كلنا بشكل أو بآخر إتعلمنا إن المظاهر خداعة، لكن لأي مدى هي خداعة.. هل ممكن مثلًا تشوف شخص وتتكلم معاه وتحس بوجوده بس يكون في الحقيقة كيان تاني مش إنسان؟
"عيشة قنديشة" وفقًا للأساطير الشعبية المغربية كيان بيظهر على شكل إنسانة بس هي مظهرتش مرة ولا إتنين، ظهرت في مناسبات وأماكن كتير زي الطرق والبيوت المهجورة والمقابر والوديان والآبار والكهوف وبتكون على شكل ست فاتنة برجلين جمل أو بغل ، بتجذب الرجاله وتغيب وعيهم وتستدرجهم لوكرها عشان تقتلهم وتتغذى على لحومهم ودمهم لكن زيها زي أي إنسان أو مخلوق ليها نقطة ضعف وهي النار. في من الناس اللي قالوا إنها مش بس بتسكن الأماكن المهجورة والموحشة وتستنى مرور راجل إنما كمان بتتحرك بجرأة وتقرب من القرى المأهولة وتعترض طرق المارة من الرجالة لكنهم في الحالة دي بيبقوا أشجع وبما إنها سيرتها شائعة بيتعرفوا عليها فورًا وبيولعوا العِمم بتاعتهم أو أي قطعة قماش تانية بالنار وهي بتهرب مرعوبة...
لكن هل الستات سلمت من أذية عيشة قنديشة؟ الإجابة لأ وفقًا لقصص متداولة... قبيلة سوس في المغرب كان عندهم عادة وهي إنهم يعملوا وليمة أو "المعروف" زي ما الأمازيغ بيسموها كل فترة، الوليمة دي كانت بتضم ستات القبيلة وكان العادي برده إن ستات غريبة عن القبيلة تحضر الولايم وتاكل وتحتفل معاهم عشان كده مستغربوش في مرة لما ظهرت ست أجنبية عنهم باستثناء واحدة منهم! الواحدة دي حست أن نظرات الست غريبة مش طبيعية ومخيفة وحادة لكن هي الوحيدة اللي لاحظت ده والباقي إتصرف معاها بمنتهى الأريحية. بعد الوليمة وكعادة المناسبات دي الستات إتسابقوا ف دعوة الغريبة عشان تبات في بيوتهم ، أما الست اللي كان عندها إحساس مش مريح ناحيتها إضطرت برده تعزمها لأن دي الأصول، الغريبة بقى إستجابت ليها دونًا عن باقي الستات...
من أول ما دخلت البيت والست بتتجنب تبص للغريبة وراحت حكت لجوزها عن مخاوفها منها وعن النظرة المريبة اللي الغريبة كانت بتبصها ليها وجوزها زي ستات القبيلة كان شايف أن الغريبة ست عادية جدًا ومفيش أي حاجة تستدعي الخوف . وصل بالست الرعب إنها قفلت باب أوضتها بالقفل والغريبة نامت في الأوضة اللي جنبها.
الصبح الزوج قام لقى نقط دم ف أرضية البيت كله ولما تتبع النقط ملقاش أثر لمصدرها، مجرد الدم ، أما مراته والست الأجنبية فإختفوا للأبد من غير أي أثر وابتدا أهل القبيلة يتكلموا عن "عيشة قنديشة" وأنها كانت الست الأجنبية اللي ظهرت من العدم وحضرت الوليمة وإختفت ومعاها الست المضيفة!
في رواية تانية كان في راجل سايق عربية بليل في طريق مهجور، الراجل لمح ست عجوزة واقفة بتشاور ليه عشان يقف وطلبت منه يوصلها لأقرب قرية وبعدها سكتت، متكلمتش طول الطريق وقبل ما يوصلوا المكان اللي قالت عليه طلبت منه يقف ، الست العجوزة نزلت وهو شافها بتمشي وتختفي في إتجاه كهف موحش مهجور ومن وقتها وبناء على قصة الراجل سموا الكهف "كهف عيشة قنديشة".
أما عن إمام المسجد في قرية تانية ففيوم كان راجع بيته بعد صلاة العشا ومر قدام مقبرة وبعدين لمح ست ماشية بتتجول وسط القبور بلبس مش مهندم وبعدين إختفت فجأة ! بعد ما رجع حكى اللي شافه ودي كانت بداية المشاهدات الكتير المتكررة من ناس مختلفة للست اللي بتتمشى وسط المقابر...
بس الموضوع الحقيقة أكبر من إسطورة شعبية عن جنيه شريرة، في روايات تانية بتقول أن "عيشة قنديشة" كانت شخصية واقعية عاشت في القرن ال15 وكانت مجاهدة وقدمت معونة ودعم للجيش المغربي في مواجهة البرتغاليين وعرفت تكون جبهة ضد الجيش البرتغالي ولأنها كانت شرسة وداهية في الهروب والتخفي إنتشر إعتقاد إنها جنيه.
وفي نفس النطاق إنتشرت رواية مختلفة بتقول إن الإستعمار البرتغالي قتل جوز "عيشة قنديشة" فقررت الإنتقام وبقت عنصر مقاومة قوي ومرعب بالنسبة للعدو وإنها في نفس الوقت كانت "كونتيسة" من اللي إتطردوا من الأندلس ولما وصلت المغرب شكلت مقاومة ضد جيش الإستعمار والسبب أن البرتغاليين قتلوا أهلها وشردوهم ومن ضمن الtechniques بتاعتها أنها كانت بتغري جنود الحاميات الصليبية وتجذبهم وراها للوديان والمستنقعات وبعدين تدبحهم ومن هنا ربت الرعب في قلوب البرتغاليين والأوروبيين.
أما القاضي العباس بن إبراهيم السملالي (على رواية ميلود لقاح- شاعر مغربي) ذكر إن "عيشة قنديشة" في الحقيقة كانت وليّة صالحة ومتصوفة عاشت في فترة سيدي محمد بن عبد الرحمن ، وحضرت مجموعة من الأولياء كسيدي الزوين المشهور ، وكانت بتقول زجل بتشتكي فيه من غلاء الأسعار وانحباس المطر وإنتشار الأشرار.
وأنتوا إيه رأيكم هل فعلًا هي جنيه ولا شخصية وطنية ولا ولية من أولياء الله الصالحين ولا مفيش وجود ليها من الأساس؟