بسم الله الرحمن الرحيم
القصة مستوحاة من أحداث حقيقية
ممنوع الاتصال أو التصوير
= في ظاهرة مذهلة عايز أكلمكم عنها، هي مش ظاهرة بالظبط لإنها حاجة قائمة من ساعة ما الإنسان اتوجد على الأرض، نقدر نقول حقيقة ثابتة، وهي الفرق ما بين الصدق والحقيقة! أيوه زي ما سمعتم كده بالظبط، طولوا بالكم عليا، إيه الفرق ما بين الصدق والحقيقة؟ ويا ترى إحنا هنتحاسب على الصدق ولا الحقايق؟ أظن والله أعلم إننا هنتحاسب على الصدق مش الحقيقة، عشان الحقيقة حاجة مختلفة تمامًا، الصدق هو التصديق في حدث وقصة وتفاصيل، يعني هتلاقوا الراوي مصدق بجد في اللي بيحكيه، من منظوره هو بيقول الحقيقة، لكن تعالوا نعمل تجربة صغيرة، كل واحد فيكم يسجل لنفسه وهو بيحكي عن حاجة شافها بأدق التفاصيل، ويرجع يسجل لنفسه تاني يوم وهو بيحكي نفس القصة بالتفاصيل اللي فاكرها وكل يوم لحد ما يفوت إسبوع وبعدها بسنة بالظبط يسجل نفس القصة وبعدها بسنة، ويستنى 10 سنين ويرجع يسجل نفسها القصة، وفي الآخر يفتح كل التسجيلات من الأول، واحد ورا التاني ولحد الأخير، هيجيله حالة ذهول، أهو هو نفسه، مش حد تاني بيحكي، هيكتشف قد إيه التفاصيل اتغيرت، القصة بدل ما كانت حصلت بالنهار تبقى بليل، وبدل ما كانوا 3 في القصة بقوا أربعة، وبدل ما فلان قال، هيلاقي التاني هو اللي قال، والشكل واللبس والأماكن كله كله اتغير، والمصيبة إنكم هتبقوا واثقين من روايتكم في كل مرة بتحكوا، طب أنهي رواية اللي صح فيهم؟ شفتوا؟ أهي دي اسمها الذاكرة الكدابة، عشان كده مينفعش أبدًا نعتمد عليها، عشان كده برضه بقول لكم في فرق ما بين الصدق والحقيقة، الحقيقة المجردة مفيهاش شك، زي كده وجود الشمس وشروقها وغروبها ودورة الأرض والحقايق الكونية أما الصدق هو النية الصافية في توصيل الحقيقة، ومش شرط أبدًا يوازي الحقيقة، تخيلوا بقى كم الروايات التاريخية اللي اتدونت واتنقلت وإحنا فاكرينها حقيقة لا غبار عليها، لما القصة يفوت عليها مئات وآلاف السنين إيه كم الزيف اللي ممكن يبقى فيها؟ ومتزعلوش مني لما أشكك في قصصكم اللي بتحكوهالي في البرنامج، وأبقى لا مصدق ولا مكدب، مش عشان شاكك في نواياكم ومكدبكم ومش واثق فيكم ، أبدًا، ده عشان مش واثق في ذاكرتكم.
معانا مكالمة....
= ألو...
-ألو، إزيك يا "قاسم".
= الحمد لله، مين معايا؟
-إسمي "نورا".
= أهلًا يا "نورا" عندك قصة لينا؟
-للأسف، وأنا بعتذر للناس على القصة اللي هيسمعوها النهارده.
= بتعتذري؟
-بعتذر لبشاعة القصة، بس أنا مخنوقة وكان لازم أحكي، متكلمتش عن اللي حصل على الرغم إن فاتت سنة كاملة ، بإستثناء إني حكيت مرة واحدة للضرورة وغصب عني...
= شوقتينا، اتفضلي احكي.
-قد إيه في مفاهيم غلط منتشرة والناس بتكررها من غير وعي، زي إن العمات حربيات، إيه الجهل ده؟ ومنين جت الجملة؟ بالنسبة لي عماتي كانوا أمهاتي وإخواتي، غريبة كلمة إخواتي مش كده؟ ده عشان أعمارهم المختلفة، أنا عندي 6 عمات، أربعة منهم في عمر أمي أو أصغر أو أكبر شوية، واتنين يدوبك أكبر مني بكام سنة، العمة الصغيرة أكبر مني بسنتين والأكبر منها بأربع سنين، حرفيًا اتربينا على إننا إخوات، ومكنش عندي فكرة إن قصتهم ممكن تنتهي بالشكل ده....
إرتباطي بعماتي جي من إرتباطي بجدتي، ومن حرصهم يأسسوا معايا علاقة حلوة وقوية كلها حب ومودة، ومن حرص أمي قبل أبويا إن علاقتي بأهل ماما وبابا تبقى مثالية خصوصًا إن بابا اتوفى وأنا طفلة، يعني الأخ الوحيد مات، والباقي كله ستات، وبكده مكنتش محتاجة أكون صداقات ببنات تانيين معايا في المدرسة أو الجامعة أو من الجيران، الصداقات كانت طياري ، مجرد معارف، الصداقة الحقيقية كانت مع "جميلة" و"جنات" عماتي اللي من سني....
وفي ليلة من الليالي اللي بايته فيها عند جدتي، ليلة حر رهيبة، 10 أغسطس 2024 قمت مفزوعة على استنجاد جدتي، في حد اقتحم الشقة! طلعت من الأوضة اللي كنت نايمة فيها عشان أواجه الشخص ده، مجاش في بالي ممكن يحصل فيا إيه، ومع أول خطوة ليا بره الأوضة الصوت اتكتم ومكنش في غير سكوت، سكوت رهيب، سكوت مش مريح أبدًا وبعدها.....صريخ رهيب، جي من البلكونة، مشيت بالراحة، صوت دقات قلبي أعلى من خطواتي، وهناك في البلكونة كانت واقفة بتصوت، "جنات"، ماسكة في إيدها حبل الغسيل وعمالة تقطع فيه بإيديها وتزعق في الجيران اللي كانوا كلهم طالعين في البلكونات وبتقول: "لو بتحبوها بجد، صلوا عليها الصبح!" وبعدها تصوت وترجع تردد نفس الجملة....
= حبل غسيل؟؟ بتقطعوا بإيديها؟ حبل الغسيل ده سميك وحاد جدًا مش ممكن تقدر تقطعه بإيدها.
-الإنفعال يا "قاسم"، عندك فكرة الإنفعال ممكن يخلي طاقتك وقوتك عاملة إزاي؟ هتطلع منك إمكانيات رهيبة، أكبر من قدرتك وحجمك.
= صحيح، عندك حق.
-بعد ما كنت خايفة إن في مقتحم، حرامي جي يسرقنا وممكن يأذينا بقيت خايفة أكتر لإني مش فاهمة اللي بيحصل، عقلي مش مترجم اللي عيني بتشوفه وودني بتسمعه، إيه اللي بتعمله "جنات" ده وليه جدتي كانت بتصرخ؟
سنة 2016 لما كنت لسه في ثانوي رجعت في يوم على جدتي من المدرسة...
= ثواني، 2016 إيه؟ طب واللي حصل بعد ما "جنات" طلعت البلكونة وقالت للجيران يدعو لأمها؟
-صبرك عليا، اسمع للآخر.
= حاضر، معلش اتحمست شوية.
- قبل ليلة الرعب ب8 سنين رجعت في يوم من المدرسة على بيت جدتي، سلمت سريعًا على تيتا اللي فتحتلي وبعدين انطلقت على أوضة "جميلة"، باب الأوضة كان مردود ومن خلال الفتحة شفت "زينب" جارتهم...
كانت قاعدة على السرير، رفعت راسها ليا، بصتلي في عيني مباشرة، عنيها مكنتش بترمش، بتبصلي كإني هدف وهي صياد، نظرتها كانت مرعبة، حادة، وفي وشها شبح ابتسامة، رجعت خطوة لورا، جدتي جت ومسكت إيدي وقالت "مالك يا بت عاملة زي القطر كده ليه؟ جري من بابا الشقة على جميلة، ملحقتش أتكلم معاكي كلمتين"
لفيت ليها بوشي اللي عليه ملامح الخوف، هي وقتها علقت "إيه، دي زينب جارتنا اللي في الدور الأول، منتيش عارفاها؟"
رديت : "عارفاها"
"طب تعالي، تعالي معايا المطبخ ساعديني في الغدا"
وروحت معاها....
فضلت مبلمة طول الوقت وأنا مع جدتي وأخيرًا سألتها بعد كتير : "هي زينب دي مالها؟"
"مالها يا بنتي؟"
حطيت إيدي في وسطي وبصتلها، اللي هو "بلاش يا جدتي تعملي النمرة دي عليا"
ردت ساعتها بعد تنهيدة "تعبانة شوية"
قلت:
"تعبانة عندها إيه؟"
"مش الجسم بيمرض، كمان النفس"
"النفس؟"
"اه، وأمراض النفس أجارك الله، أوقات بتبقى أصعب من الجسم"
"قصدك النفسية يا تيتا؟ عندها مرض نفسي؟"
"أيووووه، هو كده، زي ما إنتي قلتي"
"طب وليه بتيجي عندكوا والبنات بينزلوا ليها؟"
"الله، أمال نسيبها؟ الناس لبعضها، وعماتك جدعان، عارفين إن ملهاش حد تاني، مش عارفه يكون ليها أصحاب"
ساعتها يا "قاسم" إبتسمت إبتسامة ممزوجة بقلق كبير، مغصوبة عليها، وده عشان مكنتش مرتاحة أبدًا، لسبب ربنا يعلمه...
= ما طبيعي تبقي مش مرتاحة البنت مريضة نفسيًا.
-صح، يمكن.... نرجع تاني لليلتها، الليلة اللي قمت فيها على صريخ جدتي ولقيت "جنات" بتزعق في البلكونة وبتقول للجيران يصلوا على جدتي الصبح...أنا كنت واقفة في الصالة بالقرب من البلكونة، متسمرة في مكاني بحاول أفهم المشهد، "جنات" بعد ما خرجت مشيت في اتجاه أوضة جدتي، ملامحها كان جامدة ، عدت من جنبي وفضلت مكملة في طريقها ولا كإنها شايفاني، أنا قشعرت في اللحظة اللي كانت فيها جنبي بالظبط، حسيت ببرودة...
"جنات" وصلت عتبة الأوضة وسمعت تزييق الباب لما خبطته خبطة خفيفة وهي بتدخل وبعدها الصريخ رجع، صريخ جدتي، لكن المرة دي كان أعلى!
أنا كنت حاسة إني في حلم، مش عارفة أوصفلك إزاي، أنت لما بتحلم بتبقى جوه عالم القواعد بتاعته مختلفة، صحيح بتحس إنه واقع، بتعيشه بجد، لكن بشكل مختلف، زي الفرق ما بين إنك تبقى على البر أو بتعوم جوه بحر، أجواء غير الأجواء، ممكن تبقى في مشهد وشايف في نفس الوقت مشهد تاني، قادر تتنفس في الفضا وتحت المحيط، سامع الأصوات مجسمة أكتر، قادر تشوف اللي قدامك واللي وراك، بتطير، بتتحرك لمسافات كبيرة في خطوات صغيرة، أو عاجز تمامًا، أهو أنا بقى كنت بتحرك وسامعة لكن عاجزة، دماغي واقفة مش عارفة أترجم اللي بيحصل، واللي مكنش منطقي أبدًا بمقاييسنا....
"كفاية، كفاية، أنا عملتلكم إيه؟"
دي الكلمات اللي طلعت من جدتي بالعافية، كانت بتكلم مين بالظبط؟ هو مين مع "جنات" وجدتي جوه في الأوضة؟ دي الأسئلة اللي كانت بتدور في راسي ولقيت الإجابة لما وصلت....
فتحت باب الأوضة على الآخر وشفتهم، "جنات" و"جميلة" نازلين ضرب في جدتي، أمهم!
.................................
"بسم الله ولا حول ولا قوة إلا بالله"
ده اللي رددته "جميلة" وهي بتمسح على راس "زينب" اللي كانت حطاها على حجرها وممددة جسمها على السرير....
= إحنا كده رجعنا تاني ل2016 مش كده؟
-عفارم عليك يا "قاسم"، رجعنا تاني...
أنا مريت بأوضة البنات وشفت المنظر ده، على فكرة الشقة كانت فيها 4 أوض نوم وكانت كبيرة ، 6 عمات بقى والأب والأم، بس "جميلة" و"جنات" كانوا بيحبوا يناموا في نفس الأوضة حتى بعد ما البيت فضي وإخواتهم الكبار اتجوزوا وده عشان كانوا قريبين أوي من بعض..
المهم "جميلة" لمحتني وقالت:
-تعالي يا "نورا"، إقعدي معانا.
أقعد فين؟ مكنتش عايزه أقعد لكن طبعًا اتحرجت وروحتلهم.
"جميلة" قالتلي بوشها المريح:
"أنا وزينب كنا بنقرا قرآن، بنراجع السور اللي حافظينها"
"زينب" شالت راسها من على حجر "جميلة" وقعدت... قالتلي وهي بتبتسم:
"القرآن بيريحني، إنتي كمان يا نورا لازم تقريه كتير وتحفظي وتسمعيه، مفيش حاجة تانية تقدر تعوضه، لا أغاني ولا دكاترة ولا أي حاجة"
هي كانت بتحاول تبقى لطيفة على قد ما تقدر لكن برضه مكنتش مرتاحلها....
وفي نفس اليوم ده بليل صحيت من النوم عشان أدخل الحمام، أنا كنت نعسانة جدًا عينيا شبه مغمضين، وأنا بغسل إيدي عيني اترفعت على المراية للحظات واتخضيت لما شوفت الانعكاس...
= ما طبيعي تشوفي إنعكاسك في المراية.
-لأ، مهو مكنش إنعكاسي! دي كانت واحدة تانية، واحدة بشرتها فاتحة، مش بيضة لكن فاتحة، عنيها مكحلة، شعرها إسود طويل وفاحم وناعم....
= متأكدة؟ أصلك بتقولي صحيتي من النوم مخصوص عشان الحمام وكنتي لسه نعسانة.
-أنا زيك كده، شكيت في اللي شفته لولا اللي حصل بعد كده...
= إيه اللي حصل؟
-"جميلة" و"جنات" كانوا بيضربوا جدتي بإيديهم، جدتي لمحتني، مدت إيدها ليا، مكنتش قادرة تتكلم، بس الحركة دي كانت استنجاد، بتستنجد بيا...
= إحنا كده روحنا لليلة إياها، ليلة الرعب.
-بالظبط، زي ما أنت وصفتها، هي ليلة رعب، لما فتحت باب الأوضة وشفتهم بيضربوها جدتي مدت إيدها بتقول لي "إنقذيني"، رفعت راسي ليهم وأخيرًا لساني انفك وقدرت أنطق....
قلتلهم "بتعملوا إيه؟"
"جنات" ردت: "ملكيش دعوة إرجعي لأوضتك"
وقتها بس ركزت، في الخلفية كان في صوت، سورة البقرة، شيخ بيقراها من خلال تسجيل كاسيت، التسجيل شغال في الأوضة، وفي دخان مع ريحة قوية مركزة، بخور...
قلتلهم بزعيق:
"لأ مش هرجع عايزة افهم في إيه، ابعدوا عن تيتا"
"دي مش تيتا!!"
"جميلة" ردت الرد ده، فجأة لقيت نفسي في وسط الأوضة، كنت وصلت من غير ما أحس لهناك ، والتلاتة كانوا على مسافة واحدة مني عاملين شكل مثلث، في اللحظة دي كانت اشكالهم غريبة بالنسبة لي، التلاتة بينهجوا جامد وباين عليهم الإنهاك، أطرافي كانت بتترعش وكنت حاسه إني على وشك الإنهيار، فجأة جدتي فتحت بوقها وصرخت صرخة جبارة وقربت مني وهي بتمد إيدها، ضميت دراعاتي على وشي و"جميلة" و"جنات" زعقوا فيا: "إرجعي لأوضتك، إرجعي لأوضتك"
رجلي أخيرًا اتفكت وجريت بأقصى سرعة بره الأوضة....
قبل ما أوصل أوضتي سمعت صوت مفتاح في باب الشقة وبعدها الجرس رن، لا أنا ولا البنات فتحوا، بعد شوية الرن اتحول لتخبيط والتخبيط زاد كإن اللي ورا الباب هيهده وسمعت صوته بيزعق....
جدي....
رجع من الشيفت بتاعه في المصنع، حاول يفتح الباب بالمفتاح معرفش فرن الجرس ولما ملقاش استجابة خبط وسبب ذعره وتخبيطه الجامد هو الصوت اللي كان سامعه، صوت صريخ جدتي وزعيق البنات، فضلت متسمرة مكاني، "جنات" خرجت من أوضة جدتي وراحت على الباب وفتحته....
أنا بس شفت وشه، مكنش لسه اتكلم واترميت جوه الأوضة واتقفل عليا الباب!
= إترميتي؟
-حاجة مسكتني من بطني، رفعتني للهوا ورمتني جوه الأوضة والباب اتقفل....
........................
-ونرجع لسنين قبلها ، صحيح يا "قاسم" أنا كدبت عنيا وأقنعت نفسي إن اللي شفته في المراية، الإنعكاس بتاع الست مجرد تهيؤات لكن برضه لما رجعت الأوضة مكنتش مرتاحة، حطيت الغطا على وشي وكملت نوم...ومن ليلتها وحاجات كتير اتغيرت....مبدئيًا كده أحوال الناس في البيت، فجأة المشاكل كترت، الكل بقى يمسك في بعضه، "جنات" و"جميلة" وتيتا وجدي، وإخواتهم كمان، لما كانوا بييجوا البيت كانوا بيتخانقوا مع بعض ومع أبوهم وأمهم، وللعلم البيت ده كان هادي أوي، الناس طبايعهم مسالمين، مش بتوع مشاكل، محدش فيهم كان بيعلي حسه عالتاني، وفي ليلة من الليالي اللي كنت بايتة فيها عندهم سهرت عالتليفزيون والباقي كانوا نايمين، "جميلة" صحيت، شفتها خارجة من أوضتها، سألتها : "إيه اللي صحاكي؟"، ردت بعنين شبه مغمضين وصوت نعسان "جعانة، هشوف أي حاجة أكلها من المطبخ"، وغابت حوالي 10 دقايق في المطبخ بعدها خرجت واتوجهت لأوضتها، أنا كنت مركزة في التليفزيون وباكل الفشار، لثانية بس عيني اترفعت ولمحت "جميلة".....
"جميلة" مكنتش ماشية لوحدها!
كان في حد تاني لازق فيها كإنه ضلها، ماشي معاها خطوة بخطوة والحد ده كان...
= الست اللي ظهرتلك في المراية!
-عفارم عليك، هي...أنا كنت شايفاها، لكن "جميلة" مش حاسه بيها، ونفسها الست دي شفتها في ليالي تانية ملازمة "جنات" وملازمة جدتي..
= لأ ثواني كده متكروتيناش، قوليلي بالظبط إيه رد فعلك لما شفتي الست ملازمة ل"جميلة" وإيه حصل بعدها في الليلة دي.
-أنا عيني فضلت متثبتة عليها لحد ما دخلت الأوضة، والست دخلت معاها، كنت مستنياها في أي وقت تاخد بالها وتصرخ، لكن ولا حاجة، مسمعتش حاجة، وده عمل لي تربنة رهيبة، أنا بقيت متأكدة من اللي بشوفه، حقيقي، حقيقي أوي، لكن يا ترى إيه المصدر؟
= قصدك، إذا كان الموضوع من دماغك إنتي، متعلق بيكي ولا بجد؟
-صح كده، لكن لما فكرت إني هقفل التليفزيون في مرحلة ما وهطفي الأنوار وهرجع لأوضتي أنام لوحدي زاد يقيني إن اللي شفته واقع مش صورة جسدها خيالي، في نشاط وكيان غريب في الشقة، الكيان ده الممثل في الست اللي شكلها عربي زمانه نايم جنب "جميلة"، بعدها افتكرت إن جدي لسه في المصنع، بيخلص الشيفت بتاعه بليل متأخر، وده خلاني أجري أنام جنب جدتي، سبت كل حاجة مفتوحة، التليفزيون والأنوار واترميت جنب جدتي، في لحظة من اللحظات، في طرفة عين لمحتها، الست كانت واقفة على عتبة بابنا، باب أوضة جدتي، كإنها بتبص في اتجاهنا، وفي طرفة عيني اللي بعدها ملاقيتهاش...
...........................
-بعد ما اترميت جوه الأوضة والباب اتقفل عليا، سمعت جدي وهو بيتكلم بزعيق، قال ل"جنات":
"إيه اللي بيحصل، مالها أمك؟ ومال الباب؟ المفتاح مش بيفتحه ليه؟"
"مغيرناش الكالون، هي اللي عملت كده، مفتاحك مكنش هيفتح الباب ولو حاولت لتاني يوم"
"هي مين؟"
"جنات" فضلت ساكتة شوية وبعدين ردت:
"إنت لازم تمشي دلوقتي"
"مش ماشي، هو إيه ده؟ حد يفهمني إيه اللي بيحصل؟"
وأنا قربت من الباب ووقفت قدامه مباشرة مستعدة أفتحه لكن ده محصلش، فضلت واقفة ، عيني متعلقة عليه بس عاجزة عن الحركة، مفيش حاجة في جسمي، رجلي وإيديا وحواسي شغالة لكني مش قادرة أتحرك، زي ما أكون مش عارفة أتحكم في نفسي.
لكني سمعت....الصريخ والزغاريد!
صوت جدتي وهي بتصرخ ومعاه ضرب وزغاريد وصوت جدي دخل معاهم وهو بيزعق ولسه بيسأل عن اللي بيحصل....
بالعافية قدرت أفتح الباب وشفت جدي واقف على عتبة باب أوضة جدتي وهو بيزعق وبيقول "سيبوها" بعدها اتجريت لورا والباب اتقفل مرة تانية.
بعد ما الباب اتقفل جدي اتأوه من الألم وكان في أصوات خبط جامدة وباب الشقة اترزع...
= جدك بطريقة ما خرج من الشقة والباب اتقفل وراه مش كده؟
-بالظبط.
= هو في حد كان بيحاول يحميكي بإنه يحبسك جوه الأوضة، ويعني إيه "مش جدتك" ليه البنات قالوا كده، أمال مين اللي معاهم وبيضربوها؟
-حلو يا "قاسم"، بتسأل الأسئلة الصح، أنا في المرحلة دي مكنتش فاهمة أنا محبوسة عشان حد بيحاول يحميني ولا بيحاول يمنعني أنقذ جدتي، ومكنتش عارفة استوعب يعني إيه اللي جوه مش جدتي، بس اللي كنت استوعبته إن اللي بيحصل خارق للطبيعة وإن ليه علاقة بالأحداث اللي بدأت من سنين والست اللي شكلها عربي اللي كانت ساكنة معانا في البيت وأنا بس اللي بشوفها.
مبقتش عارفة أفرق بعد كده، الأصوات دخلت في بعض، معرفش مين بيضرب ومين بيتضرب، والصريخ والزغاريد والضحك اندمجوا في بعض، وفي كمان أصوات غريبة، كإنه زار اللي جوه أوضة جدتي، لكن اللي كان واضح هو صوت الضرب، كفوف بتضرب جسم لكن مش ممكن تكون كفوف بني آدمين، دي كفوف عماليق، وفي لحظة الحصار اللي كان عليا اتفك، القيود الخفية اللي كانت رابطاني ومخلياني مش قادرة أتحرك...
فتحت الباب بسرعة وخرجت من الأوضة جري على الباب اللي اتصادف إنه بيخبط، فتحته ولقيت واحد من الجيران بيزعق:
"في إيه؟"
"جميلة" و"جنات" خرجوا من أوضة جدتي وراحوا للجار، "جميلة" قالت:
"إرجع على بيتك يا أستاذ حسن"
"أمكم بيتصرخ ليه وليه راميين أبوكم بره بالشكل ده"
"أنت مش فاهم حاجة، بقولك إرجع لبيتك"
"طب على الأقل هاتوا هدوم لأبوكم، عيب تسيبوه كده"
عيني وقتها جت على السلم اللي جدي كان قاعد عليه، كان لابس بس هدومه الداخلية!
= إزاي؟ مين اللي قلعه الهدوم؟
-جت على دي يا "قاسم"، دي كانت فوضى وأنا تايهة وسطها، أنا والجيران وجدي، ومش فاهمين حاجة، أهو لما دخل كان بلبس الخروج وفي الوقت القليل اللي قعد فيه في الشقة اتجرد من هدومه إلا الهدوم الداخلية.
الجار كان بيحاول يرمي عينه جوه الأوضة يشوف جدتي لكن الرؤية كانت محدودة ، هم الاتنين غابوا شوية صغيرين ورجعوا بهدوم ورموها للجار بسرعة وقفلوا الباب اللي أنا كنت على خطوات منه، بس قبل ما يقفلوا "جنات" قالت للجار:
"إرجع شقتك بسرعة وعلى فكرة أنت هتجيلك بنت زي القمر، مش هيكمل شهر وهتمسع الخبر الحلو"
"جبتي الكلام ده منين"
"بلغتني"
"مين دي؟ و..."
قبل ما يكمل الباب كان مقفول في وشه....
أنا كان ممكن أفتح الباب وأمشي لكني فضلت، مش عشان قوة خارقة زي المرة اللي فاتت، عشان مقدرتش أسيب جدتي وكنت عايزه أفهم أكتر الوضع، صحيح مكنش ليا دور لحد وقتها، لكن برضه قلت يمكن أستوعب وأنقذ الموقف اللي مش مفهوم ده، كفاية إن جدي خرج بره البيت...
"جميلة" و"جنات" مخدوش بالهم مني من الدهولة اللي كانوا فيها واستعجالهم في أيًا كان اللي بيعملوه، رجعوا على أوضة جدتي والضرب اشتغل تاني، المرة دي بعصاية المقشة!
ورجعت من تاني جدتي تصرخ ومعاها صوت ضحك...
استجمعت شجاعتي ودخلت عليهم، أول ما فتحت الباب لقيت هبو فظيع، سخونة جو مش طبيعية...
الاتنين كانوا نازلين فيها ضرب...
زعقت فيهم :
"سيبوها لحسن أطلبلكم البوليس، سيبوها حالًا"
"جميلة" ردت:
"مش هينفع"
"ليه؟"
"عشان دي مش ماما"
"أمال مين؟"
"دي جن"!
= نعم؟ جن؟ يعني إيه؟
-تعالى يا "قاسم" أحكيلك حدوته.
= حدوته؟
-اه، ركز فيها أوي.... كان ياما كان....





































