...أنا مين...أنا...قاسم رحيم...مذيع برنامج "ممنوع الاتصال أو التصوير"...

بعدها الذكريات تدفقت عليا، من وقت ما وعيت على الدنيا، والتجربة البشعة اللي حصلت لي في مشرحة الجامعة وبعدها مسار حياتي اتحول عشان ابقى مذيع بيقدم برنامج عن التجارب الغريبة، الجرايم والحوادث الخارقة للطبيعة، بيسمع حكاوي الناس عن طريق التليفون وبيديهم رأيه...

 

إيه اللي جابني هنا؟ إيه اللي بيحصل؟ إزاي أنا في جسم حد تاني؟ مين "عابدين"؟

وفي مفيش، لقيت اللي بيخبط عليا الباب، معقول الوقت عدى كده؟؟

الساعة بقت 6 الصبح، الوقت مر في التفكير، ودول كانوا مرشدين شركة المرعبين المحدودة...

كان لازم أدخل في الفورمة تاني وبسرعة، فورمة الرايق الهادي المتمرغ في الحضارة الإنسانية والتنوير الروحاني...

غمضت عيني وفتحتها أول ما دخلوا عليا، كنت راسم ابتسامة بلهاء وحييتهم...

 

-عامل إيه النهارده؟

=الحمد لله...

إيه اللي بقوله دهن هودي نفسي في داهية، الناس دي مش مؤمنة بربنا، ولا كان فيه ذكر ليه، مؤمنين بس بالروحانيات وقدرات العقل الخفية واليوجا والتواصل مع نغاشيش النفس....

 

=تمام، أنا تمام...

-جبنالك اللي طلبته..

واحد فيهم حط شنطة على السرير جنبي، الشنطة فتحت تلقائيًا وخرج منها نور ساطع وبقى في إنعكاس في الهوا، أغلب الأحداث اللي قالوا عليها شفتها! كإنها اتصورت بكاميرة بروفيشنال، مشاهد من الحرب العالمية التالتة، شكل الأماكن اللي اتدمرت بعد القنابل النووية، المعارك ما بين الجماعات على الأكل والشرب وغيرها من المعارك اللي مش باينلها سبب غير الرغبة في سفك الدم وخلاص، مستوطنات المريخ، الراجل الحكيم اللي جمع القبايل تحت حكم واحد، الأشكال اللي ظهرت في السما في دول كتير، أطياف الأموات، الوباء اللي حصد ملايين، إعصار المريخ، الحكومة الموحدة للعالم، الفضائيين، المرشد الروحاني الأول اللي خلى الناس شفافين...

 

ثواني، ثواني، ثواني، الراجل الحكيم والمرشد الروحاني...

مظهرهم مختلف، ده أشقر وده أسمر، ده شعره أصفر وعنيه ملونين وده شعره بني وعنيه بندقي، ده شعره سايح وده شعره مجعد، لكن...الاتنين واحد! دول نفس الشخص، متطابقين لو حد ركز...

ورا الاختلافات دي نفس الملامح كإنه تنكر، نفس الشخص، أنا متأكد...

الأشكال اللي ظهرت في السما وأطياف الأموات، دي هولوجرام، تقنية عالية مش أكتر، كل ده، كله بغرض البعد عن الدين ، الناس من غير وعي بقت تعبد المرشد الروحاني ومش بعيد القوى اللي وصلولها والتخاطر يبقى شكل من أشعال السحر والشعوذة، اللي علمهالهم راجل كنا منتظرين خروجه، راجل عنده قدرات تفتن البشر، جنته نار وناره جنة...

والحكومة الموحدة، هي دي كانت الخطة من زمان، لسهولة السيطرة على البشر واللعب بدماغهم، عشان العالم كله يبقى مكشوف، خطة الجماعة إياهم اللي ليهم أسماء مختلفة زي "التنويرين- فرسان الهيكل- الماسونيين"، خطتهم قديمة أوي وكان بتتنفذ وحدة وحدة، تقليل أعداد البشر بغرض عدم استنفاذ موارد الأرض، نجحوا، نجحوا ولاد اللذينة، الوباء، مش بعيد يبقى من صناعتهم، الأول غرقوا الناس في حرب عالمية وبعدين ظهر المنقذ اللي نجاهم من الحرب وبعدين رجعوا غمسوهم في حرب مع الفضائيين، هو كان في فضائيين أصلًا؟؟؟

ولا دي خدعة تانية عشان يقنعوا الناس أكتر بضرورة التوحيد وحكومة العالم الواحدة، والحدود تتشال والكل يستغنى عن معتقداته في مقابل معتقدات جديدة موحدة، اتباع المرشدين الروحانيين من غير تفكير، من غير تمعن في الخلق والخالق، وتكون دي أعمق واقدم خطة في الكون، اقدم مما نتصور، ظهور الأطباق الطايرة على مر التاريخ في مناطق كتير، أزياء الفضائيين...تكونش العصابة الإجرامية دي موجودة قبل ماحنا ندرك وعاملين زي النمل اللي بيحفر وحدة وحدة من غير ما حد يدرى لحد ما نتفاجيء بخندق عميق!

 

هتجنن، دماغي هتروح مني، انا محاصر في الجسم ده، محبوس في زمن مش بتاعي، هرجع إمتى، هو أنا هرجع؟

والشريحة، الشريحة دي مخدرات! بتنشر مخدر في الجسم وتخلي الناس هادية ودماغها في حالة خمول دايم، ده يفسر حالة البلاهة والاستسلام والتسليم بكل حاجة بتتقال لهم، عشان كده حالي اتبدل لما شلتها من دماغي، بس، مش أكيد في غيري برضه شالوها؟؟

 

يا ترى بتتزرع إزاي....بس، ملهاش غير كده، زي الحلق، الودان اللي بتتخرم أول ما الطفلة تتولد، بيزرعوا الشريحة لكل مولود من غير ما الأهل يدروا، يا ولاد ال%$&*..

 

الباب اتفتح بعنف، في عدد من الناس مقنعين اقتحموا الأوضة، رفعوا أسلحة وصوبوها عليا، ونشنوا!

المرشدين الروحانيين وقعوا ميتين، كنت غلطان، التصويب مكنش عليا، على المرشدين..

 

=عايزين إيه؟

سألتهم بذعر، جروني من السرير، مبقتش لامس الأرض، واحد ماسكني من دراعي اليمين والتاني من الشمال ورافعني من الأرض وهم بيمشوا بسرعة والباقي حوالينا، قدامنا وورانا...

في حد منهم قبل ما نمشي أخد الهدوم اللي المفروض كنت لابسها قبل ما أجي المستشفى...

واوحد تاني همس:

-لو صرخت كلنا هنموت.

روحنا لحد أوضة، فتحوا الباب ودخلناها، وقفلوا الباب، الأوضة ضيقة، أوضة خزين أعتقد، واحد منهم طلع جهاز وصوبه على الأرضية، طلع منه ضوء أحمر، في دايرة كبيرة ظهرت، والقطعة اللي في الدايرة وقعت، كان ليزر! أو حاجة شبه كده، الليزر قطع الأرض بشكل الدايرة والجزء المقطوع ساح ووقع تحت، بقى في فجوة...

طلعوا حبال بخطافات، الحبال نزلت بسرعة والخطافات اتعلقت بحواف الدايرة فوق ونزلوا واحد ورا التاني، وأنا اتاخدت مع واحد فيهم لتحت...

المسافة كانت مهولة لتحت الأرض...

كنت في مكان ضلمة، الريحة بشعة، كنت بلهث، بجري معاهم لحد ما نفسي اتقطع...

=فهموني، إيه اللي بيحصل؟

وقفوا...

شالوا الأقنعة واحد ورا التاني...

حد فيهم قال:

-أنت شيلت الشريحة..

=أيوه، صح..

-عندنا جهاز بيرصد الناس كلها، اللي في دماغهم شريحة بيبقى لونهم أحمر، واللي من غير الشريحة لونهم أزرق، كل الناس بتبان كإنها نقط لينا، إحنا النقط الزرقا...

=أنتوا كمان شيلتوا الشريحة؟

-ايوه، إحنا الواعيين، والباقي مغيبين، الواعيين عددهم قليل، الأغلبية عندهم شريحة، إحنا واعيين للواقع وعارفين إننا عايشين في خدعة كبيرة، عارفين إن في خالق وإن الدنيا مش وردي، العالم غرقان في النزوات وإلغاء العقل، كان في زمان أوي مشروع إسمه "الرجال الآليين"، كنا فاهمين غلط، مش الهدف كان صناعة أجسام معدنية تفكر بالنيابة عنا وتستبدلنا في الأشغال، الهدف الحقيقي كان تحويلنا إحنا لإنسان آلي، في البداية كان إنتاج الأجسام المعدنية وتقنيات الذكاء الاصطناعي، لكن الهدف البعيد كان اللعب فينا إحنا شخصيًا عشان نبقى موديلز مكررة، مجسمات تحت سيطرة نفس المالك...

حكيتلهم بسرعة عن حالتي، إني مش "عابدين" وإني جي من زمن تاني، وإن وعيي إتنقل لجسم تاني...

بصوا لبعض ووحدة قالت:

-أنت عندك حالة اسمها "انتقال الوعي".

=ايه؟ هي دي حالة معروفة؟

-اه، حالة طبية معروفة، زمان مكنش حد عارف لها تفسير لكن مع التطور الطبي بقت حالة معروفة، اللي بيحصل إن حد نايم أو مش واعي بيتنقل بوعيه لجسم تاني، يمكن كمان في زمن تاني، وبيفضل في الجسم ده مدة، ممكن يوم واحد، ممكن سنين، بس عادة بيرجع تاني لجسمه والشخصية التانية بستعيد برضه جسمها...

=بتقولي عادة؟

-في حالات بسيطة فضلت على حالتها لحد الموت.

=يعني أنا ممكن أفضل في جسم "عابدين" لحد ما أموت، أفضل محاصر في الجسم والزمن ده؟ طب و"عابدين" فين؟

-الله أعلم، صحيح الطب اتعرف على الحالة دي لكن لا لقى ليها علاج ولا حد اتوصل للوعي التاني، فين بيختفي، فين بيروح...

 

كلامهم خلى أنفاسي بقت سريعة، مهلوع، إزاي؟ ممكن فعلًا أقضي كل حياتي هنا؟؟

لكن بعد لحظات في حاجة طمنتني، ذكرهم لله، الناس دول مؤمنين وعارفين الله وواعيين رغم كل المحاولات لطمس العقيدة والوطنية والهوية، ربنا فوق كل شيء...

وافتكرت حاجة...

نظرات الدكتور ليا، النظرات اللي مكنتش فاهمها لما زارني لوحده، الراجل ده أدرك حالتي ومرضاش يقول لي، وده تفسيره بسيط، كل ما تحصل حالة زي دي أكيد بيصيبهم ذعر، ميعرفوش الوعي اللي اتنقل للجسم جايلهم من أنهي مصيبة، من أنهي زمن، ده ممكن يدمر كل خططهم، الراجل ده ممكن يفضحهم ويهد كل اللي عملوه لو كشف الحقايق، كشف الزيف بتاع عصرهم ومخططاتهم، ببساطة لإنه جي من زمن لسه فيه إيمان وإنسانية ومنطق، لسه مفيش غسل أدمغة...

في حالتي أنا كنت محظوظ لإني كنت مشوش وفاقد الذاكرة وده أكيد السبب الوحيد اللي خلاهم مقتلونيش...

 

وبينما أنا مستغرق في أفكاري، سمعت دوشة، اللي معايا جريوا بأقصى ما عندهم وجروني معاهم لكن للأسف وقعت منهم، مصمدتش، فضلوا يصرخوا فيا، لكن الألم في رجلي كان رهيب وأنا اللي زعقت فيهم وقلتلهم يمشوا ويسيبوني..

فجأة ظهرت أنوار قدامي، صرخت بأقصى صوتي:

=غلط، أنتوا غلط!

دول كانوا عناصر من النظام جايين يقبضوا عليا، جايين بسرعة، بسرعة جدًا، خلاص هيمسكوني، دي النهاية...

فتحت عيني على الآخر، نفسي كان سريع، بلهث، حواليا بشر كتير متجمعين، حركت راسي لقيت عربية متدرمغة، عربيتي!

أنا اترميت من العربية، وده اللي نجاني، ربنا نجاني!

الناس المتجمعين اتخضوا، رجعوا خطوات لورا لما لاقوني فتحت، دول أكيد افتكروني مت...

سألتهم:

=أنا بقالي قد إيه فاقد الوعي؟

-مفيش يا أستاذ 10 دقايق!

10 دقايق بس؟ كل اللي مريت بيه كان في خلال 10 دقايق، هو ده كان إيه؟

الغريبة إني كان بقالي فترة بشوف حلم شبه التجربة اللي مريت بيها، لكن مجرد مشاهد بسيطة مش مفهومة، مشاهد متفرقة، مش بالشكل المنظم اللي شفته، هو ده كمان كان حلم؟؟

طبعًا ليلتها مروحتش الشغل، وبعدها مقدرتش برضه، أسبوع كامل قعدته في البيت لحد ما حسيت إني مستعد أرجع...

 

كنت في الطريق للشغل، المرة دي في تاكسي، مشغل اليوتيوب كالعادة، عمال اتفرج على فيديوهات لحد ما فتحت فيديو شدني، الفيديو كان لمسؤول غربي بيقول فيه :"جه الوقت اللي ننحي اختلافاتنا ونتوحد، الخطر بقى حقيقي، الفضائيين مش اسطورة، مشاهدات الأطباق زادت، وعدد من التجمعات شافوهم بشكل واضح، الكائنات اللاأرضية، أعتقد بوجوب قيام حكومة موحدة للعالم كله، الحدود لازم تتشال، البشرية كلها بتواجه أزمة، الكائنات دقوا ناقوس الحرب...."

 

"ممنوع الاتصال أو التصوير"

"تمت"

إحصائيات متنوعة مركز التدوين و التوثيق

المدونات العشر الأولى طبقا لنقاط تقييم الأدآء 

(طبقا لآخر تحديث تم الجمعة الماضية) 

الترتيبالتغيرالكاتبالمدونة
1↓الكاتبمدونة نهلة حمودة
2↓الكاتبمدونة محمد عبد الوهاب
3↑1الكاتبمدونة محمد شحاتة
4↓-1الكاتبمدونة اشرف الكرم
5↓الكاتبمدونة ياسمين رحمي
6↓الكاتبمدونة حاتم سلامة
7↓الكاتبمدونة حنان صلاح الدين
8↑1الكاتبمدونة آيه الغمري
9↑1الكاتبمدونة حسن غريب
10↓-2الكاتبمدونة ياسر سلمي
 spacetaor

اگثر عشر مدونات تقدما في الترتيب 

(طبقا لآخر تحديث تم الجمعة الماضية)

#الصعودالكاتبالمدونةالترتيب
1↑31الكاتبمدونة فاطمة الزهراء بناني203
2↑22الكاتبمدونة مها اسماعيل 173
3↑14الكاتبمدونة مرتضى اسماعيل (دقاش)205
4↑11الكاتبمدونة منال الشرقاوي193
5↑5الكاتبمدونة كريمان سالم66
6↑5الكاتبمدونة خالد عويس187
7↑4الكاتبمدونة نجلاء لطفي 43
8↑4الكاتبمدونة غازي جابر48
9↑4الكاتبمدونة سحر حسب الله51
10↑4الكاتبمدونة نهلة احمد حسن97
 spacetaor

أكثر عشر مدونات تدوينا

#الكاتبالمدونةالتدوينات
1الكاتبمدونة نهلة حمودة1079
2الكاتبمدونة طلبة رضوان769
3الكاتبمدونة محمد عبد الوهاب695
4الكاتبمدونة ياسر سلمي655
5الكاتبمدونة اشرف الكرم576
6الكاتبمدونة مريم توركان573
7الكاتبمدونة آيه الغمري501
8الكاتبمدونة فاطمة البسريني426
9الكاتبمدونة حنان صلاح الدين417
10الكاتبمدونة شادي الربابعة404

spacetaor

أكثر عشر مدونات قراءة

#الكاتبالمدونةالمشاهدات
1الكاتبمدونة محمد عبد الوهاب333607
2الكاتبمدونة نهلة حمودة189403
3الكاتبمدونة ياسر سلمي181117
4الكاتبمدونة زينب حمدي169696
5الكاتبمدونة اشرف الكرم130916
6الكاتبمدونة مني امين116755
7الكاتبمدونة سمير حماد 107604
8الكاتبمدونة فيروز القطلبي97784
9الكاتبمدونة مني العقدة94902
10الكاتبمدونة حنان صلاح الدين91499

spacetaor

أحدث عشر مدونات إنضماما للمنصة 

#الكاتبالمدونةتاريخ الإنضمام
1الكاتبمدونة رهام معلا2025-06-29
2الكاتبمدونة حسين درمشاكي2025-06-28
3الكاتبمدونة طه عبد الوهاب2025-06-27
4الكاتبمدونة امل محمود2025-06-22
5الكاتبمدونة شرف الدين محمد 2025-06-21
6الكاتبمدونة اسماعيل محسن2025-06-18
7الكاتبمدونة فاطمة الزهراء بناني2025-06-17
8الكاتبمدونة عبد الكريم موسى2025-06-15
9الكاتبمدونة عزة الأمير2025-06-14
10الكاتبمدونة محمد بوعمامه2025-06-12

المتواجدون حالياً

257 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع