مدينة خالية من السكان...بدل فضائية وأطباق طايرة...صحرا بتخفي غابات...عرش للشيطان...مناطق محظورة...وسفر عبر الزمن...باختصار "كهوف الطاسيلي"...
في يوم من الأيام في تلاتينيات القرن اللي فات راجل إسمه "برينان" وقع على كنز رهيب، مش صندوق ولا تابوت ولا أوضة فيها توابيت وصناديق وجواهم جواهر، دي مدينة كاملة مساحتها تقريبًا 12000 كيلومتر...
"برينان" استعان بواحد من سكان البلد واسمه "جبرين محمد" واللي كان عنده خبرة جغرافية كبيرة عن بلده "الجزائر" عشان يستكشف صحاري الجزائر، لكن اللي لقاه متوقعوش أبدًا...
"برينان" اكتشف في وسط الصحرا كهوف جواها آثار لحضارة عظيمة...
الآثار كانت عبارة عن رسومات غريبة مشافش زيها، غريبة لدرجة إن يقال إنه لأول وهلة مكنش قادر يحدد هل النقوش دي قديمة فعلًا ولا لسه مرسومة من كام سنة بس...
وده عشان الرسومات كان بتصور ناس بيطيروا في الفضاء على أجسام غريبة لابسين بدل فضاء ورجالة وستات لابسين لبس مودرن، الستات مثلًا لابسين فساتين بقصات وأشكال عصرية بتاعة القرن العشرين، وناس تانيين لابسين بدل غطس وبيغوصوا تحت الميه، ده غير رسومات الرجالة اللي بتجر أجسام إسطوانية...
ده جزء بس من الرسومات، في رسومات تانية بتوضح طقوس دينية وحيوانات معروفة زي البقر والخيول والفيلة والزرافات وحيوانات منعرفهاش، كإنها حيوانات إسطورية...
مش بس الحيوانات اللي زي ما تكون طالعة من فيلم خيال علمي هي اللي كانت غريبة، دي كمان الحيوانات اللي نعرفها، وده لإنها كانت مرسومة وسط جناين وأنهار وخضرة، إزاي؟ مش دي المفروض صحرا؟
آلاف الرسومات الغامضة لحضارة غامضة أبهرت العالم ولسه لحد دلوقتي مش قادرين نحل ألغازها...
الكهوف هي عبارة عن تشكيلات لصخور بركانية ورملية شكلها غريب جدًا، يعني من أول ما تدخل المدينة من قبل حتى ما تشوف الكهوف هتحس إنك في مكان مختلف، مكان مهيب، بوابات لعالم غامض وخيالك هيسرح من غير ما تشوف الرسومات، فما بالك بقى لما تشوف الرسومات العجيبة؟
وده خلاها من أكبر المتاحف المفتوحة للرسوم الصخرية في العالم...
حسب المتخصصين الرسومات عمرها حوالي 30 ألف سنة وده اتوصلوا ليه عن طريق تقنية اسمها المسح الذري، أنهي حضارة دي اللي عمرها 30 ألف سنة؟
بالنسبة للرسومات اللي بتوضح غابات وخضرة فالعلماء فسروا ده بإن المدينة دي، اللي في وسط الصحرا مكنتش صحرا...
المنطقة كانت جنة، خضرة ونباتات وأشجار وأنهار بتجري فيها، لإن في العصر الحجري الخريطة كانت مختلفة شوية، والصحرا دي زيها زي الصحرا في أماكن تانية من الأرض كانت أرض خصبة، عليها خير كتير وده يفسر وجود حضارة، مدينة "سيفار" اللي عليها كهوف "طاسيلي" احتمال تكون من المدن اللي شالت عليها البشر الأوائل أو ما يسمى "الإنسان البدائي"، مع التحفظ على كلمة "بدائي" دي...
وما بين رسومات بتوضح عمليات صيد بري عن طريق أشخاص شايلين عصيان ورماح ورسومات بتوضح عمليات زراعة وتربية حيوانات زي الأغنام ورسومات عن خيل وجمال فده بيبين إن المدينة عدت بمراحل كتير والأرض اتغيرت خلال المراحل دي من صيد، لزرع، لتربية خيل وأخيرًا الجمال يعني بداية تحول الأرض من زراعية ونباتات لصحاري...
اللي يهمنا في ده كله نوعية معينة من الرسومات على الكهوف، رسومات المنطق بتاعنا يرفضها...
خلينا متفقين الأول إن صحراء "سيفار" مكنتش صحرا، كانت أرض خصبة والناس أو "الكائنات" اللي كانت عايشة عليها كانوا مرفهين، يمكن ده يفكرنا بوصف لأصحاب حضارات في الكتب السماوية، ناس كانت بتعيش وسط رخاء مفيش زيه، لم يخلق مثلهم في البلاد...
الرسومات فتحت الباب على آخره، باب الألغاز، هل دي كانت مدينة أو دولة لبشر متقدمين جدًا ولا...كائنات تانية؟
مدينة "سيفار" لقبها هو..."مدينة الجن"، والأساطير الشعبية بتقول إن اللي بيدخل المدينة دي مش بيخرج منها حي، أو بمعنى أصح أماكن معينة فيها...
بمعنى إن في أماكن متعارف عليها، أجزاء الناس متعودة تروحها، دي مفيش فيها مشكلة، لكن في مناطق تانية محظورة، الداخل فيها مفقود والخارج منها مولود...
والرسومات الزاهية المذهلة مش بس عشان تفاصيلها والقصص اللي بتحكيها، كمان تقنية الرسوم والألوان يقال إنها ممكن متكونش من صنع البشر، أيوه، بما إنها "مدينة الجن" فالرسامين برضه من الجن...
طب السؤال هل دي حضارة جن والرسامين جن ولا حضارة بني آدمين واللي رسموها جن ولا حضارة جن ورسموها بني آدمين؟؟
أصل فيه رسومات بتعبر عن حاجات إحنا دلوقتي نعرفها، زي بدل الغطس وبدل رواد الفضاء، دي حاجات نتاج الحضارات البشرية لاستخدامات بشرية، ولا ممكن نكون استوحيناها من حضارات سابقة، حضارات غير بشرية؟...
في اشخاص مرسومين شبه البشر، لكن فيهم حاجة مختلفة، راسهم ضخمة وعماليق، وفي منهم وشوشهم مفيهاش الملامح بتاعتنا، عين واحدة مثلًا في وسط الوش...ده غير صور لأشخاص قاعدين في أجسام غريبة وخارج من تحتها لهيب، وده يشبه جدًا الصواريخ والسفن اللي بتروح الفضاء ...
هل ممكن يكونوا دول سكان من كوكب تاني؟
في نظرية بتقول إن "الفضائيين القدامى" اللي هم كائنات ذكية ومتطورة زاروا الأرض زمان زمان من مكان بعيد، جم على أطباق طايرة زي الإسطوانات اللي برضه مرسومة في الكهوف، وكان في ما بينهم وبين البشر اتصال، واستكمالًا للنظرية ممكن الفضائيين دول يكونوا علموا البشر جزء من التكنولوجيا بتاعتهم وده اللي عمل حضارة سيفار ويجوز حضارات تانية، وإلا إيه تبرير أشكال الكائنات دي وأطباقهم الطايرة اللي مش بس مرسومة على جدران كهوف طاسيلي، دي مرسومة ومذكورة في أماكن مختلفة في حضارات بعيدة عن بعض، ومش بس حضارات سابقة، ده لحد العصر الحالي نفس الوصف بتاع الأطباق الطايرة بيتكرر من ناس بيدعوا إنهم شافوها في السما في دول مختلفة....
وطبقًا للنظرية دي البشر حبوا إنهم يوثقوا الحدث العظيم ده، اللي هو تواصلهم مع الكائنات الفضائية فرسموهم على جدران كهوف طاسيلي زي ما رسموا حياتهم وأزيائهم والتكنولوجيا اللي وصلوا ليها....
وبما إننا طرحنا نظرية الفضائيين خلينا نسأل أسئلة مهمة، ليه الفضائيين مكنوش متخفيين من آلاف السنين وكانوا بييجوا زيارات ويعملوا اتفاقيات مع الناس، والناس بتستضيفهم وحاجة في منتهى الحلاوة، وليه الفضائيين بيتخفوا دلوقتي؟
بمعنى، الكلام عن الأطباق الطايرة وزيارات الرماديين لكوكب الأرض في زماننا بيبقوا وفقًا لشخص واحد أو مجموعة صغيرة من الناس، لكن بالنسبة لنظرية زيارة الفضائيين لسيفار فالموضوع مكنش سري، الفضائيين مظهروش لمجموعة صغيرة، دول ظهروا لشعب كامل واتعاملوا معاهم وكمان كانوا بيتبادلوا وياهم المعلومات والتكنولوجيا، ليه بقى ده مبيحصلش دلوقتي أو في العصور الحديثة؟ ما ده غريب برضه، لو كانت نظرية الفضائيين صح يبقى المفروض رحلاتهم تتكرر، ونكون عاملينلهم مطار بمهبط مخصوص وبننقل أخبارهم على التليفزيون!
وده بينقلنا للنظرية التانية...
قارة "اطلانتس" المفقودة...
القارة اللي طيرت عقل ناس كتير، واللي أول واحد أتكلم عنها بشكل مفصل "أفلاطون"، الحضارة العظيمة اللي كانت أكبر حضارة في وقتها، والأكثر تطورًا واللي في يوم وليلة اتخسف بيها الأرض، الله أعلم بالسبب، النظرية دي بتقول إن "سيفار" هي هي أطلانتس وده يفسر تطور الفنون عندهم وتقنيات الرسم المذهلة دي وأشكال التطور في مختلف المجالات حتى الأزياء...
لكن في مشكلة صغيرة في النظرية دي، "أفلاطون" لما حكى عن زيارته لمصر قال إن الكهنة حكوله عن قصة عرفوها من أجدادهم، القصة عن قارة عظيمة، وصلوا لتطور رهيب، واختفت فجأة، ممكن تكون غرقت أو حصل لها كارثة تانية طبيعية أو أسباب تانية، المهم إنها قريبة من أعمدة "هرقل" ورا جبل طارق، يعني في جنوب شبه جزيرة إيبيريا، مش في الجزاير...
طب ما ممكن ميكونش المقصود إن حضارة أطلانتس نفسها قامت على مدينة "سيفار"، ويكون التفسير الحقيقي هو إن بعد ما القارة غرقت، الناجيين منها انتشروا في الأرض ما بين كذه دولة، من ضمنهم مصر ويجوز "سيفار" وهناك نقلوا للسكان أسرار الحضارة بتاعتهم وكل الخبرة اللي عندهم...
النظرية التالتة بتقول إن سكان المنطقة دي من آلاف السنين هم أحفادنا!
اه، زي ما سمعتوا كده، سكان المنطقة دي هم أجيال لسه مجوش، أجيال وصلوا للآلة اللي بالنسبالنا هتعمل ثورة في الحضارة البشرية، آلة السفر عبر الزمن، ليه بقول بالنسبالنا، لإن لو على فرض إننا فعلًا قدرنا نوصل لتقنية أو آلة تخلينا نروح زمن تاني، فده بمقايسنا إحنا جديد وثوري وبيغير مجرى الأمور، لكن في الحقيقة هو هيبقى بالفعل مكتوب ومُقدر ومعروف عند الله سبحانه، المهم إن أصحاب النظرية العجيبة دي بيقولوا إن تفسير الرسومات بتاعة المعدات المتطورة اللي المفروض وصلنا ليها في عصرنا أو عصور قريبة والأزياء اللي بتواكب الموضة بتاعة دلوقتي إنها ببساطة اترسمت من حد عاش في عصور مش بعيدة، الأكيد إنها مش وقتنا لإن لحد دلوقتي محدش وصل للتقنية دي، لكن ممكن في المستقبل، وتكون الأزياء رجعت موضة والمعدات لسه موجودة بشكلها الحالي أو بشكل متطور شوية ولو هنمشي للآخر مع النظرية دي ممكن نزود ونقول إن المسافرين عبر الزمن هم اللي عملوا حضارة سيفار بنفسهم او تعايشوا وسط أهالي سيفار ونقلولهم خبرتهم، ويقال إن في اختلاف على مصير المسافرين، في اللي قالوا إنهم مرجعوش لزمنهم، مقدروش يرجعوا لعطل ما في الآلة أو تقنية التنقل عبر الزمن وقعدوا واندمجوا وبقوا من سكان الماضي وفي قال إنهم رجعوا تاني لزمنهم في المستقبل...
النظرية الرابعة بتقول إن ببساطة في حضارة متطورة نشأت في المكان ده، وأصحاب الحضارة ربنا وهبهم عقول مميزة وباجتهادهم بنوا الحضارة دي، وكل اللي المرسوم في الكهوف هو بمجهوداتهم الشخصية، لا سكان قارة مفقودة جم علموهم ولا فضائيين ولا جن ولا ناس جايه من المستقبل...
والنظرية دي تعتبر أخطر نظرية فيهم!
أيوه، لو فعلًا افترضنا إن الحضارة اللي شايفين معالمها مرسومة قامت بمجهود ذاتي فده معناه إننا بنلف في دواير، يعني الحضارة البشرية لما بتوصل لقمة تقدمها واكتشافاتها العلمية والتكنولوجية بترجع تاني لنقطة الصفر، بنرجع للرعي والصيد والتعايش مع البرية!
العلماء مختلفين في تقدير عمر الرسومات ما بين 5000 ل30 ألف سنة، وأيًا كان التاريخ المظبوط فتخيلنا عن الإنسان في الفترة دي إنه بدائي، مش إنه عاش في أوائل الوجود البشري على الأرض، لأ إنه عاش حياة بسيطة وبدائية وفقيرة....
ووجود دلائل لحضارة متقدمة بالشكل ده بتمسح تقديرنا بأستيكة! ولو صح الكلام ده فمعناه إن ايًا كانت التكنولوجيا اللي وصلنالها والأجهزة اللي فاكرين إننا أول اللي اخترعناها، فاحنا غلطانين! الصواريخ، الطيارات، الفساتين والأزياء بقصاتها المختلفة، يمكن حتى الأسلحة النووية كلها مش جديدة على البشرية، وممكن حضارة أقدم حتى من حضارة الفراعنة يكونوا اخترعوها قبل كده، وبعد ما وصلوا لأقصى تقدم حصلت حاجة، جفاف، زلزال، بركان، أو كارثة بسبب تقدمهم، حرب نووية، حرب بيولوجية، أيًا كان، وباختلاف الأسباب رجعنا تاني لنقطة الصفر وبدأنا الدورة من أول وجديد، زي كده دورة الأرض الخضرة والصحرا!
زي ما بتحصل دورة للأرض بتقعد آلاف السنين بتبقى صحرا وبعديها خضرة وغابات وترجع من تاني صحرا، كل حاجة عبارة عن دايرة بنلف فيها!
النظرية الخامسة اللي بوعي أو بدون وعي سكان الجزاير كونوها عن "سيفار" جت من تسميتهم ليها ب"مدينة الجن"، وده بسبب الغموض الرهيب اللي في المدينة الميتة دي اللي بيخلي ليها رهبة، لحد دلوقتي في مناطق معينة بس اللي مسموح للناس تدخل ليها وعلى شرط يبقى معاهم دليل من أهل المناطق المحيطة يبقى مرشد ليهم، والمناطق التانية محظورة بدليل أو من غير دليل، وده تحت إشراف من القوات الأمنية في الجزاير وطبعًا الغموض ده خلى الخيال يسافر والناس تتخيل إن الموضوع ممكن يكون ليه علاقة بقوى خارقة للطبيعة، نقول مثلًا...جن..
هل ممكن يكون تصورنا عن السكان غلط، يكونوا من طبيعة مختلفة، مش بني آدمين من الأساس؟
الساحر المعروف أليستر كراولي قرر إنه يعمل مغامرة ويروح مع جماعة بيتبعوه لمدينة سيفار، "مدينة الجن" وفعلًا راح هو والمجموعة، اللي اختلفت الأقاويل عليهم، وفي مقولة بتقول إنهم كانوا 100 شخص واللي رجع شخص واحد، هو "كراولي"!
الباقي كلهم ماتوا في ظروف غامضة...
في اللي قال إن "كراولي" صرح بإنه لقى عرش إبليس هناك واللي قال إنه ساب مخطوطات فيها رسومات عن حيوانات عايشة وسط جناين وأنهار، وده معناه إنه اكتشف الجزء الخفي من "سيفار"...
وهل لو الجن هم اللي عاشوا ولسه عايشين هناك فبسبب قدراتهم على التنقل بالذات قبل ولادة النبي عليه الصلاة والسلام يكونوا قدروا يشوفوا لمحة من المستقبل بتاع البشر، شافوا بدل الغطس وبدل رواد الفضاء وكمان الأطباق الطايرة بتاعة الفضائيين ورسموا الحاجات دي على الحيطان؟ يمكن...
خليني في الآخر أنوه إن مفيش نظرية منهم مؤكدة ولا حتى قصة ولا تصريح ولا أحداث من اللي بتتنقل، الله أعلم بصحتهم والعهدة على الراوي، المؤكد إن "كهوف الطاسيلي" ورسوماتها بتشكل لغز كبير حير العلماء...
إنتوا إيه رأيكم، هل هي حضارة جن، فضائيين، سكان حضارات عظيمة سابقة زي أطلانتس، مسافرين عبر الزمن ولا ناس عادية عملوا حضارة زي بتاعتنا ووصلوا للي وصلناله لا إيه؟
"تمت"