التف "جعيدي" خلفه بإبتسامة عريضة بإتجاه "مهيطل" لكنه لم يجده! وكأنه فص ملح وذاب، لا يوجد في أي مكان، كيف إختفى بهذه السرعة.
-عميل "جعيدي" أنت كويس؟
-أنتي مين يا ست؟
-أنا العميلة "ست الحسن" من مؤسسة الملفات الخطيرة أوي.
-ايه ده أنتي من مؤسسة الأعداء المنافسين.
-لأ متقلقش بشتغل هناك بس أوقات بتعامل معاكم هنا، أنا جاسوسة مزدوجة.
-اه إذا كان ده ماشي.
-مالك يا عميل "جماجم" سرحان كده ليه متغير ليه دانا قلبي عليك.
-معرفش "مهيطل" راح فين وليه مشي ، النهارده يوم عجيب جدًا حاجات من ورا الطبيعة بتحصل ورا بعضيها من غير هواده ولا فواصل.
-"مهيطل" مكنش هنا من الأساس، مش ممكن!
-قصدك إيه، شامم ف نبرتك غموض مش مريحني، يادي المُر ما ترسي بينا على بر.
-"مهيطل" هييجي ليه وهو مطلعك من دش الفقاقيع اللي كنت ناقع نفسك فيه عشان يكلفك بالأعمال المكتبية بعد ما كل الزملا روحوا وريحوا؟ وهييجي بالسرعة دي إزاي لو فرضنا أنه جه، هيوصل قبلك إزاي؟
-"مهيطل" بقى وألاعيبه ده أشقى عميل سري إتعاملت معاه.
-عميل "جعيدي" أنا لسه قافله مع عميل "مهيطل" كنا بنتكلم مكالمة فيديو عن طريق تطبيق فايسبوك ماسينجر عشان كان بيوريني غسالة الأطباق الجديدة بتاعته وكان في حالة إحتفاء وإحتفال ده غير أن الmessanger بيعلق فقال لي تعالي فيديو.
إنطلق صوت الرعد مصاحبًا للبيانو وصوت المطر ومرة أخرى إنطفأت الأنوار للحظة وعادت ثانيةً.
-الله! أمال مين اللي كنت لسه بكلم...
حركت كتفيها وهزت رأسها دون أن تعطيه إجابة.
-طب... أنتي يا "ست الحسن" ايه اللي جابك الساعة دي؟
-تم إستدعائي من إمبارح عشان أمر غاية غاية غاية في السرية والأهمية، مهمة عندكم محتاجيني فيها وبصراحة كنت الصبح مش فاضية بلم ف جمعيات وبنهي حسابات وفضيت بس من شوية وقلت أكيد "مهيطل" أو حد تاني هيبلغك بالتفاصيل والمستجدات، أكيد في حد هيتكلم ف أي لحظة.
ترامى إلى مسامع "جعيدي" موسيقى هادئة بعيدة ما لبثت أن علت، كانت أغنية "عبد الوهاب" "يا مسافر وحدك" وبرغم أنه أحب تلك الأغنية قبلًا إلا أنها لسبب ما أضحت الآن مريبة، غير مريحة بالمرة.
ربما يكون هذا القرار ساذجًا متهورًا لكنه قرر إتباع الصوت... ترك "ست الحسن" مدهوشة من حركته، واقفة مكانها، تراقبه بعينيها حتى غادر...
أهذا...مكتب المدير؟ "عديل الجعجعوني"، هو من يشغل الأغنية؟ حقيقي؟ أيُعقل؟ متى أتى أم كان هناك شخصًا آخر في مكتبه؟......
لم يكن باب غرفة المكتب موصدًا....قام "جعيدي" بدفعه رويدًا رويدًا حتى فُتح عن آخره...
وقعت عيناه أولًا على إسطوانة يحملها جرامافون ضخم عتيق آخر شياكة ثم لمح "عديل الجعجعوني" يقف كعادته قرب النافذة يحملق بها..
-عميل "جعجعوني"؟
-عميل "جماجم" مرحبا!
-ايه اللي بيحصل ده إليه اللي أنا شايفه ده؟
-خير يا عميل؟
-خير ايه، أنت ايه اللي جابك الساعة دي المكتب وبتبص على إيه والدنيا ضلمه، هو انت مشغل اللمبة السهاري بدل اللمض العادية مع الموسيقى الكلاسيكي المثيرة، هو في ايه؟
-أنا المفروض أوجهلك نفس السؤال.
-أنهي سؤال فيهم؟
-ايه اللي جابك الساعة دي يا عميل "جعيدي"؟
-"مهيطل" كلمني وقال لي أرجع تاني عشان أعمال مكتبية.
-جميل.
-هروح أجيب العميلة "ست الحسن" وااجي.
إنتابت وجه العميل "عديل" زرقه، حدق ب"جعيدي" وإنفرج فاهه عن آخره.
-إوعى تقول!
-ال...العميلة "ست الحسن" دي شكلها عامل إزاي؟
-أبدًا مركزتش أوي بس طولها 160 سنتي ووزنها 58 ،شعري بني غامق مع شوية خصلات بني فاتح وده يدل إنها كانت أقرب للشقر وهي صغيرة، عيناها واسعة والرموش السفلى عندها كثيفة مما يدي إحساس إنها متكحلة طبيعي، عندها مطرح غرزة ف حاجبها الشمال، شقاوة عيال بقى وهي صغيرة تلاقيها عاملت حادثة بينما كانت بتلعب مع العيال التانيين وشكلها معجبة بالعميل "مهيطل" وبتقول إنها من مكتب "الملفات الخطيرة أوي" وإنها بتتعاون معانا من وقت للتاني و...
-بااااس كفاية، فعلًا دي العميلة "ست الحسن"...
-طيب تمام كويس جدًا.
-وهي كانت فعلًا بتتعاون معانا لحد ما ماتت من 50 سنة!!!
هز "جعيدي" رأسه في حركة هستيرية وقال:
-لأ..لأ مش ممكن وبعدين أنت يعني حضرتها ،إزاي هتعرف حد كان موجود من 50 سنة؟
-عشان دي من الشخصيات البارزة اللي بتدرس هنا وف كل مكتب مخابراتي خطير، كانت من أحوط العملا، أنت ماقرتش الكتالوج اللي إديتهولك أول ما جيت ولا إيه يا عميل؟
نظر "جعيدي" أرضًا في خجل..
-هي قالتلك إيه؟
-قالت إنها كلمت العميل "مهيطل" فيديو كول ووراها غسالة أطباق جبها جديد.
-غسالة أطباق؟! غسالة أطباق إيه يا "جعيدي" دي اللي يجيبها، ده مرتبكم يدوبك يجيب فلاية وكريم ما بعد الحلاقة.
-اه صحيح!
-وقالتلك إيه كمان؟
- كنت الصبح مش فاضية بلم ف جمعيات وبنهي حسابات.....
أدرك "جعيدي" وهو يلقي الإجابة المعنى العميق الحويط الرهيب في كلامها "بلم ف جمعيات" و"بنهي حسابات"...
-عميل "جعييييديي"
كان هذا صوتًا مألوفًا الذي ناداه من خارج غرفة العميل "جعجعوني" وتأكد "جعيدي" منه بعدما تكرر، كان...العميل..."008"....
"إلى اللقاء مع حلقات أخرى قريبًا في الكتاب الذي سينشر ورقيًا إن شاء الله وشكرًا لحسن الإستماع والتركيز والتمحيص"