قام "عواطف" في الصباح الباكر بكل همه وحيوية، ارتدى قميصه وبنطاله واتجه مسرعًا إلى كشكهِ "كانزات رقيقة"
ليفتحه ويستعد لاستقبال الزبائن. كانت هناك شبورة هائلة حجبت الرؤية أما "عواطف" فجلس منتظرًا هلول أي زبون. وصلت الساعة التاسعة صباحًا ولم يظهر أحد لكن لم يكن هذا أكثر ما أثار اهتمامه بل حقيقة ان الشبورة لم تخف! بالكاد استطاع رؤية يديه كما أن المناخ كان باردًا بشكل صادم هذا اليوم. كان هناك انخفاضًا فجائيًا في الحرارة إذ انه وحتى اليوم السابق كان المناخ معتدلًا بل مائل للحر.
لحسن الحظ تذكر صاحبنا وجود جاكيته ملقاة داخل الكشك منذ زمن، مد يديه مسرعًا وارتداها ودلدل الهودي على جبهته ووجنتيه الحمراوتين بسبب البرد القارص. ما الذي يحدث بالضبظ؟! وكأن الشارع قد خلا من البشر وصار مرتعًا للأشباح .
ظهر أخيرًا شابان حلوين كلهم حيوية ونشاط. التقطا بعض البسكويتات والشيبسيهات منتهية الصلاحية وبضع كانزات ليس بداخلهم صودا وبعض زجاجات المياه الصغيرة المملوءه من الحنفية ومحكمة الإغلاق. رفع أحدهما رأسه مبتسمًا إلى عواطف:
-ايه يا عمنا الجو ده، بيقولوا التغييرات المناخية والشبورة بسبب تجارب مصانع غزل البنات
-مفيش حاجة بعيدة يابني وممكن ده يكون سبب فرفة السلاحف في القطب الجنوبي.
-رزقك جي متقلقش.
-المهم يكون الرزق حلال كتير متصل افضل من قليل منقطع
-كام حسابنا كده؟
-٢٠
أخرج شاب ١٥جنيه من جيبه ثم مال إلى أذن الآخر وهمس، فأخرج الأخير بسكوتة "بسكريم" وبضعة لبانات "شيكلتس" ومد يده بهم والنقود قائلًا:
-كده معاك ١٥ وبالباقي البسكويت واللبان.
نط "عواطف" من مكانه منتفضًا إلى خارج الكشك كما النسناس المتسلق أشجار الموز وهو يمطرهما بأقذع الألفاظ.
أمامنا "عواطف"، وحش ضاري يشعر بالإهانة الشديدة بسبب فعلة الشابين، يميل بزاوية ١٢٠ ويتحرك بسرعة ٩٠ كم/الساعة، لديه أظافر طويلة مدببة إذ يهمل قصهم،خصم خطير لا يستهان به برغم امتلاكه لجسد ضئيل، الا ان عزيمته واظافره تعطي له قدر لا يستهان به.
في الناحية الأخرى هناك الشابين، في عز شبابهما وطيشهما، يجريان بسرعة ١٠٠ كم/الساعة لديهما عضلات انبتاها في تايجرز جيم وأرجل قوية ضربتها كافية لتطيح ب"عواطف" وتسقطه أرضًا. إنها معركة المخيف والضاري ولا يمكن التنبؤ بما سيحدث لاحقا ومن تكون له الغلبة.
في النهاية استطاع الشابان أن يسبقا "عواطف" مبتعدان واختفيا في قلب الضباب. نظرا خلفهما ولم يجداه فتعالت ضحكاتهما حيث فلتا بفعلتهما ولم يكونا يعلمان بما سيواجهما لاحقًا داخل الضباب….
يتبع