افترق الجمع إلى طابورين ليخلوا الطريق إلى الراكض...
جرى الغريب بأقصى سرعة، كان في حالة هلع، أنفاسه لاهثة سريعة وكأنه يهرب من شيء ما
-العقرب، العقرب، العقرب
أخذ يصرخ وهو يقلب نظره بين كل الوجوه الحاضرة
-برج العقرب ده خطير فعلا، غيور وعنده حب تملك وكتوم وغامض ومسيطر وشديد الانتقام، انت ايه جابك في سكته بس؟
اتسعت عيناه عن آخرهما، وحملق في "عواطف" بعد تعليقه الأخير، اقترب منه، مد يديه وامسك به وأخذ يهزه وهو يصرخ:
-غيور ايه وكتوم ايه وفانديتا ايه؟ بقولك عقرب إسود، ديله طويل وبيبخ سم
-يا خرابي، عقرب، أنت بتقول عقرب، إحنا لازم نهج، لازم نهرب، ممكن حتى نتمشى لحد نواحي ليبيا ولا السودان ولا المنوفية ولا لما يبانلنا صاحب، محدش بيموت من الجوع
-ايه الأوفر اللي انت في ده، العقارب دي عايشين ومتعايشين معاها عادي جدًا، دول موجودين في كل مكان، في السوق وعلى ضفاف النيل والطبلية بتاعتنا، انا مربي 5 عقارب على أساس إنهم حيوانات أليفة، وبدربهم عشان أوديهم السيرك
-الله، أمال عمنا ده مهلوع ليه كأنه طالع من فيلم "التعويذة"؟
انتفض الغريب المهلوع وقال في عصبية شديدة:
-عشان ده مش زي أي عقرب شفتوه قبل كده، ده غير كل العقارب، لا بيخاف من نار ولا بيتهش من عصايا، مش بيخاف من حاجة، كأنه كان حاطط هدف ليه، قرب على صديقتي ومتراجعش ومتحرقش من النار اللي حطيته عليها، النار اتطفت وهو كمل، فضل يزحف ويتوغل وينتشر ويتسرب ويقتل ويستمر، اخترق جسدها المفرفر الملقى على الأرض ويكأنما احنا في فيلم "المومياء" و"عودة المومياء".
لطالما أراد "عواطف" اختبار شعور أبطال أفلام الرعب والحركة، أراد أن يصبح في قلب الأحداث المثيرة، يهرب من وحش أو يدبر مكيدة للصائد المتوحش، وزادت تلك الرغبة عند انتشار الضباب وحضوره للعنات أصابت غيره أو سماعه للعنات أخرى، لكنه في هذه اللحظة أراد أن يخلع بلغته ويضرب بها على رأسه أو يرشق في أي حائط عله يختفي ويعود إلى عالمه الهادئ المسالم الممل حيث يناكف في جاره هذا أو يغتت على جاره ذلك، أو حتى يعود إلى قلب الضباب ويجلس كما كان في كشكه وينتظر الأوغاد التاليين الذين سوف يسرقونه أو يضحكوا على ذقنه ويغشوه.
-يعني العقرب ده لسه مطلوق وممكن يطاردنا بعد ضحيته الأولى؟
سأل أحد الحاضرين.
رد عليه "عواطف":
-المشكلة مش ف كده، المصائب لا تأتي فُرادى.
-قصدك ايه يا عم الغريب أنت يا اللي ظهرت من حيث لا ندري؟
-قصدي أنكم لو كنتوا اتفرجتوا على "المومياء" كنتوا عرفتم أن مفيش عقرب بيمشي يتمتختر لوحده، لازم يكون في "مستعمرة"، السؤال هو يا ترى المستعمرة فين دلوقتي، قريبة ولا بعيدة حزينة ولا سعيدة، فاكر سنيني ولا قلبك نسيني ولا الحب زاد ولا البعاد خلا الغرام ولا؟
-جماعة هو عادي يكون فيه كتلة من السواد ماشية تجتاح الطرق وتاكل الأخضر واليابس؟
سأل أحدهم، ليرد عليه آخر
-إشمعنى؟
أشار بيده إلى اتجاه معين، فاتجهت أنظار الحاضرين جميعًا اليه بما فيهم "عواطف" طبعًا حيث أنه البطل الخارق لهذا المسلسل الأكشن، لتتركز لقطة الكاميرا عليه وعلى وجهه المفزوع وهو يراقب مستعمرة العقارب السوداء وهي تأتي من بعيد....
"يتبع"
#الأوغاد_كمان_وكمان
#ياسمين_رحمي
(لا ينصح بقراءة الحلقات لمن هم أقل من سنتين ومن يملك مشاكل في القلب أو الضغط أو إرتجاع في المريء)