"مواجهة جماجم بالتعلب"
"غريب أمر "مهيطل" هذا حتى يتكبدوا عناء تعيين عميل لمراقبته وكتابة تقارير عنه دون أن يتجرأوا على المساس أو الإطاحة به، أشعر أن الأمر يتعدى الظاهر وما أطلعت عليه بكثير، هه يا خبر بفلوس"
قطع كتابة "جعيدي" وتأمله طرق الباب. مشى نحوه بخطى ثقيلة وفتحه.
-حضرت حاجتك ولانش بوكسك وكله تمام؟
-تمام يا عميل 008.
إنطلق الإثنان وتوجها إلى قسم "الملفات السرية أوي". لم يعلم "جعيدي" بالضبط ما الذي ينتظره وماهية هذا القسم والمهام التي ستوكل إليه، لم يكن لديه أدنى توقع عن "مهيطل" وطباعه ومظهره.
كان المبنى ضخمًا ، قديمًا، موحشًا ومهترئًا. وقف الإثنان أمام المصعد ينتظران وصوله. كانت دقائق حرجة للغاية حيث وضع "جعيدي" في إحدى تلك المواقف التي شعر بها أنه مجبر على فتح مواضيع لكسر الصمت العجيب. تأخر المصعد وكان عليه أن يتصرف.
-وايه أخبار المهمات المستحيلة؟
-مستحيلة جدًا.
-عجبتني فكرة البرنيطة اللي هتاكل من البالطو حته.
-أخدت بنتي في البلاك فرايدي بتاع الوكالة وهي اللي نقتهالي.
-يا ما شاء الله وكمان عندك بنت وقادر تفتح بيت؟
أخرج العميل "008" بضعة صور من جيب البالطو ليعرضها عليه ضمت أفراد عائلته وقبل أن يتسنى لجعيدي مشاهدتها عن قرب هبط المصعد ليحدث غيمة دخان هائلة وصوت مدوي أقرب للإنفجار.
تثبت"جعيدي" مكانه في فزع، ملامحه جامدة وقلبه ينتفض.
-جرى ايه ما تبقاش عميل توتو يلا إدخل.
-طب ما تدخل أنت الأول؟
-إدخل يا عميل جعيدي!
دخل "جعيدي" المصعد ودلف وراءه العميل "008" وما إن أُغلق الباب حتى إنطلقت موسيقى "المال والبنون" من حيث لا يدري "جعيدي" مما زاد من غموض ورهبة المبنى المهجور وظلت الموسيقى دائرة لوقت طويل حيث صعد المصعد بسرعة 1/1000 متر في الساعة.
وأخيرًا الوصول الحميد. أشار العميل "008" إلى "جعيدي" بالسير في إتجاه معين حتى وصلا إلى مدخل شقة عتيق تكلل بباب ضخم برزت منه جمجمة "ثعلب" في المنتصف. مد العميل "008" يده وادخل سبابة اليد اليمنى واليسري في مقلتي الثعلب الفارغتين في ذات التوقيت لُيتحرك الباب ويُفتح ببطء.
طرقة طويلة قاتمة وجدران أكثر قتامة وضوء خافت يكشف بالكاد ملامح المكان. ثم غرفة مغلقة بجانبها غرفة وغرفة أخرى. مد العميل "008" يده إلى المقبض وفتح الغرفة الأولى.
-يلا بقى عشان أعرفك على زمايلك... ده المحاسب بتاعنا الأستاذ "عبد البارىء" هو اللي بيحضر الفواتير ويقفلها بعد كل عملية ملف سري أوي ووصولات النور والسباكة والكلام دهون... دي مدام "عفاف" بندلعها نقولها يا "فوفا" مترجمتنا الجهنمية خريجة ثانوية صنايع والبخت ضايع تدربت لدى أنيس عبيد مع أرق التمنيات بمشاهدة ممتعة عشان لو في أي عناصر أجنبية في عملية من العمليات السرية أوي أو قراءة أمريكية إنجليزية إيرلندية بريطانية مش مفهومة هي هتكون معاك وتسمعك الترجمة الدقيقة عن طريق الشريحة الدقيقة اللي هنلزقهالك في دقنك.
ثم خرجا من الغرفة ودلفا إلى الغرفة المجاورة.
وقف رجلٌ برنسيس كُباره ملو هدومه أمام النافذة في نهاية الغرفة وأعطى ظهره للباب. لم يتحرك حتى بعد أن أدرك حركة ووجود بالغرفة.
-ده مديرك، مدير الملفات السرية أوي "عديل الجعجعوني".
إلتف " الجعجعوني" ببطء حتى كان في مواجهة "جعيدي". إقترب منه في خُطى بطيئة واثقة ثم قال:
-لازم تعرف أن الملفات السرية أوي سرية أوي وأننا ماسكين هنا قضايا غاية في الحساسية حساسة أوي، يعني ممنوع مناقشتها مع أي حد أيًا كان إلا مع الكراش بتاعك في سبيل فرد العضلات أو على عربية الفول في سبيل الترويح من غير تجريح أو قدام بياع الكشك في سبيل الإبتزاز والحصول على الكولا الإزاز.
-مفهوم، مفهوم يا فندم.
-تعالى بقى أوريك المطبخ وبعدين آخر وأهم محطة.
خرج العميل "008" وفي ذيله "جعيدي" وتوجها إلى المطبخ.
-زي ما انت شايف قدامك البوتاجاز أهو 3 عيون جنبيه الكاب بورد بيحتوي على السكر والملح والشطة لزوم المقالب وكيد الزملاء وفيه باكو قهوة وباكو نسكافيه وباكو فرابتشينو هما دول تموين الشهر كله لو خلصوا أنتوا ملزمين تجيبوا تموينكم، شايكم سكركم، عصيركم لبانكم، غزل بناتكم وطبعًا هتجيب من بكره المج بتاعك وتكتب عليه إسمك بالفلوماستر وتجلده بلون أصفر عصافيري.
مشى العميل "008" بخطى بطيئة للغاية وكأنه متردد ويخشى المحطة الأخيرة.
وقف فجأة أمام باب الغرفة الأخيرة التي لم تُفتح بعد، التف ونظر بعينين جاحظتين إلى "جعيدي" وقال:
-مستعد؟
-شوقنا أكتر شوقنا.
مد يده إلى المقبض وفتح الباب عن آخره....
تكدست الملفات والأوراق على المكتب حتى أخفت وراءها وجه العميل الجالس. وجد بخلف المكتب سبورة على مسند عريض متحرك تثبتت عليها كثير من الصور وقصاصات ورق الجرائد بدبابيس ملونة شفتشي.
-قوم يا عميل "مهيطل" سلم على شريكك الجديد وبوس راسه.
لم يرد "مهيطل" أو يتحرك.
-عميل "مهيطل" قوم من فضلك.
أخيرًا حرك "مهيطل" كرسيه حتى إبتعد عن الأوراق المتكدسة وأطل برأسه ليلقي نظره على العميل الجديد.
وقال بعد أن رسم إبتسامة خبيثة :
-هو انت بقى اللي باعتينك عشان تتجسس عليا وتبوظ مجهود السنين وأصبح أنا حزين...
تو بي كونتينيود
#يتبع
#الملفات_السرية_أوي
#مهيطل_وجعيدي_في_مواجهة_المستحيلات
#ياسمين_رحمي