حملق الإثنان أمامهما في فزع مع إنطلاق موسيقى رعب رهيبة من بيانو غامض في الخلفية لزوم زيادة التشويق والإثارة ثم التفت "زينهم" إلى "سوبر" وقال:
-مش أنت إسمك سوبر؟
-مظبوط.
-وأبوك إسمه "ماريو"؟
-مظبوط، إنما إيه النباهه والفصاحة دي، عرفت إسمي منين؟
-من الست اللي ورتنا كولكشن المجلات والكتب بتاعتها.
-برده هتقولولي ست، لا دانتوا أعصابكم تعبانه خالص، لازم الشبورة أثرت عليكم، أما أروح أعملنا طقم سحلب عشان تهدوا أعصابكم وتدفوا عروقكوا وتروقوا كده وتزقططوا، brb.
دلف "سوبر ماريو" إلى المطبخ وبقى الإثنان وحدهما. جلسا دون كلام وقد بدأت دقات قلبيهما بالإنتظام بعد أزمة الهلع التي تعرضا إليها ثم لمح "أنيس" شيئًا بطرف عينيه..
كان جزءًا ظاهرًا من شريط فيديو وُضع على رف بدولاب ضم جهاز تلفاز كبير وجهاز فيديو وبعض الأسلاك والحاجيات.
إقترب "أنيس" وسحب الشريط بأكمله وقد غُطي بالتراب . مسح التراب بيديه فوجد ملصقًا مكتوب عليه الآتي:
"متشفونيش" وتحتها "خطر" مع الجمجمة الحمراء الشهيرة وعلامة الإكس.
-إيه رأيك يا "زينهم" ؟
لوح بالشريط في الهواء فقام "زينهم" ورأى الشريط والمكتوب.
-ما بلاش ولا.. يالا؟
-يالا؟
-يالا.
أدخل "أنيس" الشريط داخل الجهاز وحط صوباعه بمنتهي التحمس والإنشكاح على زر "تشغيل".
جلس الإثنان متلهفين وقد تسارعت دقات قلبيهما في إنتظار محتوى الفيديو.
شاشة غامقة مقبضة مهتزة وبئر مهجور ثم....
"يا ابو كف رقيق وصغير وعيون فنان محتار يا ابو ضحكة وصوتها فى قلبه بيضوى الف نهار بكار بكار بكار"
إنطلق تتر مسلسل "بكار" وعكست أعين المتفرجان المتسعة عن آخرها الألوان البراقة المخيفة برده للتر ثم رن هاتف البيت..
قام "زينهم" بتلقائية ليرد عليه فأمسك به "أنيس" في هلع:
-إوعى.
-في إيه بس؟
-متردش، أنا قلبي مش مطمن.
لم يستمع "زينهم" إلى رجاء "أنيس" ورفع السماعة...
أصوات غريبةغير مفهومة وكأن المتحدث ليس إنسانًا ثم أخيرًا وضحت بعض الكلمات:
-عاايز "رشيدااااه".
ألقى السماعة في رعب وإنتفض جسده. خطى "سوبر ماريو" بصينية السحلب وكله روقان بال، إتسعت إبتسامته وهو لا يشيح بنظره عن الأكواب حتى شعر بالتوتر المسيطر على الأجواء. أدار نظره بين "أنيس" و"زينهم" ورأى السماعة الملقاه على الأرض ثم شاشة التلفاز المفتوحة وبها التشويش. تقلصت إبتسامته ووضع الصينية على طاولة وإقترب من الشاشة في بطء. أخرج شريط الفيديو وأمسكه وهو ينظر في عدم تصديق.
-إيه اللي خلاكم تعملوا كده؟
-ماحنا جالنا فضول
-مشفتوش عبارة "متشوفونيش" والإستيكر اللي حاطه اللي مكتوب عليه "خطر" ورسمة الجمجمه؟
-ما هو ده اللي أثار فضولنا أكتر.
-هو أنا كل ما أغيب تعملوا مصيبة مافضلش غير أنكم تتفرجوا على فيلم"الفلوس".
-هو أنت مش هتقدر تساعدنا ، خلاص هنتسحِق؟
-للأسف مش هقدر.
-أنت مشفتهوش؟
-شفته بس اللعنة مش بتأثر فيا، أنا إسكندراني، جنس آري سامي غيركم أنتم.
سمع الثلاثة صوت عجيب مثل منبه عتيق، تن تن. نظروا إلى مصدر الصوت ثم التفتوا ونظروا إلى بعضهم البعض.
-خلاص كده البعبع جه؟
-ثانية واحده، لأ ده صوت الفرن، الكيكه خلصت.
مضى "سوبر ماريو" إلى المطبخ كي يخرج قالب الكيك.
-وبعدين يا "زينهم"؟ الكلام على إيه؟
ما إن أنهى "أنيس" سؤاله حتى سمع صرير باب. نظر إليه و"زينهم" أيضًا، الغريب في الأمر أن الباب لم يكن موجودًا من قبل ، على الأقل على حد إدراكهما وكأنه ظهر من قلب الحائط.
إرتعش "زينهم" ودب الرعب في أوصاله ومع ذلك نظر إلى "أنيس" وقال:
-تيجي ندخل نشوف؟
-هو أنا عارف أنه بلاش وإننا هنتأذي بشكل وحش وإحتمال دي تكون نهاية القصة لو دخلنا بس الفضول هيقتلني.
-يالا؟
-يالا.
دلف الإثنان إلى ما خلف الباب وما إن خطيا إلى الغرفة الغامضة السرية حتى أُغلق الباب بشدة وكأنه صُفع من رياحٍ عاتية. لا شيء، بصيص خافت من النور يسمح لهما بالكاد أن يريا بعضهما وغرفة خالية من أي أثاث ثم فجأة...
إنطلقت أغنية محمد محيي "روح بعيد مش هبكيعاللياليتانيييييي" . وبعد أن إنتهت إنطلقت أغنية "إتخنقت وطلعت كنت بضيع وقت كان حلم وهمى وانا صدقت للاسف صدقت" وهكذا بدأ يدرك الإثنان أنهما قد علقا في دوامة زماكانيه حيث أغاني "محمد محيي" وفقط وليست الفرحة منها بل كل الأغاني التي تدفع الشخص إلى إقتلاع جلده من جمجمته. وهنا بدأ الصريخ الأبدي لهما من داخل غرفة العذاب أما "سوبر ماريو" فقد خرج من المطبخ متحمسًأ يتبختر حاملًا صينية الكيك الشيك الآخر ألاجه. نظر حوله فلم يجدهما ولم يدرك الباب الذي في الحائط، حيث هما وفقط من قُدر لهما رؤيته. هما الآن يصرخان ولا يتوقفان وهو لا يسمعهما أو يدرك وجودهما وكأنهم في أزمان وأماكن مختلفة برغم وجودهم تحت ذات السقف .....
"عرفت أنا الكلام ده إزاي بتفاصيل القصة كلها؟ أعرفكم بنفسي، أنا عواطف عفاف المنياوي، صاحب كشك "كانزات رقيقة" ، عرفت كل ده ببساطة لأني واقف بره بيت الخفافيش وشفت كل اللي حصل للأوغاد من ساعة ما عتبوا البيت ولحد نهايتهم، أنا راجع كشكي دلوقتي وعندي إحساس أن الأحداث المثيرة مانتهش بل إبتدت للتو يمكن عشان الضباب لسه ممشيش، بدأت أحس أن الضباب ده مختلف عن أي ضباب عدى علينا....."
تو بي كونتينيود
#الأوغاد
#ياسمين_رحمي